المفتي الماجن" إلى شريعة القتل المجاني[size=24]وهنا أشير إلى أنّ الحكاية تبين في بنيتها العميقة طبيعة الصلة بين النص والواقع، فهل يمكن لعاقل أن يعتمد على النص، والواقع يقدم لنا البرهان الملموس، وهل يحتاج النهار إلى دليل؟ كمايقول أبو الطيب. وقد أذكر أن الناس انقسموا قبل عصر النهضة في الغرب حول عدد أسنان الحصان، فوقف بعضهم مع أفلاطون وبعضهم مع أرسطو وكان يكفي أن يقوموا بفتح فم الحصان وعد أسنانه، وكان الله يحب المحسنين!
ولعل الحكاية تقدّم كذلك صورة من التعالي في العلاقات بين أصحاب الأديان التي يبدو المفتي الماجن فيها متفوقا عاقلا، في حين يظهر الآخر النصراني أحمق، فاقد الثقة بنفسه وبقدرته على الحجاج . وقد قاد المفتي تشهيه الخمرة إلى أن يحلل ما حرّم ويحرّم ما حلل، وعينه على الخمر العتيق، كما تصوّر لنا الحكاية بإيجاز غير مخل مفهوما شيّقا للمفتي الماجن، الذي يبيح لنفسه أن يدمّر العلاقات الاجتماعية الجامعة بين أتباع الأديان، ويحتكر العقلانية لنفسه ثم يهشّم منظومة الحلال والحرام ويدنّس علم الحديث بقياس ماجن للوصول الى مبتغاه، كما أن الحكاية لم يفتها أن تفضح الفقه المتشدد الذي يشوّه العقل من أجل أن يعلي من مكانة النقل وسلطته لكنه في هذه الحكاية يتخذ من العقل بل من الهوى سلطة أعلى من النقل.
تبدو الحكاية بليغة عندما نتأمل مفهوم "المفتي الماجن" الذي أشار إليه مفتي هيئة أوقاف دبي الشيخ أحمد الحداد على هامش مشاركته في مؤتمر دار الافتاء المصرية الذي عقد مؤخرا في القا[/size]