الضمير المهني




بينما انا جالسا دات مرة في المدرج بعد انتهاء الحصة ادون بعض الملاحظات للدرس القادم وبي اسمع صدفة همس بين طالبين يتحدثان عني مما شد انتباهي يخبره اني ليس لي ضمير مهني مما دفعني لتفكير مليا في ماهية الضمير المهني وطرحت على نفسي السؤال ماهو الضمير المهني؟ وماهي الاسباب التي دفعت بالطالب لا تهامي بـفقداني ضميري؟ وتهاطلت عليا مجموعة من الاسئلة ؟ مما جعلتني اقف مع نفسي وقفة حقيقية لتصحيح الذات.

الضمير المهني لطالما سمعت هده الكلمة تتردد دائما بدون معرفة معناها الحقيقي، ولكن عندما اصبحت تعنيني وجب عليا معرفة معناها والشعور به، مما دفعني للبحت في كم كبير من القواميس والكتب لمعرفت معنها الحقيقي ولكن لم اجد تعريف مضومنها الحقيقي بل وجدت ارآء تصب في اتجاهات مختلفة لاشخاص ، ولكن الجميع اتفقوا على ان الضمير المهني هو الصوت الداخلي الدي يولد معك، يأنبك ان اخطات ويوجهك ان تهت ويباركك ان اصبت، فالضمير المهني هو الفطرة التي فطرنا الله عليها ومجموعتة من الاخلاق الحميدة المكتسبة من شريعتنا الاسلامية، تدفع به الى اتقان عمله، فلو ان الجميع عمل أى عمل مباح واقترنت به نية إلى الله تعالى فإنه يدخل فى جنس العبادة، وهده حقيقة يجهلها كثير من الاشخاص للاسف، وعلى الشخص ان يكون ايجابي، مقبل على الحياة، باعمار الارض وهدا لا يتم الا بالعمل الجاد، اوصانا النبي صلى الله عليه وسلم : (إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه)، فالاتقان سمة اساسية في شخصية المسلم تجعله يراعي الله في عمله، وان لا يشرك فيه غيره كرب عمله وغيرها من الناس حوله، بل لله وحده، وان خلصت النية استقام العمل ورضي الله عنه وارضاه وارتـاح باله وسعد بعمله.

ويكمن هذا الاتقان في التدرب على جانبين اساسيين هما الجانب المادي والجانب الروحي النفسي، فالجانب المادي بتعلم العمل جيدا من جميع الجوانب والتفوق في مجال التخصص، والحرص على الالتزام بالوقت والعمل بكل ارادة، واما الجانب الروحي والنفسي هو بمراقبة الله عز وجل والخوف منه بكل خطوة نخطوها، فهل نحن نرى في مجتمعنا الشخصية التي تتقن هديه الامور؟ وهل سبب تخلفنا ناتج عن فقدان هذه الخصائص؟

وعادة الإتقان يكسب الإخلاص في العمل لارتباطه بالمراقبة الداخلية لضميره، كما أنها تجرد العمل من مظاهر النفاق والرياء، فكثير من الناس يتقن عمله ويجوّده إن كان مراقباً من رئيس له، أو قصد به تحقيق غاية له أو سعي إلى السمعة والشهرة لأنه يفتقد المراقبة الداخلية التي تجعله يؤدي عمله بإتقان في كل الحالات دون النظر إلى الاعتبارات التي اعتاد بعضهم عليها.

الضمير المهني هو الاداة الرادعة، فلا يمكن لصحفي ان يكذب أو يزيف الحقائق لانه يعرف أن المؤمن ليس كذابا بقول المصطفى عليه الصلاة والسلام ( و إياكم والكذب فانه يهدي إلى الفجور، وهما في النار) ولا للطبيب أن يؤدي الناس بـعلمه بقول الله عز وجل: (مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً)، ويدفع بالمعلم لاتقان عمله لعلمه بقول رسول الله صلى الله علية وسلم (إن الله وملائكته وأهل السموات والأرض حتى النمل في جحرها وحتى الحوت في جوف البحر ليصلون على معلم الناس الخير)، ويردع اي مهني يحتال على الناس لقول المصطفى عليه الصلاة والسلام: (من غشنا فليس منا). فهل من علم بهذا تسمح له نفسه باكل الحرام؟ وهل تطاوعه للخداع و الكذب و النفاق و الرشوة والربا؟

في الاخير لا يسعني الا القول ان الضمير المهني هو دعوى الى اجاد الشخصية المثلى، التي تعي حجم المسؤولية الملقاة على عاتقه و أن يقوم بعمله وفق مبادئه الاسلامية وضوابط الشرعية، وهذه الشخصية تمثل المثالية التي تحققت في المجتمع الذي رباه المصطفى، واقول لكل من مات ضميره قول الرسول صلى الله عليه وسلم : (ألا كلكم راع، وكلكم مسؤول عن رعيته، فالأمير الذي على الناس راع، وهو مسؤول عن رعيته، والرجل راع على أهل بيته، وهو مسؤول عنهم، والمرأة راعية على بيت بعلها وولده، وهي مسؤولة عنهم، والعبد راع على مال سيده، وهو مسؤول عنه، ألا فكلكم راع مسؤول عن رعيته