قصة التتار (40)[size=32] التتار
( قطز ومواجهة التتار)[/size]
[size=32]مشكلة عكا والحل الدبلوماسي(40) [/size]
ملخص المقال ما هي مشكلة عكا التي قابلت الجيش الإسلامي؟ وكيف كان حلها؟ والجهود الدبلوماسية التي قام بها قطز .
أثناء تجهيز قطز الجيش المصري كانت هناك جهود دبلوماسية ماهرة يقوم بها قطز لتمهيد الطريق إلى اللقاء الكبير المرتقب مع التتار. لقد كانت هناك أجزاء ليست بالقليلة من فلسطين ولبنان وسوريا -خاصة على ساحل البحر الأبيض المتوسط- محتلة من قبل الإمارات الصليبية، فكانت هناك إمارات صليبية في عكا وحيفا وصيدا وصور وبيروت واللاذقية وأنطاكية وغيرها.. وكانت أقوى هذه الإمارات مطلقًا هي إمارة عكا في فلسطين، وهذه الإمارة تقع في طريق قطز إذا أراد أن يحارب التتار في فلسطين.. فماذا يفعل قطز مع الصليبيين في عكا؟! تعالوا نفكر مع قطز: أولًا: الصليبيون أعداء الأمة كما أن التتار أعداء الأمة، بل إن الصليبيين -كما أشرنا قبل ذلك- أشد خطرًا على الإسلام من التتار؛ لأن حرب التتار حرب همجية ليست لها جذور ولا أهداف ولا قواعد، فهي لمجرد التدمير، لا لشيء غير التدمير، أما المشروع الصليبي في أرض الإسلام فهو مشروع مختلف، فالصليبيون يحاربون المسلمين حربًا عقائدية، والكراهية شديدة في قلوبهم للمسلمين، وتخطيطهم لحرب الإسلام نفسه، بينما كان التتار يحاربون أي بشر وأي حضارة، والمشروع الصليبي يهدف إلى الاستيطان في بلاد المسلمين، وإحلال النصارى مكان سكان البلد المسلمة الأصلية سواء في فلسطين أو في سوريا أو في لبنان، وشتان بين احتلال الشعوب واحتلال الجيوش! الجيوش التترية ليس لها -مستقبلًا- إلا المغادرة لا محالة، أما الشعوب الصليبية المستوطنة فقد جاءت لتعيش في هذا المكان.. فكون الصليبيين يحاربون من منطلق عقائدي، وكونهم يحاربون ليستوطنوا في البلاد، وليعيشوا فيها يجعل خطورتهم أكبر من خطورة التتار، مع أن الحروب التترية أشد فتكًا وأكثر تدميرًا من حروب الصليبيين، وكلاهما مُرّ.. فقطز يعلم أن الصليبيين أعداؤه كما أن التتار أعداؤه، ولا بُدَّ أن يوضع هذا في الحسبان. ثانيًا: تاريخ التعاون الصليبي مع التتار قديم ومعروف، فهم الذين رغّبوا التتار أصلًا في بلاد المسلمين من أيام جنكيزخان، وهم الذين ساعدوا هولاكو على إسقاط بغداد ومدن الشام، وما تحالُف التتار مع الأرمن والكُرْج وأنطاكية ببعيد.. فوارد جدًّا أن يصل التتار إلى تحالف إستراتيجي خطِر مع الصليبيين في عكا. ثالثًا: مع كون هذا التحالف الصليبي التتري أمر وارد، فإن قطز كان يعلم أن الصليبيين في عكا يكرهون التتار -أيضًا- كما يكرهون المسلمين، وهم لا يكرهونهم فقط بل يخافون منهم كذلك.. فالتتار لا عهد لهم أبدًا.. ومذابح التتار الجماعية مشهورة، وفظائعهم في شرق أوربا وفي روسيا لا تُنسى، وأعداد النصارى الذين قُتلوا على أيدي التتار لا تحصى، كما أن نهب إماراتي صيدا وبيروت على يد التتار لم يمضِ عليه إلا شهور قليلة.. هذا كله بالإضافة إلى الحقد الصليبي الرهيب على هولاكو؛ لأنه فرض بطريركً