جميل أن نحلق تحت الماء ، أليس كذلك ؟
تعتبر السيطرة على الطفو من أهم المهارات التي تعتمد عليها سلامة الغواص سواء على سطح الماء أو أثناء السباحة تحت الماء لذا يعتبر فهم نظرية الطفوية من المفاتيح المهمة في علوم الغوص ولنستعرض معا العوامل المؤثرة على طفوية الغواص والطرق الممكنة لإيجاد فن السيطرة على الطفوية.
تميل الأجسام إلى اتخاذ أحد الأوضاع الثلاثة عند وضعها في أي سائل ، فهي إما تعوم وتدعى بأنها ذات طفو موجب (موجبة الطفو) أو تغوص إلى القاع وتدعى في هذه الحالة بأنها ذات طفو سالب (سالبة الطفو) ، وإما أن تبقى معلقة في الماء لا تطفو ولا تغوص وتدعى حينئذ بأنها ذات طفو متعادل (متعادلة الطفو).

قاعدة أرخميدس ( Archimedes Principle ) :

فسر عالم يوناني يدعى أرخميدس هذه الظاهرة بالقاعدة التي نسبت إليه ، وقال فيها أنه إذا غمر جسم ما كليا أو جزئيا في سائل فإنه يواجه بقوة دفع من أسفل إلى أعلى يعادل وزنها وزن السائل الذي أزاحه هذا الجسم ، وتنطبق هذه القاعدة على جميع الأجسام والسوائل .


إذا وضع جسم في سائل فإنه يواجه بقوة دفع من الأسفل إلى الأعلى (طفوية) تساوي وزن السائل المزاح وبما أن وزن هذا الجسم يشكل قوة دافعة من الأعلى على الأسفل فإن طفوية هذا الجسم تعتمد على وزنه ووزن السائل المزاح فإذا أزاح الجسم ماءا وزنه أكبر من وزن الجسم فإن القوة الدافعة من أسفل إلى أعلى تكون أكبر وبذلك يطفو هذا الجسم (يصبح موجب الطفو) أما إذا أزاح هذا الجسم ماءا وزنه أقل من وزن الجسم كانت القوة الدافعة من أعلى إلى أسفل (وزن الجسم) أكبر من القوة الدافعة من أسفل إلى أعلى (الطفوية) وهنا يصبح الجسم سالب الطفو (يغوص إلى القاع) فإذا أزاح الجسم ماءا وزنه يعادل وزن الجسم كانت محصلة القوتين صفر وبالتالي لا يطفو ولا يغوص أي يصبح متعادل الطفو .
يعتمد مقدار الطفو (القوة الدافعة) لجسم في الماء على كثافة هذا الماء . فالماء العذب يزن السنتيمتر المكعب منه 1.0 جرام و يزن اللتر منه كيلو جرام واحد . وبالوحدات الإنجليزية يزن كل قدم مكعب من الماء العذب 62.4 رطلا (باوند) أي بمعنى آخر ينتج عن كل لتر من الماء العذب قوة دفع إلى أعلى مقدارها كيلو جرام واحد ، كما ينتج عن كل قدم مكعب من الماء العذب المزاح قوة دفع من الأسفل إلى الأعلى مقدارها 62.4 رطلا.
أما في البحر فنظرا لكثافته العالية بسبب وجود أملاح فيه فإن وزن وحدة الحجم من الماء المزاح تكون أكبر ، مما يعني دفعا أكبر حيث يبلغ وزن اللتر من ماء البحر 1.025 جرام ، كما يبلغ وزن القدم المكعب منه 64 رطلا وتزيد هذه القوة الدافعة كلما ازدادت ملوحة البحر (كثافته) ويلاحظ أثر ذلك على الطفوية في بحار كالبحر الميت الذي تبلغ نسبة ملوحته معدلات تصل إلى 30% حيث يستطيع السابح أن يقرأ كتابا وهو متسلق في الماء ، وميل الجسم لأن يطفو أو يغوص في الماء يعتمد على كثافته مقارنة بكثافة الماء العذب وهذا ما يسمى بالوزن النوعي للجسم ، والوزن النوعي للماء العذب يساوي 1.0 ، أما الفلين فوزنه النوعي 0.24 رطلا لكل قدم مكعب ، أي أن كثافة الفلين تساوي ربع كثافة الماء ولذلك يعوم الفلين في الماء .

