النظرية السادسة: "نظرية يو ـ هي ـ هوه Yo- He- Ho "
أي نظرية الملاحظة، وصاحبها هو العالم الألماني جيجر Geiger ، وتقول هذه النظرية إن اللغة نشأت من أصوات جماعية، صدرت عن مجموعة من الناس، أثناء قيامهم بعمل شاق، يحتاج إلى تعاون على أدائه، ويشبه هذا ما نسمعه أحياناً، من بعض العمال، حين يؤدون عملاً شاقاً وهم يرددون أصواتاً مثل "هيلا ـ هوب"، أو عبارات لا تكاد تتضمن معنى مفهوماً. وهم بهذه الأصوات، وما يشبهها يتلمسون عوناً لأنفسهم ولوناً من تنظيم الحركة، أثناء قيامهم بعملهم الشاق، ويكررون تلك العبارات، دون ملل أو سأم. ثم ما لبثت هذه الأصوات أن تنوعت، بتنوع العمل، بحيث أصبحت رمزاً لعمل معين، ينطقون بها كلما أرادوا هذا العمل. وبتكرار التجارب المتشابهة، تطورت الأصوات إلى كلمات.
وهذه النظرية أيضاً خاطئة، لأنه من المتعذر، بل من المستحيل، إرجاع جميع الكلمات التي تتكون منها اللغات إلى تلك التجارب، فهي مجرد وسيلة لإضفاء الرتابة على العمل وتسهيله، ولا تتوفر فيها الوظيفة الأصلية للغة، وهي الدلالة والربط، فكيف نجعلها أساساً للغة. كما أن هذه النظرية تفترض وجود إنسان بلا لغة. إنسان كان موجوداً ثم انتقل بطريق انفعالاته الخاصة إلى وضع لغته، وهذه فرضية خاطئة إذ لا يمكن وجود إنسان دون لغة يتخاطب بها.