الدعوة والتفوق

الداعية إلى الله هو ذلك الإنسان المتفوق في جميع مناحي حياته، وإذا نظرنا إلى سيرته صلى الله عليه وسلم وهو الداعية الأول سنجده صلى الله عليه وسلم ناجحا ومتفوقا في جميع شؤونه. كان ناجحا في بيته مع أسرته وهو الذي يقول " خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي "، كان صاحب الحلول الاقتصادية حيث أنشأ سوقا إسلامية وآخى بين المهاجرين والأنصار بعد الهجرة وتغير الوضع الديموغرافي في المدينة المنورة بهجرة المهاجرين إليها، كان كذلك صاحب الحلول العسكرية والإقدام في هذا المجال فمثلا في غزوة حنين بعد أن أوشك المسلمون على الهزيمة صاح رسول الله في المسلمين فقال: " أنا النبي لا كذب أنا ابن عبد المطلب " فتجمع الصحابة حوله وقاتلوا بنفس جديد، ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نفسه " أنا سيد ولد آدم ولا فخر " والسيادة تعني القيادة والريادة والتفوق، ولو لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم سيدا ومتفوقا في كل مجالات الحياة لما كان قدوة ولما كان أسوة يحتدى ويقتدى به " لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة ".
فمن هنا لا يجب على الداعية الذي يعمل في صف الدعاة إلى الله أن يرضى بالدون وأن يكون طموحه متواضعا، بل الله يدعونا إلى أن نكون أئمة للمتقين وليس متقين فقط لقوله تعالى : " واجعلنا للمتقين إماما ".
وفي هذا الصدد يقول الشاعر :
ومن يتهيب صعود الجبال ^ يعش أبد الدهر بين الحفر
فالذي يبدأ متواضعا في أهدافه وطموحاته سيبقى متواضعا ولن يخلد اسمه في التاريخ، فعلى سبيل المثال عندما نعد الصحابة سنجدهم بالآلاف، لكن من نعرف منهم أكثر ؟ نعرف منهم من تفوق في مجال معين.
معاذ بن جبل رضي الله عنه في الحلال والحرام، عبد الله بن عباس رضي الله عنه في التفسير، وأبو هريرة بكثرة الرواية، وخالد بن الوليد ببطولاته، وهكذا التاريخ لا يخلد إلا المتفوقين.
فحري بالداعي إلى الله أن يجمع مع دعوته التفوق حتى يكون قدوة صالحة في بيئته ومحيطه.