جواهر ستار التعليمية |
أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم ، في منتديات جواهر ستار التعليميه المرجو منك أن تقوم بتسجـيل الدخول لتقوم بالمشاركة معنا. إن لم يكن لـديك حساب بعـد ، نتشرف بدعوتك لإنشائه بالتسجيل لديـنا . سنكون سعـداء جدا بانضمامك الي اسرة المنتدى مع تحيات الإدارة |
جواهر ستار التعليمية |
أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم ، في منتديات جواهر ستار التعليميه المرجو منك أن تقوم بتسجـيل الدخول لتقوم بالمشاركة معنا. إن لم يكن لـديك حساب بعـد ، نتشرف بدعوتك لإنشائه بالتسجيل لديـنا . سنكون سعـداء جدا بانضمامك الي اسرة المنتدى مع تحيات الإدارة |
|
جواهر ستار التعليمية :: منتدى تحضير بكالوريا 2020 :: منتدى تحضير بكالوريا 2020 |
الخميس 8 مايو - 8:50:22 | المشاركة رقم: | |||||||
Admin
| موضوع: دراسة مؤلَّف (اللص و الكلاب) لنجيب محفوظ دراسة مؤلَّف (اللص و الكلاب) لنجيب محفوظ دراسة مؤلَّف (اللص و الكلاب) لنجيب محفوظ نجيب محفوظ(1911 / 2006) مداخل لدراسة المؤلَّف: المدخل الأول: الرواية و الرواية العربية. تعتبر الرواية ناتج رؤية فردية لا تنفصل عن المعطيات الاجتماعية ما دام يكتبها شخص معين عاش أو يعيش في ظروف اجتماعية محددة، تحكمه مشاكل معينة هي خليط من التاريخ و الاقتصاد والسياسة و الفكر. إن العالم الروائي هو الشكل الذي يعيشه الإنسان كل يوم، لذلك يقول الدكتور عبد الله العروي بأن موضوع الرواية المفضل هو الكشف عن بنية اجتماعية عبر تجربة فردية، بمعنى أن دور الرواية هو تعرية وضعية اجتماعية يعيشها أبطالها، و من خلال معايشتهم تلك البنية، يتم التعبير عن النوايا و الطموحات و الآلام و الآمال التي تظل أخيرا و دائما أفكاراً لصاحبها. يتفق معظم الدارسين على أن رواية ( زينب ) لمحمد حسين هيكل، هي البداية الفعلية لمسار الرواية العربية. و إن كان مثل هذا الفن في هذه الفترة غير مرغوب فيه، لأن أشكالا أدبية كانت تفرض نفسها على الساحة الأدبية و الفكرية، ولأن الكشف عن هموم الذات، و علاقات الحب و الغرام، و الوضع العائلي، كانت تعتبر من الأشياء الحميمية التي لا يحسن الحديث عنها. و قد كان الاهتمام في هذه البدايات الأولية للرواية قاصرا على اشتغال الكاتب إما بالتلوينات اللفظية و الأسلوبية، و إما بالقذف بالنصائح و المواعظ و العبر في وجه القارئ مفتقرةً إلى التقعيد الصحيح و المواصفات الضرورية للنص الروائي كما وُجِدَ عند الغربِ. و كان لاتصال العرب بأوروبا أثره الفاعل في إنتاج الكتابة الروائية العربية.فلعل الثقافة، و نشوء الطبقة الوسطى، و التحول الجديد في التركيبة الاجتماعية، و الآفاق التي انفتحت على المجتمع الأوروبي الحديث و ثقافته، لعل لكل هذا أثره في نشوء الرواية العربية تطورها عبر جميع مراحلها. و يمكن أن نذكر من أعمال هذه المرحلة ما يلي: *حديث عيسى بن هشام / المويلحي.* الانقلاب العثماني / جورجي زيدان.