بلاغة المجاز المرسل والمجاز العقليبلاغة المجاز المرسل والمجاز العقلي
إذا تأملت أنواع المجاز المرسل والعقلي رأيت أنها في الغالب تؤدي المعني المقصود بإيجاز ، فإذا قلت : " هزم القائد الجيش " أو " قرر المجلس كذا " كان ذلك أوجز من أن تقول : " هزم جنود القائد الجيش " ، أو " قرر أهل المجلس كذا " ، ولا شك أن الإيجاز ضرب من ضروب البلاغة .وهناك مطهر آخر للبلاغة في هذين المجازين هو المهارة في تخير العلاقة بين المعني الأصلي والمعني المجازي ، بحيث يكون المجاز مصوراً للمعني المقصود خير تصوير كما في إطلاق العين علي الجاسوس ، والأذن علي سريع التأثير بالوشاية . والخف والحافر علي الجمال والخيل في المجاز المرسل ، وكما في إسناد الشيء إلي سببه أو مكانه أو زمانه في المجاز العقلي فإن البلاغة يوجب أن يختار السبب القوي والمكان والزمان المختصان
وإذا دققت النظر رأيت أن أغلب ضروب المجاز المرسل والعقلي لا تخلو من مبالغة بديعة ذات أثر في جعل المجاز رائعاً خلاباً ، فإطلاق الكل علي الجزء مبالغة ومثله إطلاق الجزء وإرادة الكل ، كما إذا قلت : " فلان فم "تريد أنه شره يلتقم كل شئ . أو " فلان أنف " عندما تريد أن تصفه بعظم الأنف فتبالغ فتجعله كله أنفاً . ومما يؤثر عن بعض الأدباء في وصف رجل أنافي (3) قوله : " لست أدري أهو في أنفه أم أنفه فيه "