°°((شهر الله المحرَّم - سنن ومحدثـات -))°° لفضيلة الشيخ أبي عبد المعز محمد علي فركوس-حفظه الله- -الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على مَن أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد: -فإنَّ من شرف الشهر الأوَّل من شهور السنة القمرية أن نسبه النبيُّ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم إلى ربِّه، ونعته بالشهر الحرام في قوله صلَّى اللهُ عليه وآله وسلَّم: «أَفْضَلُ الصِّيَامِ بَعْدَ رَمَضَانَ شَهْرُ اللهِ المُحَرَّمُ»(١)، والمعلوم أنه لا يضيف الله إليه إلاَّ خواصَّ مخلوقاته على سبيل التشريف والتفضيل، قال السيوطي -رحمه الله-: «سُئلتُ: لم خُصَّ المحرَّمُ بقولهم: «شهر الله» -تبارك وتعالى- دون سائر الشهور، مع أنَّ فيها ما يساويه في الفضل أو يزيد عليه كرمضان؟ ووجدتُ ما يجاب به: أنَّ هذا الاسمَ إسلاميٌّ دون سائر الشهور، فإنَّ أسماءها كلَّها على ما كانت عليه في الجاهلية، وكان اسم «المحرَّم» في الجاهلية: «صفرَ الأوَّل»، والذي بعده «صفر الثاني»، فلمَّا جاء الإسلام سمَّاه الله -عزَّ وجلَّ- «المحرَّمَ»، فأضيف إلى الله عزَّ وجلَّ بهذا الاعتبار، وهذه فائدةٌ لطيفةٌ رأيتُها في «الجمهرة»»(٢)، «ويُكْرَهُ أن يُسمَّى المحرَّمُ صفرًا؛ لأنَّ ذلك من عادة الجاهلية» كما ذكر النووي(٣)، ولعلَّ من عادتهم أنهم يُطْلِقون على شهرَيِ المحرَّمِ وصفرٍ لفظَ «الصفرين» من باب التغليب لا لكون المحرَّم اسمًا جديدًا حادثًا، قال الشيخ بكر أبو زيد -رحمه الله-: «إنَّ اسم «شهر المحرَّم» كان في الجاهلية يُسمَّى «صَفَرَ الأوَّلَ» وأنَّ تسميته محرَّمًا من اصطلاح الإسلام، وقد ذهب إلى هذا بعض أئمَّة اللغة، وأحسب أنه اشتباهٌ؛ لأنَّ تغيير الأسماء في الأمور العامَّة يُدْخِلُ على الناس تلبيسًا لا يقصده الشارع، ألا ترى أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم لَمَّا خطب حَجَّةَ الوداع، فقال: «أَيُّ شَهْرٍ هَذَا؟» قال الراوي (الصحابيُّ نُفَيْعُ بن الحارث رضي الله عنه): «فَسَكَتْنَا حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ»، فَقَالَ: «أَلَيْسَ بِذِي الحِجَّةِ؟» قُلْنَا: «بَلَى»، قَالَ: «..فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ بَيْنَكُمْ حَرَامٌ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا فِي شَهْرِكُمْ هَذَا فِي بَلَدِكُمْ …»(٤)، ثمَّ ذكر أثناءَ الخطبة الأشهُرَ الحُرُم فقال: «ذُو القَعْدَةِ وذُو الحِجَّةِ وَالْمُحَرَّمُ، وَرَجَبُ مُضَرَ الَّذِي بَيْنَ جُمَادَى وَشَعْبَانَ»، فلو كان اسمُ المحرَّمِ اسمًا جديدًا لوضَّحه للحاضرين الواردين من الآفاق القاصية، على أنَّ حادِثًا مِثْلَ هذا لو حدث لتناقَلَه الناسُ، وإنما كانوا يُطْلِقُون عليه وصفر لفْظَ «الصفرين» تغليبًا»(٥) بتصرُّفٍ. -هذا، وليس لأوَّل شهر الله المحرَّم نصٌّ شرعيٌّ صحيحٌ يُثبت تخصيصَه بالذِّكر والدعاء والعمرة والصيام لأوَّل يومٍ من السنة بنيَّة افتتاح السنة الهجرية بالصيام، ولا اختتامِها بالصيام عند نهاية السنة بنيَّة توديع العام الهجري، فما ورد من أحاديثَ في هذا الشأن فموضوعةٌ ومختلَقَةٌ على النبيِّ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم(٦)، كما