[size=48]بسم الله الرحمن الرحيم[/size]
[size=48]السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته[/size]
|
كان من الصحابة من يأتي السوق لإقامة ذِكـرِ الله حال الغفلة . فقد كان ابن عمر يقول : إني كنت لأخرج إلى السوق وما لي حاجة إلا أن أُسلِّم ويُسلَّم عليّ . رواه ابن أبي شيبة . وكان بن سيرين يدخل السوق نصف النهار يُكبر ويُسبِّح ويذكر الله تعالى ، فقال له رجل : يا أبا بكر في هذه الساعة ؟ قال : إنها ساعةُ غفلة . وكانت الأسواق تُذكرهم بالآخرة ، فإن ابن مسعود رضي الله عنه ما خرج إلى السوق فمرّ على الحدادين فرأى ما يُخرجون من النار إلا جعلت عيناه تسيلان . وكان طاووس اليماني إذا مرَّ في طريقه على السوق فرأى تلك الرؤوس المشوية لم ينعس تلك الليلة . وكان عمرو بن قيس إذا نظر إلى أهل السوق بكى ، وقال : ما أغفل هؤلاء عما أُعِـدّ لهم . وإنما كانوا يحرصون على إقامة ذكر الله في الأسواق لأنها مواطن غفلة ولغو ولهو ، ويعظم أجـر الذّاكرِ لله في مواطن وأوقات الغفلة ، ولذا كانت صلاة الضحى تعدل 360 صدقة ، كما في حديث أبي ذر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : يُصبح على كل سلامى من أحدكم صدقة ؛ فكل تسبيحة صدقة ، وكل تحميدة صدقة ، وكل تهليلة صدقة ، وكل تكبيرة صدقة ، وأمر بالمعروف صدقة ، ونهي عن المنكر صدقة ، ويجزئ من ذلك ركعتان يركعهما من الضحى . رواه مسلم . ومن هذا الباب عِظم أجر الذاكر في السوق . وفي الأسواق تجتمع الشياطين للتحريش بين الناس وحملِهم على المفاسد سواء ما كان منها في التعامل والمعاملات ، أو ما كان منها في فساد الأخلاق وشَيْن الطبائع . ومن عجبٍ أن أفضل الأوقات وأحبها إلى الله تُقضى في الأسواق ، فيقضون ليالي رمضان في الأسواق والتّسوّق . وإذا قيل لهم في ذلك . قالوا : تُريدوننا نحضر الأعياد بملابس قديمة ! لا . لا نُريد لكم ذلك ، ولكن هلاّ كان ذلك قبل ذلك ؟ أي قبل مواسم الخيرات . وإن كثيراً من النساء أضعن ليالي الشهر الكريم بين الأسواق ، فلو سُئلت إحداهن كم سوق دخلته في رمضان ، لغلِطت في العـدّ ! ولو سُئلت كم مرة قرأتِ القرآن ، لما ردّت ! وإن كانت غير قارئة للقرآن لقالت : لا أُحسن القراءة ! ألا تُحسنين قراءة سورة الإخلاص ( قل هو الله أحد ) كرريها عشر مرات ، ففي كل عشرٍ قصر في الجنة . كما في المسند وغيره ، وحسنه الألباني ذلكم المرض هو ما عُرِف بـ ( إدمان التسوّق ) فتشير بعض الأرقام إلى وجود ثمانمائة ألف مدمن تسوّق بشكل مرعب في بريطانيا بينما العدد تضاعف في أمريكا فيوجد ثلاثة ملايين ونصف المليون مدمن تسوّق ! ومن أساب كثرة ارتياد الأسواق وجودَ الخدم في البيوت . فلو كانت المرأة تُعنى ببيتها وأولادِها لما وجدت أوقات فراغٍ تقضيها في الأسواق والحدائق والمطاعم التي انتشرت في الأسواق ومنهن من تخرج وتُخْرِج معها أهلَ بيتها ، حتى تُرى المرأةُ الكبيرةُ في السن والتي بلغت من الكِبر عِتيّا تُجَرُّ في الأسواق دون ذنب أو جناية ! فهل تذكّرت تلك النسوة أنهنّ مسؤولاتٌ عن أعمارِهنّ . فلن تزول قدما عبدٍ يومَ القيامة حتى يُسأل عن عمره فيمَ أفناه ؟ وعن شبابه فيمَ أبلاه فهذه الأوقات التي تُهدر هي عمر الإنسان ، فمن رامَ قتل الفراغ فقد رام قتلَ نفسه وفي الأسواق ربما أُضيعت بسبب التسوّق الصلوات ، وعُصي رب الأرض والسماوات . وإذا كان هذا يُستقبح في غير رمضان فهو في رمضان أشد قُـبحـاً وأعظم جُرماً . ذلك أن رمضان شهر الغُفران ، فمن لم يُغفر له في رمضان فمتى يُغفر له ؟ قال عليه الصلاة والسلام : " أتاني جبريل فقال : يا محمد من أدرك رمضان فلم يُغفر لـه فأبعده الله . قل آمين . قلت : آمين . رواه ابن خزيمة والحاكم وصححه . اللهم اجعلنا من الذين غفر لهم في هذا الشهر الفضيل ومن الذين تقبل منهم وابعدنا عن شرور الدنيا يارب العالمين وصلى اللهم وبارك على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين مقتطفات من : عبد الرحمن بن عبدالله السحيم ..
للامانة تحيتي |