*زنوبيــــــــــــــــــــــــا / سليم البستاني. * أورشليم الجديــدة / فرح أنطوان. المدخل الثاني: نجيب محفوظ : المبدع المتوَّج. هو نجيب محفوظ عبد العزيز إبراهيم أحمد باشا ، ولد بالقاهرة في حي الجمالية بجوار سيدنا الحسين، في قلب القاهرة القديمة، في (01 / 02 / 1911)، تلقى تعليمه الابتدائي بالمدرسة الحسينية، و الثانوي بمدرسة فؤاد الأول حتى حصل على شهادة البكالوريا، بعدها التحق بجامعة القاهرة ( فؤاد الأول سابقا ) قسم الفلسفة، الذي سيتخرج منه سنة 1934. شغل نجيب محفوظ مناصب عدة منها منصب بإدارة جامعة فؤاد الأول، ثم بوزارة الثقافة، ثم عضوا بالمجلس الأعلى للفنون و الآداب ، فمستشارا لوزير الثقافة. حاز نجيب محفوظ على جوائز هامة و متعددة لعل أهمها جائزة نوبل للآداب سنة 1988. تعرض سنة 1994 لمحاولة اغتيال حين طعنه شاب بسكين في رقبته، نجا من الموت لكن أعصاب يده دمرت، فحدت قدرة يده على الكتابة. توفي في ( 30 / 08 / 2006 ) . المدخل الثالث: الرواية عند نجيب محفوظ. استقلت الرواية في عهد نجيب محفوظ من الدوران حول تصوير العادات و التقاليد التي هي وليدة التخلف و الجهالة و طغيان حكم الاستبداد، و الحديث عن المشكلات المحلية مثل مشكلة الأخذ بالثأر ، و تحكم الأسرة في زواج البنت ، و المشكلات العاطفية حيث كان الأديب يتخذ هدفا أخلاقيا هو انتصار الفضيلة و إعلاء كلمتها. انتقل نجيب محفوظ بالرواية من هذا المجال ليختار منطلقا جديدا هو ثمرة لعوامل جديدة و محركات لم تكن ميسرة على الوجه الأكمل في المرحلة السابقة فاتخذ الأسباب المواتية ليعيد صياغة الحياة في أدوارها و تطورها و تغيراتها من موقع معاصر يمكن من وضوح الرؤية. فلم يترك نجيب محفوظ حركة من حركات المجتمع إلا رصدها و أدرك أبعادها و وعى محركاتها و مضى معها حتى بلغت محطات السير التي استقرت عندها. لقد استطاع نجيب محفوظ أن يواكب التحولات و التبدلات التي عرفها المجتمع العربي و كان العقل الإبداعي عنده مسايرا لجميع هذه التبدلات فقدم صورة صادقة لحركة المجتمع المصري في العقود الوسطى و المتأخرة من القرن العشرين ( 20 ) في زخمها و تحولاتها في اهتمامات الإنسان المتحضر ابن الإنجازات العالمية و الحضارة و العلم و الفنون، إذ كتب الرواية التاريخية، و الاجتماعية، و الفكرية، و الفلسفية... و لعل رصيد نجيب محفوظ الفكري و الفلسفي ساهم في إغناء تجربته الروائية حيث أثار أسئلة الحياة و الموت. لقد وجد نجيب محفوظ في الواقع أرضية خصبة أمدته بالمادة الأولية لكتاباته، حيث إن الأوضاع و البنى و المؤسسات و الثقافة السائدة في المجتمع العصري، تُغَرِّبُ الإنسان و تحيله إلى كائن عاجز هامشي يعاني من القهر و الاستغلال و الإفقار في صميم حياته و أحلامه. فكان أن ربط نجيب محفوظ الرواية بالواقع بمختلف بنياته و الصراعات الحاصلة ضمن هذه البنيات.