وللجسم البشري وزن نوعي يزيد أو يقل بمقدار قليل جدا عن الوزن النوعي للماء العذب وذلك تبعا لتوزيع نسب الأنسجة المختلفة في الجسم كالعضلات والعظام والشحوم.ولأن الوزن النوعي لجسم الإنسان أكبر أو أقل من 1 بالنسبة للماء العذب ، فإن الإنسان العادي يجد صعوبة قليلة للعوم في الماء العذب وصعوبة أقل في العوم في الماء المالح ، بينما يميل الشخص البدين للعوم بسهولة ، أما النحيل فيواجه صعوبة في الإبقاء على جسمه عائما على الماء ، كما يمكن للشخص زيادة طفويته بأخذه نفسا عميقا يزيد من حجمه وبالتالي حجم الماء المزاح ، فيصبح أكثر طفوية .
لو نزلت في حوض به ماء لوجدت أنك أصبحت خفيفا جدا وهذا يعود إلى إزاحتك مقدارا من الماء يعادل في حجمه حجم جسمك المنغمر في الماء ،هذا في المثال إذا أزحت بجسمك 2.5 قدم مكعب من الماء ستواجه بقوة دفع من أسفل إلى أعلى يعادل وزن الماء المزاح ، فإذا كان وزنك 160 رطلا ستكون متعادل الطفو لأن قوة الدفع من أسفل إلى أعلى 2.5×64 أي 160 رطلا في الماء المالح .أما في العذب فستكون محصلة وزنك 4.00 أرطال أي أنك ستوكن سالب الطفو ووزنك داخل الماء 4.00 أرطال لأن قوة الدفع من الأسفل إلى الأعلى ستكون أقل (2.5×62.4)=156 رطلا .ندرك مما سبق الإشارة إليه تأثير كثافة الماء على الطفوية وهو السبب في كون السباحة في الماء المالح أسهل من السباحة في الماء العذب .

أهمية ضبط أثقال الغوص:

يقوم الغواص ذو الخبرة بضبط أثقال الرصاص بحيث يحصل على طفو سالب خفيف وذلك لعدة اعتبارات منها:
[list defaultattr=]
[*]انضغاط البدلة المطاطية مما تحويه من فقاعات هوائية أثناء النزول حيث تفقد البدلة جزء كبير من سماكتها قد يصل إلى 70%.
[*]تفادي الطفو الموجب الذي يسببه نقصان وزن أسطوانة الهواء في نهاية الغوصة بفعل نقص كمية الهواء فيها بالإضافة إلى تمدد الهواء في مادة المطاط في البدلة والـBCD .أثناء الصعود . وهو ما يؤدي إلى عدم قدرة الغواص على التحكم في صعوده .
[/list]

إن حمل أثقال زائدة جدا يؤدي إلى إشكالات عديدة منها :
[list defaultattr=]
[*]عدم القدرة على التحكم في النزول والذي قد يؤدي إلى صعوبة التوقف عند عدم إمكانية معادلة الضغط في الأذنين مثلا أو عند حدوث عطل في الـBCD كتعطل جهاز النفخ أو وجود ثقب فيها فيضطر الغواص إلى فك الحزام ورميه ومن ثم الصعود بسرعة كبيرة إلى السطح .
[*]إحداث ضغط على منطقة الخصر يجعل من المستحيل والمتعب للغوص الاحتفاظ بوضع أفقي تحت الماء أو على السطح مما يسبب إجهادا للغواص أثناء السباحة والحركة.
[*]اضطرار الغواص للتعويض عن الثقل الزائد بنفخ الـBCD لمعادلة الطفو تحت الماء و إضافة كميات كبيرة من الهواء إلى الـBCD مما يجعلها تضيق عليه وتحدث ضغطا على الصدر أو يزداد حجمها بحيث يعوق الحركة و التنفس براحة . ومما دعاني للتوسع في الحديث هنا عن التحكم في الطفو هو رؤيتي المتكررة للعديد من الغواصين يحملون أوزانا تزيد عما يحتاجونه وتكرار السؤال عن كيفية تحديد مقدار الأثقال المناسبة للغوص .
[/list]
ولتحديد الوزن الذي تحتاجه تحت الماء قم بتفحص أوزانك في نهاية غوصة لك ولديك من الهواء ما بين (300 -500 psi ر/ب2 ) (20-40 بار) ، توقف عند 15 قدم (5 أمتار) قم بإنقاص أوزان الرصاص لديك بإعطائها لزميلك وجرب حتى تصل إلى الوزن المناسب الذي تقف فيه عند هذا العمق دون مجهود يذكر والـBCD مفرغة من الهواء .لا توجد معادلة رياضية تحسب بها بدقة مقادير الأثقال التي يجب عليك حملها للغوص براحة ، إذا أردت ضبط أثقالك بدقة فقم بذلك في نهاية غوصة لك وأنت بكامل معداتك التي عادة ما تغوص بها و عليك ضبط الأثقال كلما غيرت معدات الغوص كالـBCD وبدلة الغوص أو الأسطوانة أو إذا ما أردت الغوص في موقع جغرافي مختلف أو ابتعدت عن الغوص لفترة طويلة .إن ما تفعله من ضبط لأوزانك ما هو إلا تطبيق لنظرية أرخميدس للطفو و بتطبيق هذا المفهوم و بعض المران يمكنك إحكام السيطرة على طفويتك والغوص براحة وأمان.