لم يثبتْ في الشرع إحياءُ ليلة أوَّل يومِ المحرَّم بالصلاة والذِّكر والدعاء ونحو ذلك، قال أبو شامة -رحمه الله-: «ولم يأتِ شيءٌ في أوَّل ليلة المحرَّم، وقد فتَّشتُ فيما نُقِلَ من الآثار صحيحًا وضعيفًا، وفي الأحاديث الموضوعة فلم أرَ أحدًا ذكر فيها شيئًا، وإنِّي لأتخوَّف -والعياذ بالله- من مُفترٍ يختلق فيها»(٧). -ويقع في شهر الله المحرَّم يومٌ جليلُ القدر هو يوم عاشوراءَ المباركُ، وحُرمتُه قديمةٌ، إذ فيه نجَّى اللهُ تعالى موسى عليه السلام وبني إسرائيل مِن ظلم فرعون وجنوده، وأغرقه اللهُ وقومَه، فَقَدْ ورد في الصحيحين من حديث ابن عبَّاسٍ رضي الله عنهما: «أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدِمَ الْمَدِينَةَ فَوَجَدَ الْيَهُودَ صِيَامًا يَوْمَ عَاشُورَاءَ، فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا هَذَا اليَوْمُ الَّذِي تَصُومُونَهُ؟» فَقَالُوا: «هَذَا يَوْمٌ عَظِيمٌ أَنْجَى اللهُ فِيهِ مُوسَى وَقَوْمَهُ، وَغَرَّقَ فِرْعَوْنَ وَقَوْمَهُ، فَصَامَهُ مُوسَى شُكْرًا فَنَحْنُ نَصُومُهُ»، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَنَحْنُ أَحَقُّ وَأَوْلَى بِمُوسَى مِنْكُمْ»، فَصَامَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ»(٨). -ومن فضائلِه أنَّ صيامَه يُكفِّر السنةَ الماضية، لقوله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم: «أَحْتَسِبُ عَلَى اللهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ»(٩).
[size=32]النجاسة العالقة في ذيل ثوب المرأة للشيخ عبد الله بن محمد النجمي حفظه الله في الحديث عن أم سلمة -رضي الله عنها- أن امرأة سألتها: «إِنِّي امْرَأَةٌ أُطِيلُ ذَيْلِي وَأَمْشِي فِي الْمَكَانِ الْقَذِرِ فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: قَالَ رَسُولُ الله -صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُطَهِّرُهُ مَا بَعْدَهُ» يعني إذا مشت به على التراب فإن هذا التراب طهور له «يُطَهِّرُهُ مَا بَعْدَهُ». وهذا هو مذهب الجمهور في هذا والأكثر من أهل العلم، وأما المذهب الحنبلي فيقولون: لابد من غسله، ولكن هذا الحديث الصحيح الثابت في مسند الإمام أحمد وفي سنن أبي داود وفي سنن الترمذي يدل على ما ذهب إليه الأكثر، وهو أن التراب له طهور. القسم : الفوائد ميراث الانبياء[/size]
[size=32]
للشيخ عبد الله بن محمد النجمي حفظه الله في الحديث عن أم سلمة -رضي الله عنها- أن امرأة سألتها: «إِنِّي امْرَأَةٌ أُطِيلُ ذَيْلِي وَأَمْشِي فِي الْمَكَانِ الْقَذِرِ فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: قَالَ رَسُولُ الله -صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُطَهِّرُهُ مَا بَعْدَهُ» يعني إذا مشت به على التراب فإن هذا التراب طهور له «يُطَهِّرُهُ مَا بَعْدَهُ». وهذا هو مذهب الجمهور في هذا والأكثر من أهل العلم، وأما المذهب الحنبلي فيقولون: لابد من غسله، ولكن هذا الحديث الصحيح الثابت في مسند الإمام أحمد وفي سنن أبي داود وفي سنن الترمذي يدل على ما ذهب إليه الأكثر، وهو أن التراب له طهور. القسم : الفوائد ميراث الانبياء[/size] |