أصل هذه المقامة وفهرس أخواتها تجده بالضغط هنا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قال عبد القادر الشروقي: ما العمل، وقد خاب الأمل؟ إذ أمَّلْتُ وما أَمْلَيْتُ، وتأمَّلْتُ فتألَّمْتُ، أ كُلِّلَتْ مقامتي بدمع الأجفان، وكُبِّلَت مقالتي عن دفع الأحزان، وما قلته إلا عن ظاهر، وما قِلْتُك يا بنت البيت الطاهر!
قال بنت الشروق : أعذرك ولا أعذلك !
قلتُ : صبرك على مَنْ فَذْلَكَ مِنْ فضلِك، فالتكلف في علم المقامة، كالتكفل بحلم المنامة! حِمْلٌ شِبْهُ وديع ذو هذيان، حُمِّل شَبَه بديع همذان! فاقبري مرارة الكَلام، واصبري على حرارة الكِلام، فهذا حال مزجي البضاعة، من مفردات قريش وقضاعة ! فلا يقصد أن يجرح بفضاعة، وإنما هو سجع الصناعة !
لكن حدثينا عن العائلة، و هل كانت الصدمة هائلة ؟
فحدّثت بعموم إخلاص، عما حَدَثَتْ من هُمُوم الإرهاص، قالت:
عاد أبي لبيتنا بالعمارة، ولقيته ببابها الجارة: اما سمعت بالقنبلة الحاصلة، التي أَرْدَتْ كالسنبلة الحافلةَ ؟
حملق فيها أبي، وحوقل منها الأبيّ، فالمصيبة أَنْسَتْ أختها، والنفس ما أَنِسَت لمنتهى، وما يدري المسكين، أن دمي يجري بلا سكين !

أطلّ الليل أو أوشك، فأحلّ في البيت ظن وشك، فتأخُّري عن البيت، كان لنار القلق كالزيت، وخصوصا أمّي، وكأنه أرقها دمّي، وكذلك كبرى أخواتي، وكأنها حُدِّثتْ بمماتي، فاتّصلَتْ بالجمعية، حيث خدمتي الفرعية، فأُخْبِرَتْ بأني خَرَجْتُ، وما خَبَرَتْ إلى أي واد دَرَجْتُ !
حارت إدارة الجمعية، وزارت الاستعجالات الظرفية، أين وجدوني مرمية!
فقلت أبلِغوا الأهل، واختاروا الاسلوب السهل،...
أخبَروا الأقارب، بعد أن أنصت الصمت عندهم لدقات العقارب، فكانت أشد من لسع العقارب
هبّ الجميع إلي، ودبّ الخوف علي، فيا لهف الوالدة، ورهف عاطفتها الخالدة.
لما رأتني أشفقَتْ، فقد ربتني وأرفقَتْ، لكن تبسمت حامدة، وبعزيمة جامدة، مسحت وجهي بالمنديل، وكانت لظلمة قلقي كالقنديل
هدئي بنيتي روعك، لعلك الله أراد رفعك،
أراك قبل القبر كان أغلى المُنى، و قراك على الصبر أصبح أعلى السنا، فغمغمي النبرات المزمنة، وكفكفي العبرات أيتها المؤمنة