، و لذلك يرجع له الفضل كما يقول ( جبرا إبراهيم جبرا ) : " أنه استطاع أن يوسع رقعة الرواية بشكل مذهل في زمن كانت الرواية بالعالم العربي هي أقل الأشكال إثارة لاهتمام الكتاب" . المدخل الرابع:مراحل من رحلة نجيب محفوظ الروائية. إن نجيب محفوظ الذي شغل مسرح الحياة الروائية العربية بقوة و تميز، أزيد من نصف قرن من الزمن، يصعب تأطير معظم أعماله ضمن أطر فنية يعبر عنها تيار أو اتجاه من اتجاهات الرواية. فقد تميز نجيب محفوظ دائما بنزوعه المستمر في إبداعاته إلى التجريب، و البحث عن تقنيات جديدة يستطيع بواسطتها أن يجعل السرد أبلغ في التعبير عن حياة الإنسان المصري و العربي، في ظل مجتمعات تتغير بشكل متسارع و مخيف. لكن، و بفعل الطبيعة التربوية للمقاربة التي ننجزها للرواية، سنعمل على ضبط المراحل التي اكتملت دراستها من قبل الدارسين، الذين صنفوها إلى : 1.المرحلة التاريخية: (1930 / 1938) و أشهر آثارها ( عبث الأقدار / رادوبيس / كفاح طيبة)، ويلاحظ أن هذه الأعمال كلها كتبت في مرحلة الثلاثينيات من القرن العشرين، حيث كانت البلاد كلها تتململ من ثقل الاحتلال الأجنبي الذي اتكأ على فساد الحكم العابث بمصالح الوطن و على المساومات و المداهنات في سبيل الاحتفاظ بكراسي الحكم. 2.المرحلة الاجتماعية الواقعية:(1939 / 1952) و تضم من الأعمال ما يلي: ( القاهرة الجديدة / خان الخليلي / زقاق المدق / بداية و نهاية / السراب / بين القصرين / قصر الشوق / السكرية )، و مجموع هذه الروايات هو تفصيل لوضعي البرجوازية الصغيرة في مصر خلال فترة ما بين الحربين. و يلاحظ أن نجيب محفوظ في هذه المرحلة يمزج بين الواقعية الروسية التي تصور الطبقة الدنيا للمجتمع، و بين واقعية ( بلزاك ) التي تصور الجانب الشرير في الانسان. 3.المرحلة الفلسفية: ( 1959 / 1975) تأتي هذه المرحلة بعد سبع سنوات من التوقف، لم يُصدر خلالها الكاتب أي عمل روائي. يغلب على هذه المرحلة طابع التجريد الفكري ، و تضم من الأعمال ما يلي: ( أولاد حارتنا / اللص و الكلاب / السمان و الخريف / دنيا الله / الطريق / بيت سيء السمعة / الشحاذ ). 4. المرحلة التراثية : (1977 - 1983م):يستلهم نجيب محفوظ في هذه المرحلة الموروث الجمالي والسرد العربي القديم وفضاءاته الفانطاستيكيةوأجوائه التاريخية وتقنياته الفنية والتعبيرية، فكان من إنتاج هذه الاستفادة أعمال مثل:(ليالي ألف ليلة/ رحلة ابن فطومة..). ويقول جورج طرابيشي في حوار معه نشر في مجلة ( دراسات سيميائية أدبية لسانية/ع.3/1988 / ص.11 ) "... وأعمال نجيب محفوظ ينطبق عليها بشكل خاص، قانون التطور المتفاوت والمركب، فقد بدأ بالرواية التاريخية في "كفاح طيبة" و"رادوبيس" وغيرها، وانتقل إلى الرواية الواقعية متوجا ذلك بالثلاثية ، ثم بدأ انطلاقا من "اللص والكلاب" يطور أشكال أخرى وصولا إلى توظيف التراث في الرواية. وهو سباق إلى هذا بخلاف ما يزعم... إذ جميع ما حققته الرواية العربية خلال قرون استطاع روائي عربي أن يصل إليه خلال سنوات من حياته الخاصة..." المدخل الخامس: قراءة في عنوان المؤَّلف إن الكتاب لا يختارون