متحان بين اروقة المحاكم باركوا لي إخوتي الأخيار، لقد اصبحت خضار



خرجت صباحا مُرغما،لأقتني ما أُزّين به مائدتي في رمضان،كما يفعل كل رب اسرة مسلما،تقاذفتني طاولات الخُضر ومحلاتها بحثا عن الأجود،فأن اعرف بأن السعر لونه واحدٌ وهو " الأسود"، فاشتريت ما لذ وطاب،وفضلت أن لا أكون كالذي خرج وخاب.


عدت للبيت متعبا ، والحرارة والصيام جعل قدرتي على الحركة مُسلبا،ارتميت امام مكيف الهواء،فعادت روحي وكأني شربت جرعة ماء، فغفيّتُ .. ورأيت فيما يرى النائم أن أحد اصدقائي طلب مني مساعدته في بيع الخضر على طاولته ، فكان لي الشرف ان اصبح خضار في افضل الشهور،عند الخالق الجبار.

أستيقظت باكرا.. وطلب مني صديقي ان أضع طيبتي تحت الطاولة لأكون ماكرا،،، رتبّنا السلعة ورششناها بمادة لمّاعة لتصبح بلون العسل (ونحن نعرف بأنها خطرا على الصحة) ولكن نعرف ايضا بأن المواطن نظيف لا يأكل الفاكهة الا بعد الغسل،وغطينا الفاكهة والخضر ببلاستيك شفاف وجذاب،كالذي يُغطى به كعك العروسة أتقاء للغبار والذباب،

لم احتاج لفواصل اشهارية كثيرة حتى حلّق حولنا الزبائن،فرحت اصيح : قرررربوا لتشتروى ما يحلي لكم الحريرة،،، التالي مايلحقش " تعلمت هذا فالافوار" هذه فواكه كوول واتمنى ، اشتري يامواطن و " قلّش" الاولاد والزوجة والحنى ـ يعني الجدةـ ،البطاطا فقط ب60 دينار والعنب التمنراستي ب 250 دينار،تعالى لتُفرح به اهل الدار،أشرت بأن السلعة لا تحتاج للفرز،فهي كلها جيدة، وأشرت لصندوق من الكرز،،، كيلوا السلاطة ربطت معه ربطة قسبوور ليسهل عليا لجيب المواطن العبور.
أستعنت بصديقي في البحث عن دلاعة زينة ،، ففتحناها ووضعناها على جانب الطاولة ، كانت حمراء تسرّ الناظرين ،من خلالها استطعنا ان نتحرش بالمواطن الذي يصبح في رمضان ملهوف،يرى حبات الكرموس الصغيرة على طاولتنا كأنها الملفوف ، كنت انادي اصدقائي كلما مروا بجانب طاولتنا ومن خجلهم نجعلهم " بالسيف " يقتربون ، من طلب كيلوغرام أزن له أثنان،ومن اشترى الخس أُضيف له كيلوغرام من " البنان"...

جاءتنا فرقة من الأمن الوطني ،فاقترب مني قائدها يخبرني بأن البيع في هذا المكان ممنوع، فرحتُ اتوسل اليه وانا أبحث عن أكبر دلاعة،فقلت له هذه هديتنا لك بمناسبة عودة الرئيس،فأنتم أحق بأكل " نخبه "وغدا سأحضر لك " شوية رفيس " ابتسم وقال لصديقي : ضع في سيارتي هذه الدلاعة ، وغدا سأعود لأمانتي في مثل هذه الساعة.

أكتشفت فعلا لما يتلاعب الخضار في رمضان بالاسعار،فالناس تُصاب باللهفة وترمي بأنفسها في لهيب النار،فرفعت يديا للسماء ودعوت الله ان يعيننا على تجنب التبذير،وقبل ان اكمل حضر" الميّر" واعوانه وهم ينظمون السوق واهواله،وقبل ان يقتربوا مني رحت أصيح : " روحوا وخلّونا نخدموا على راسنا،اذهبوا لتوفروا الماءللمواطن،وأكسروا يد السونلغاز التي تتطاول على المواطن المغبون ،فتقطع الكهرباء وتُضعفُ التيار فتجعله في بيته أسوء من المسجون