أهل العراق يراسلون الحسين بن علي رضي الله عنهماأهل العراق يراسلون الحسين بن علي رضي الله عنهما
بلغ أهل العراق أن الحسين لم يبايع يزيد بن معاوية وهم لا يريدون يزيد بن معاوية، بل ولا يريدون معاوية ولا يريدون إلا علياً وأولاده رضي الله عنهم أجمعين فأرسلوا الكتب إلى الحسين وكلهم يقولون في كتبهم: «إنَّا بايعناك ولا نريد إلا أنت وليس في عنقنا بيعة ليزيد بل البيعة لك»، وتكاثرت الكتب على الحسين حتى بلغت أكثر من خمسمائة كتاب كلها جاءته من أهل الكوفة بدعوته إليهم فعند ذلك أرسل الحسين ابن عمه مسلم بن عقيل بن أبي طالب لتقصّي الأمور هناك وليعرف حقيقة الأمر فلما وصل مسلم بن عقيل إلى الكوفة صار يسأل حتى علم أن الناس هناك لا يريدون يزيد بن معاوية بل يريدون الحسين ونزل عند هانىء بن عروة وجاء الناس جماعات ووحدانا يبايعون مسلم بن عقيل على بيعة الحسين فتمت البيعة وكان النعمان بن بشير أميراً على الكوفة من قبل يزيد بن معاوية فلما بلغه الأمر أن مسلم بن عقيل بين ظهرانيهم وأنه يأتيه الناس ويبايعونه للحسين أظهر كأنه لم يسمع شيئاً ولم يعبأ بالأمر حتى خرج بعض الذين عنده إلى يزيد بن معاوية في الشام وأخبروه بالأمر وأن مسلم ابن عقيل يبايعه الناس وأن النعمان بن بشير غير مكترث بهذا الأمر فأمر يزيد بن معاوية بعزل النعمان بن بشير وأرسل عبيد الله بن زياد أميراً على الكوفة وكان أميراً على البصرة معها ليعالج هذا الأمر فوصل عبيد الله بن زياد ليلاً إلى الكوفة مُتلثماً فكان عندما يمر على الناس يُسلِّم عليهم ويقولون: «وعليك السلام يا ابن بنت رسول الله» يظنون أنه الحسين وأنه دخل متخفياً متلثماً ليلاً، فعلم عبيد الله بن زياد أن الأمر جِدّ وأن الناس ينتظرون الحسين، فعند ذلك دخل القصر ثم أرسل مولى له اسمه معقل ليتقصّى الأمر ويعرف من الرأس المدبِّر في هذه المسألة فذهب على أنه رجل من حمص وأنه جاء بثلاثة آلاف دينار لمساندة الحسين فصار يسأل حتى دُلَّ على دار هانىء بن عروة، فدخل ووجد مسلم بن عقيل وبايعه وأعطاه الثلاثة آلاف دينار وصار يتردد أياماً حتى عرف ما عندهم ورجع بعد ذلك إلى عبيد الله بن زياد وأخبره الخبر.