العناوين التي يوشحون بها صدور أعمالهم اعتباطا أو من قبيل الترف الفني، و إنما يختارونها لأنها تمثل في جوهرها إعلانا صريحا عن توجهاتهم الفنية، و هذا ما يبرر الاهتمام المتزايد بعناوين الكتابات. عنون نجيب محفوظ مؤَلفه هذا بـِـ ( اللص و الكلاب ) و هو عنوان رُكب تركيبا عَطْفِيا، يتكون من مبتدأ أول ( اللص )، و مبتدأ ثانٍ ( الكلاب )، يغيب خبرهما، الذي يمكن تقديره من خلال سياق الرواية العام. و دلاليا تختلف مقومات المكونين إذ نجد : ·اللص : + إنسان، + عاقل، + غادر، + محتال +...... ·الكلاب: + حيوانات، ــ عاقلة، + وفية، + تنبح، + .... إن المقابلة بين مقومات المكونين تطرح على المتلقي سؤالا أساسيا هو: ما العلاقة بين اللص و الكلاب؟. إن وضع هذه المقومات في سياق الرواية، يخفف من غموض العنوان، و يكشف عن دلالته المباشرة التي تشير إلى أن المقصود باللص هو البطل ( سعيد مهران )، أما الكلاب فقد وظفت للدلالة، لا على الحيوانات و إنما على مجموعة من الشخوص الذين خانوا سعيد مهران . فكانوا بفعلتهم هاته هم المدانون، و ليس سعيد مهران. دراسة المؤَلَّف المــنــظــورات الـسـتـة. 1.تتبع الحدث: (أ) المتن الحِكائي: و هو إعادة للكتابة ، إنه عملية خلق نص جديد مقابل الأول، أو هو توليد نماذج مبلورة لمعناه. كما أنه يسمح لنا باستخراج السرد المهيمن أو الوصف ... و هو يستدعي الترتيب الكرونولوجي للأحداث الذي لا يحافظ عليه السرد. و بالنسبة لرواية ( اللص و الكلاب ) تدور أحداثها حول البطل الرئيسي للرواية سعيد مهران الذي يدخل السجن بفعل وشاية يقوم بها رجل اسمه عليش الذي بدوره يقوم بالزواج من زوجة سعيد بعد تطليقها منه . يخرج سعيد مهران من السجن فيجد العالم قد تغير والقناعات قد تبدلت ويفاجأ أيضا بتنكر ابنته الصغيرة له لأنها لا تعرفه ثم يلجأ إلى صديقه الصحفي القديم رؤوف علوان الذي بدل جميع ولاءاته وشعاراته فلم يظفر بغير النفور والأعراض وتأليب رجال الأمن عليه فيصطدم بهذا الواقع الأليم ، ثم يتوجه كحل أخير للشيخ الجنيدي في صومعته ملتمسا أن ينتشله من هذا المستنقع ولكن يفشل أيضا في الوصول إلى حل فيقرر الانتقام من الخونة وان يسترد سنوات عمره الضائع منه لقد كانت أزمة البطل منذ البداية، نابعة من تنكر الابنة وخيانة الزوجة وغدر الصديق.. سناء ونبوية ، هم صناع هذه التركيبة النفسية المأزومة لبطل القصة. وتبدأ رحلة الانتقام عند سعيد مهران بعد ذلك. عندما خذله" الشرفاء" أنصفه "غير الشرفاء"،أنصفته نور ( بائعة الهوى ) عندما أتخذ من بيتها وقلبها مأوى له.. ومع ذلك فبقدر ما تذوق في رحابها طعم الوفاء تذوق مرارة الأزمة: خانته الزوجة ووفت له البغي.. أي مفارقة يعدها له القدر؟.. وعندما اهتز قلبه لأول مرة بعاطفة حقيقية نحو إنسانة وكانت هذه الإنسانة هي نور، أدرك أن وجوده قد وصل – في مرحلة صعود لا تتوقف – الى قمة العبث.. إن الكلاب تطارده، وتتربص به،وتسد عليه المسالك.. لا فائدة إذن من أن يبوح لها