راجت في الآونة
الأخيرة العديد من المصطلحات بين طبقات المثقفين مثل "جلد الذات" و "الآخر" و
"التصالح مع النفس" وأخرها "الإبداع والمبدعين" ..

ومع كل مصطلح جديد يدخل
التداول نجده ينتشر بسرعة البرق وتتبادله الألسنة والأقلام وماكينات الطباعة ويتم
تفسيره وفقاً لهوى من يستخدمه ..

ولما كنا في منتدى أدبي وثقافي وجب علينا
التوقف قليلا لنناقش ظاهرة قديمة جديدة في طرحها تسمى الإبداع الأدبي والأدباء
المبدعين الجدد ..

ولكي نبدأ على المناقشة على أسس علمية سليمة يجب علينا
شرح عدد من التعريفات التي تنطوي داخل مصطلح الإبداع والمبدعين ..

أولاً :ـ تعريف الإبداع ..

اختلف العلماء في وضع واحد
تعريف للإبداع ..

ومن تلك التعريفات .. يعرف" ولك " الإبداع بأنه " التميز
في العمل والإنجاز بصورة تشكل إضافة
إلى الحدود المعروفة في ميدان معين "
Wallach ,1985 ويعرفه"
جيلفورد " بأنه سمات استعدادية تضم الطلاقة في التفكير

والمرونة والأصالة والحساسية للمشكلات وأعادة تعريف المشكلة
وإيضاحها
بالتفصيلات والإسهاب Guilford,1986 ويعرفه"
ويرتيمر " بأنه إعادة دمج أو ترجمة
المعارف والأفكار بشكل جديد..

ثانيا :ـ صفات المبدع
..

صفات شخصية مثل

* التواضع بكل ما
تعني هذه الكلمة .

* حساس ولديه روح الدعابة والفكاهة

* مهذب ولكنه
صريح ومستقل ولا يحبذ السلطة او التسلط

صفات ذهنية
مثل

* امتلاك قدرة عالية على التفكير ويحب التجديد

* امتلاك
ذاكرة قوية في بعض الأمور,وقاد ر على الإلمام با التفاصيل

* مثقف ولديه
معرفة واسعة

* يحتاج إلى فترات تفكير طويلة

* لديه قدرة عالية على
تلخيص الأراء

صفات نفسية مثل

* متفائل
بطبيعته

* يعتمد كثيرا على احاسيسه ومشاعره

* قوة الإرادة


* عنيد لا يتخلى عن رأيه بسهولة

* يتميز بطموح عالي جدا
..

وبالتأمل في التعريفات والصفات السابقة نجد ان صفة مبدع لها
اشتراطات
صعبة التحقق ولا يجب أن يتم إطلاقها على كل من أمسك
قلما ويجب أن تطلق فقط على
المبتكرين والمجددين ففي المجتمع
المادي تطلق على المخترعين من أمثال الرجل
الذي
أخترع "الماوس" وهو الإنجليزي دوجلاس انجيلبارت والذي أخترعه
عام 1969 م
هو مبدع بالتأكيد لأنه وضع حل لمشكلة صعوبة
استخدام لوحة مفاتيح الحاسب الآلي
أما الذي ينتج الماوس
بأشكال وألوان كثيرة ليس له من الإبداع في شيئ
..

واذا نظرنا بنفس العين لمجتمعنا الأدبي المعاصر فسنجد
أن أصحاب القلم
ينقسمون الى عدد من الفئات هى ..

الشعراء .

الأدباء
.

المفكرين.

الصحفيين.

أولا :ـ الشعراء
..

ينقسم الشعراء في عصرنا الحالي إلى قسمين ..

* شعراء
تقليديون ما زالوا يتمسكون بتقاليد الشعر القديم
وقواعده وينسجون قصائدهم
الشعرية على منواله وليس لهم من
الإبداع من شيئ لأننا لم نسمع عن أحدهم وقد وضع
تفعيلة جديدة
أثبتت صحتها وجدارتها.

* شعراء الحداثة وهم النسبة الأكبر
ويتبنون ما يطلق عليه
الشعر الحر وتدور بينهم وبين التقليدين حرباً ضروس حول
أسس
الشعر وقواعده .. ومن وجهة نظري ان الحداثيين لا مكان لهم وسط المبدعين
أيضا شأنهم شأن التقليدين لأنهم أصروا على
تسمية إنتاجهم شعراً متجاهلين
تقاليده وقواعده وأعتقد أنهم
لو ابتعدوا عن تلك التسمية وابتكروا تسمية أخرى
لما يقولونه
لأصبح من الممكن الدخول معهم في نقاش جاد.

ثانيا الأدباء ..

وهم أصحاب الروايات والقصص الأدبية
بمختلف أنواعها وأشكالها
ودائما ما يعملون تحت ضغط مواعيد التسليم لماكينات
الطباعة
وعدد الأوراق وحجمها ويتركز تفكيرهم على العائد المادي
المتوقع
حصولهم عليه وأقصى طموحهم أن يتحول إنتاجهم إلى عمل
مرئي أو مسموع وفي وسط تلك
الضغوط والطموحات يبتعدون دون أن يشعروا عن معنى ومفهوم الإبداع ويركزون جل جهودهم
على كسب ود
الناشر والقارئ من خلال الخروج عن المألوف وإثارة الغرائز والتعرض
للمقدسات وإنتهاك المحرمات كل ذلك تحت عنوان عريض هو أنه لا حكر على الإبداع ولا
أدري أي إبداع يقصدون.



ثالثا
المفكرون.

وهم قلة قليلة ويتركز عملهم على التصدى لمشكلة ما
بالتحليل
والدراسة للخروج باستنتاجات وبراهين دامغة تعيننا على فهم
تلك
المشكلة ومعرفة تداعياتها على حاضرنا ومستقبلنا ولا أكون مبالغاً انهم إذا اخلصوا
في عملهم سيمثلون دولاب الحركة
التي تعتمد عليه الثقافة العربية بكل مكوناتها
الشعرية
والأدبية .

رابعا الصحفيون.

وهم
الفئة الأخيرة ممن يطلق عليهم أصحاب القلم وإن كانوا
الأعلى صوتاً والأكثر شهرة
للدرجة التي دفعت الكثير من الشعراء والأدباء والمفكرين إلى العمل في مجال الصحافة
لنيل الشهرة
وترسيخ أسمائهم لدى القراء ومن وجهة نظري أعتقد
أنهم
"الصحفيون" أبعد تلك الفئات عن الإبداع حيث يتركز عملهم
على إعادة سرد أحداث
وقعت بالأمس بتاريخ اليوم وتتوقف كفاءة
أدائهم على معايير كثيرة أهمها مدى
قربهم من دوائر صنع القرار ..

في النهاية ..

أضع
التساؤل أمامكم من جديد ..