ما هو طير الابابيلما هو طير الابابيل
جعل الله سبحانة و تعالى للكعبة و المسجد الحرام مكانتهم المتمّيزة ، فقد كان المسجد الحرام أوّل بيتٍ يوضع للنّاس في الأرض ، شرّفه الله و جعله حرماً آمناً في وقتٍ كان النّاس يتخطّفون و يتعرّضون للقتل حوله ، و قد جعل الله الصّلاة فيه مضاعفةً عمّا سواه من المساجد ، فالصّلاة فيه تعدل مئة ألف صلاة ، و قد جعله الله قبلةً للمسلمين في شتى أنحاء المعمورة ، فكلّ المسلمين على اختلاف ألوانهم و أعراقهم يتوجّهون في صلاتهم نحوه ، و كذلك قد فرض الله الحجّ إلى بيته المحرّم فترى الملايين في كلّ عامٍ يشدّون رحالهم و ينطلقون في مواكب مهيبة نحوه ، بقلوبٍ ملؤها الإيمان و طلب الغفران فيجتمعون في المسجد الحرام ليؤدّوا مناسك و شعائر الحجّ في مشهدٍ مهيبٍ جللٍ .
و قد تكفّل الله سبحانه و تعالى بحماية بيته من الأعداء ، فأهل الكفر و الشّرك دائماً يتحيّنون الفرص لغزو هذا البيت لأنّهم يعلمون أنّه بيت الله المحرّم الذي تهفو إليه قلوب الخلق و تقصده ، و قد روى لنا التّاريخ كيف أنّ أحد ملوك الحبشة و حين سيطر على اليمن كيف أخذته العزّة بالإثم و الباطل فأراد أن يغزو بيت الله المحرّم ، فتجهز الملك الآثم أبرهة هو وجنده و أحضروا معهم الأفيال لغزو الكعبة فقصدوها بجيشٍ جرّارٍ مغترّين بقوّتهم و جبروتهم و هم لا يعلمون أنّ الله سبحانه تعالى لهم بالمرصاد ، و قد قرّر العرب حينئذٍ أن يبتعدوا إلى شعف الجبال فلم يكونوا يمتلكون القوّة الكافية لمواجهة جيش أبرهة الحبشي و قد وقف عبد المطلب جدّ الرّسول صلّى الله عليه و سلّم و ارتجل أبياتاً من الشّعر قال فيها ،
اللهم إنّ العبد يمنع رحله فامنع رحالك لا يغلبنّ صليبهم و محالهم غدراً محالك إن كنت تاركهم و قبلتنا فأمرٌ ما بدالك
و حين اقتربوا من مكّة أتاهم أمر الله فأرسل عليهم أسراباً من الطّير تتابع تحمل حجارةً من طينٍ يابسٍ صلبٍ و تقذفها عليهم فأصبح حالهم كحال العصف المأكول وهو ورق الشّجر بعد الحصاد الذي أكلت منه الحيوانات ، فكان عذابهم عبرةً لمن أراد أن يفكّر يوماً في غزو الكعبة أو أن يريدها بسوء .