بحبه وعرفانه للجميل ان حياته كلها قد غدت هي تحمل معنى اللاجدوى وكل الطرق أمام أحلامه قد أصبحت مغلقة! وبدأت رحلة المطاردة: في عملية المطاردة هذه تبين أن القدر نفسه يقف في سخرية مريرة الى جانب الكلاب فحين يتسلل سعيد مهران ليلا ليغتال صاحبه اللص الخائن عليش تفتك رصاصاته بمجهول برئ استأجر شقته من بعده وحين تسلل سعيد مهران ليلا ليغتال المصلح الاجتماعي الداعي رؤوف علوان تفتك رصاصاته بالبواب المسكين البرئ. وهكذا يفر سعيد مهران كالطريدة وقد خابت كل آماله في تطهير الدنيا من الكلاب. ويبدأ طراد من نوع جديد، طراد المجتمع لهذا السفاح الجديد، فالبوليس وراءه لا يهدأ لأن هذا واجبه والرأي العام وراءه لا يهدأ لأن الصحافة تستثيره، أما هو فهو معتصم آنا عند بغى عاشقه له اسمها نور تعيش في بيت على حافة المقابر ومعتصم آنا بين المقابر نفسها حتى يحاصره رجال الأمن من كل جانب ويوشك أن ينزل بهم وبنفسه الدمار، ولكن قواه تخذله في اللحظة الأخيرة فيستلم للبوليس. (ب) الحبكة و التدرج: يمكننا من خلال بعض المقارنات أن ندرك المبادئ التي تحكم تطور الحدث في الرواية ، و كيف يؤثر المرسل في المتلقي. و هذا هو ما يشكل الحبكة في النص السردي. و في هذا العمل تبدو الحبكة بارزة ، يضيئها الصراع بين قوتين أساسيتين: ·سعيد مهران الذي يشعر بمرارة الظلم و الخيانة، فيرى الحياة فارغة من أي معنى، طالما لم يقم باجتثات الخونة من أسسهم. ·نبوية و عليش و رؤوف علوان الذين يصورون سعيد مهران مجرد مجرم ، خارج عن القانون ، يرغب في تنغيص عيشهم ، و القضاء على شعورهم بالأمان، لذا يسعون لتقديمه لـ"العدالة"، فيجدون تواطؤاً من المحكمة و "العدالة" إن نجيب محفوظ يركز على شخصية سعيد مهران، و يهمش أعداءه، لكي يفسح المجال أمام رؤية سعيد مهران للعالم، باعتبار أن فئات اجتماعية عريضة تؤمن بها كذلك، و من ضمنها ( نور ). ( ج ) الرهان: تتحدد الطريقة التي ينتظم بها الحدث بالرهان، و علينا أن نتذكر أن هناك دائما رهانا للمحتوى ككل، و رهانا منطقيا هو الأثر الذي يسعى إلى إحداثه في المتلقي. و الرهان يحدد الهدف من الحدث و لأية غاية وقع. و في روايتنا هاته، يمكننا أن نقف على رهانين على الأقل ، أحدهما مضموني/ موضوعي و الآخر جمالي . ·الرهان المضموني يتمثل في رهان نجيب محفوظ على معرفة يريد إبلاغها إلى القارئ، معرفة تتخلل السرد، و تجعل الرواية تعبيرا عن قضية تشغل الكاتب. فالرواية ترصد التحولات التي عرفها المجتمع المصري بعد ثورة 1952م ، و الفقر و الطغيان و ما ينجم عنهما من إفساد و هضم للحقوق، و تنكر المثقفين لدورهم الاجتماعي و السياسي. مما حدا بسعيد مهران إلى أن يعتبر نفسه ممثلا للفقراء و المساكين الذين خدعوا من طرف من كانوا يدعون مساعدتهم. مما جعل سعيد مهران يشعر بالخيبة، فتنتابه أزمة نفسية و روحية عميقة تجعله غريبا عن هذا الواقع. ·الرهان الجمالي يتجسد في رغبة نجيب محفوظ إظهار مدى غنى تجربته الروائية إذ يجرب في هذا العمل مسلك الرواية الواقعية النقدية، التي ترى أن أهمية الأدب تتجاوز التعبير عن الواقع و استجلاء أسئلته الصعبة ، لتتجه إلى نقده بهدف الإسهام في تغييره ، أو على الأقل التحريض عليه.