خروج الحسين بن علي رضي الله عنهما من مكة إلى الكوفةخروج الحسين بن علي رضي الله عنهما من مكة إلى الكوفة
بعد أن استقرت الأمور وبايع كثير من الناس مسلم بن عقيل أرسل إلى الحسين أن أقدِم فإن الأمر قد تهيأ، فخرج الحسين في يوم التروية وكان عبيد الله بن زياد قد علم ما قام به مسلم بن عقيل فقال: عليَّ بهانىء بن عروة فجيء به فسأل: أين مسلم بن عقيل؟ قال: لا أدري. فنادى مولاه معقلاً فدخل عليه فقال: هل تعرفه؟ قال: نعم، فأُسقط في يده، وعرف أن المسألة كانت خدعة من عبيد الله بن زياد فقال له عند ذلك: أين مسلم بن عقيل؟ فقال: والله لو كان تحت قدمي ما رفعتها، فضربه عبيد الله بن زياد ثم أمر بحبسه وبلغ الخبر مسلم ابن عقيل فخرج بأربعة آلاف وحاصر قصر عبيد الله بن زياد وخرج أهل الكوفة معه وكان عند عبيد الله بن زياد في ذلك الوقت أشراف الناس فقال لهم: خذِّلوا الناس عن مسلم بن عقيل وواعدهم بالعطايا وخوّفهم بجيش الشام فصار الأمراء يُخذِّلون الناس عن مسلم بن عقيل، وكان قد خرج بأربعة آلاف وشعارهم يا منصور أمت، فما زالت المرأة تأتي وتأخذ ولدها ويأتي الرجل ويأخذ أخاه، ويأتي أمير القبيلة فينهى الناس، حتى لم يبق معه إلا ثلاثون رجلاً من أربعة آلاف وما غابت الشمس إلا ومسلم بن عقيل وحده وقد ذهب كل الناس عنه وبقي وحيداً يمشي في دروب الكوفة لا يدري أين يذهب، فطرق الباب على امرأة من كندة فقال لها: أريد ماءً فاستغربت منه ثم قالت له: من أنت؟ فقال: أنا مسلم بن عقيل وأخبرها الخبر وأن الناس خذلوه، وأن الحسين سيأتي لأنه أرسل إليه أن أقدم فأدخلته عندها في بيت مجاور، وأتته بالماء والطعام ولكن ولدها قام بإخبار عبيد الله بن زياد بمكان مسلم بن عقيل فأرسل إليه سبعين رجلاً فحاصروه فقاتلهم وفي النهاية استسلم لهم عندما أمَّنوه فأخذوه إلى قصر الإمارة الذي فيه عبيد الله بن زياد، فلما دخل سأله عبيد الله بن زياد عن سبب خروجه هذا فقال: بيعة في أعناقنا للحسين فقال له: إني قاتلك. قال : دعني أوصي قال: نعم أوصِ فالتفت فوجد عمر بن سعد بن أبي وقاص فقال له: أنت أقرب الناس مني رحِماً تعال أوصيك، فأخذه في جانب من الدار وأوصاه بأن يرسل إلى الحسين بأن يرجع، فأرسل عمر بن سعد رجلاً إلى الحسين ليخبره بأن الأمر قد انقضى وأن أهل الكوفة قد خدعوه، وقال مسلم بن عقيل كلمته المشهورة: «ارجع بأهلك ولا يغُرنَّك أهل الكوفة فإن أهل الكوفة قد كذبوك وكذبوني وليس لكاذب رأي» وقُتِل عند ذلك مسلم بن عقيل في يوم عرفة وكان الحسين قد خرج من مكة في يوم التروية قبل مقتل مسلم بن عقيل بيوم واحد.