كما أنه في هذا العمل يستفيد من تقنيات السرد الحديث : تنويع الأساليب/ تقطيع العملية السردية / تيار الوعي ( تداعي الشخصية ) .... ( د ) دلالات الحدث و أبعاده: لا يمكن التعرف على دلالات الحدث و أبعاده دون سبر لمختلف العوامل و الظروف المحيطة بإنتاج النص مثل العوامل الاجتماية و التاريخية و بظروف تلقيه. إذا ما عدنا إلى روايتنا فإننا سنجد أنها ترتبط بسياق مرحلة ستينيات القرن العشرين في العالم العربي ، و أنها تعكس حالة الشك و فلسفة الغضب التي شملت فئات من المجتمع العربي بفعل تضاؤل ثقتها في حركية التاريخ الإيجابية، نتيجة الهزائم و الانكسارات و الخيبات التي تعرضت لها. كل هذا يعطي الرواية قيمة جدالية بارزة إذ تجادل ضد الخطابات الوردية، كاشفة زيف الشعارات و ميوع العواطف. في ضوء هذا الطرح تتجسد دلالات الأحداث في نقد التحولات الاجتماعية في مصر ما بعد الثورة، و ما نتج عنها من شعور بالغربة و الوحدة و اللاجدوى في بيئة لا تشاطر الفرد القيم ذاتها. و ما يدعم هذا التوجه هو اتجاه نجيب محفوظ إلى جعل الرواية منصبة على تمثيل اغتراب الفرد في هذه المجتمعات التي قلما تتناسب فيها القيم النبيلة مع الواقع المعيش، مستفيدا في ذلك من تقنية ( تيار الوعي ) التي جعلته يضيء الحياة النفسية الداخلية للشخصيات عبر الحوار الداخلي، و اللجوء إلى التداعي. 2.تقويم القوى الفاعلة: القوى الفاعلة هي كل الحقائق أو العناصر الواقعية أو المتخيلة التي لها مشاركة في الأحداث. (أ)جرد القوى الفاعلة: إن الهدف الأساسي من جرد القوى الفاعلة يتمثل في تعرف تراتبيتها / تنظيمها الذي تعالج به في النص ، كما يبدو ضروريا الانتباه إلى السمات و الأوصاف المقدمة لكل قوى فاعلة بغية تقويم فاعليتها التي تجعلها إيجابية. إذا جردنا من القوى الفاعلة في النص الشخصيات الآدمية/ العاقلة، فإننا سنجد شخصيات متعددة و متفاوتة من حيث الأهمية التي يكتسبها فعلها في تطوير الأحداث و تناميها، و من بين هذه الشخصيات نذكر: الشخــــــصيــــــــة صـــــــــــــــــــــــفــــــــــاتـــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـهــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــا ســــعيد مـــــهـــران أبرز شخصيات الرواية ، دائم الحضور في جميع فصولها. شاب ثلاثيني، من أبرز ملامحه : شاب ضائع، تقلبت به الحياة بين الأماكن و الأعمال و العلاقات. لص يمارس السرقة ضد من يعتبرهم من طغاة المجتمع و الوصوليين و الانتهازيين. بسيط و فقير، ابن بواب عمارة الطلبة، مؤمن بالقيم الاشتراكية التي تشبع بها على يد " صديقه" رؤوف علوان، و التي جعلته يستحل سرقة الأغنياء و الإغداق على المحتاجين. متمرد وغاضب من المجتمع، خاصة بعد خروجه من السجن و اكتشافه خيانة زوجه وتلميذه. يعيش أزمة روحية ، بفعل التناقض بين القيم التي يحملها و يبن الواقع الاجتماعي المزري الذي يعيشه. ينطوي على نزعة إنسانية عميقة، تتكشف في حواراته مع "نور". رؤوف عــــــــــلوان " واضع نظرية السرقة الحلال" التي تشبع بها سعيد و مارسها . مثقف انتهازي تقلب بين " الإيمان" بالقيم الاشتراكية و الرغبة في حياة اللصوص الأثرياء. أصبح صحفيا ناجحا، و تنكر لمبادئه . هو أول الكلاب بالنسبة لسعيد، إذ شن عليه حملة شعواء موظفا صحيفته. نــــبـــــــــويـــــــــة يتيمة كانت تشتغل عند عجوز تركية أرستقراطية. كانت تملك جمالا فلاحيا لذيذا. تعرف عليها سعيد مهران عندما كان يعمل حارسا لبيت الطلبة. أحبها سعيد مهران بقوة. تزوجها في ظروف صعبة، و كافح من أجلها. أنجب منها ابنتهما " سناء ". خانته عندما دخل السجن، و تزوجت من صبيه عليش. استولت على ما تركه عندها سعيد من أموال. علـــــيش ســـــدرة معدم فقير. كان صبيا لسعيد مهران . كان سعيد يثق به ثقة عمياء. تزوج بنبوية، بعد دخول سعيد السجن، و استولى على أمواله التي تركها عند نبوية. نــــــــــــــــــــور عاهرة محترفة. تهيم عشقا بسعيد. تعرف عليها سعيد بمقهى "طرزان". آوته بعد خروجه من السجن. كانت تبيع نفسها لتطعمه. وصفها سعيد بأنها ذات قلب رقيق، مفعم بالحرارة و قوة الإصرار. الشيخ علي الجنيدي شيخ متصوف منسحب من الدنيا. صديق والد سعيد مهران. لجأ إليه سعيد بعد خروجه من السجن، لكن لم يجد عنده إلا الدعوة إلى أن يتوضأَ، فغادره. يبرز الأزمة الروحية لدى سعيد مهران. طــــــــــــــرزان شقي قديم، ومعلم القهوة التي تعقد فيها صفقات الدعارة و جلسات المجون. يحب سعيد، و يخلص له. وفَّر لسعيد مسدسا يصفي به حسابه مع من خانوه. وفَّر له معلومات متعلقة بأعدائه. كان ملجأه عند الحاجة. (ب)وظائف القوى الفاعلة: إن القوى الفاعلة في كل نص سردي تشغل ست وظائف و لا تخرج عنها. و قد تشغل قوة ما في النص أكثر من وظيفة، و الوظيفة الواحدة قد تشغلها عدة قوى، كما أن القوة الواحدة قد تشغل عدة وظائف. ووظائف القوى الفاعلة كما حددها ( كريماص ) هي : المرسِــــل: هو القوة الفاعلة القادرة على الدفع نحو الموضوع أو الآمر به. المرسَل إليـه: هو القوة الفاعلة التي تستقبل الموضوع. الــــذات: هي القوة الفاعلة الراغبة في الموضوع، فتسعى إليه. الموضــوع: هو القوة الفاعلة المبحوث عنها. المســـاعد: هو القوة الفاعلة المساعدة ( و يمكن أن تكون لها مساعدات في كل وظيفة من الوظائف السابقة). المعيــــق: هو كل قوة فاعلة تعوق وظيفة من الوظائف السابقة. إن هذه القوى تنتظم في بنية عاملية، يتحدد فيها دور كل فاعل في طبيعة الصراع الجاري داخل الرواية. إن أهمية هذا الصراع تكمن في كونه تعبيرا عن عالم مشخص يشتغل كوضعيات إنسانية لها موقعها داخل عالم الممكنات، و تدرك كمعادل مخيالي لعالم واقعي. و إذا عدنا إلى رواية اللص و الكلاب، نجد أنها يمكن أن تقدم ضمن ترسيمة عامة و ترسيمات مرحلية ، مراعية لخصوصية كل مرحلة من مراحل الرواية الأربعة. 1. الترسيمة العامة للعوامل في رواية ( اللص و الكلاب ): المـرسـِـــــل الموضـــــــوع المرسَــــلإليــــــــه القيم السياسية و الاجتماعية الرفيعة (و ممثلوها) ... العدالة - المال - الحب - المرأة و البنت - الثأر - الخونة ... الأم و المرأة - المحبوبة و الزوجة و المساعدون و التراث... المساعِــــــــــــد الـــــــــــــــــــــــذات المُعارِض الخارجون عن القانون- المضطهدون و الأوفياء للقيم العليا... المبتلى و العاشق و اللص و الزعيم و المغدور و القاتل... الأغنياء و الخونة و الانتهازيون و الشرطة و النظام " و كلاب الحراسة" إن شخصية مثل ( نبوية ) تجد مكانا لها في هذه الترسيمة كموضوع رغبة ، و كمساعد ( في عمليات السطو و السرقة )، و كمرسل إليه ( تؤول إليها سرقات سعيد ، و كمعارض ( خائنة )، بينما نجدها تشترك مع شخصية أخرى هي (نور) بوصفها موضوع رغبة . أما يالنسبة لسعيد، فهو ممثل بالعامل الذات، مستحوذا بذلك على عدة ممثلين: الابن، المتدرب، العاشق، اللص... و هو في الوقت نفسه عامل - مرسَل إليه. 2. الترسيمات المرحلية: ·المرحلة الأولى : بناء الشخصية. المـرسـِـــــل الموضـــــــوع المرسَــــلإليــــــــه القيم الرفيعة، و ممثلوها ( الأب، المجموعات الثورية، الطالب الجامعي...) التصوف و الثورة عالم مختلف: ماورائي ديني و مستقبلي اجتماعي المساعِــــــــــــد الـــــــــــــــــــــــذات المُــــعــــــــــــارِض الشيخ المتصوف / الطالب الثوري الابن و الصبي النظام القائم و الأغنياء ·المرحلة الثانية: النجاح. المـرسـِـــــل الموضـــــــوع المرسَــــلإليــــــــه القيم الرفيعة(الطالب ثم الصحافي الثوري) العدالة ( أموال الأغنياء) الذات و أصدقاؤها المساعِــــــــــــد الـــــــــــــــــــــــذات المُــــعــــــــــــارِض الطالب ثم الصحافي/المرأة- الزوجة... الشاب ، السارق لا أحد ( ضمنيا النظام و الأغنياء) الموضوعالأصلي : دراسة مؤلَّف (اللص و الكلاب) لنجيب محفوظ // المصدر : ممنتديات جواهر ستار التعليمية //الكاتب: berber
| |||||||
الجمعة 15 أغسطس - 0:43:09 | المشاركة رقم: | |||||||
عضو نشيط
| موضوع: رد: دراسة مؤلَّف (اللص و الكلاب) لنجيب محفوظ دراسة مؤلَّف (اللص و الكلاب) لنجيب محفوظ فسالت أدمع العينينِ حزنا ** وتحنانا فبللت الخدودا سلاما معشر الأموات أنا ** لقينا بعدكم عيشاً نكيدا وكيف يطيب للمكلوم عيشٌ ** وأحبابٌ له سكنوا اللحودا الموضوعالأصلي : دراسة مؤلَّف (اللص و الكلاب) لنجيب محفوظ // المصدر : ممنتديات جواهر ستار التعليمية //الكاتب: عبد المطلب
| |||||||
الإشارات المرجعية |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 20 ( الأعضاء 3 والزوار 17) | |
|
| |
أعلانات نصية | |
قوانين المنتدى | |
إعــــــــــلان | إعــــــــــلان | إعــــــــــلان | إعــــــــــلان |