جواهر ستار التعليمية |
أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم ، في منتديات جواهر ستار التعليميه المرجو منك أن تقوم بتسجـيل الدخول لتقوم بالمشاركة معنا. إن لم يكن لـديك حساب بعـد ، نتشرف بدعوتك لإنشائه بالتسجيل لديـنا . سنكون سعـداء جدا بانضمامك الي اسرة المنتدى مع تحيات الإدارة |
جواهر ستار التعليمية |
أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم ، في منتديات جواهر ستار التعليميه المرجو منك أن تقوم بتسجـيل الدخول لتقوم بالمشاركة معنا. إن لم يكن لـديك حساب بعـد ، نتشرف بدعوتك لإنشائه بالتسجيل لديـنا . سنكون سعـداء جدا بانضمامك الي اسرة المنتدى مع تحيات الإدارة |
|
جواهر ستار التعليمية :: منتديات الجامعة و البحث العلمي :: منتدى البحوث العلمية والأدبية و الخطابات و السير الذاتيه الجاهزه |
الثلاثاء 30 يونيو - 20:23:58 | المشاركة رقم: | |||||||
عضو نشيط
| موضوع: الرؤية الحالمة.. والتصور البديل تأبط شراً "مثالاً" الرؤية الحالمة.. والتصور البديل تأبط شراً "مثالاً" صفحة البداية مكتبة الحصريات الأعضاء مواضيع نشطة مساعدة سجل نفسك كعضو! دخول الأعضاء الاسم: الكلمة السرية: هل نسيت الكلمة السرية؟ أضغط هنا.. في هذا المنتدى حاليا: عدد الأعضاء: 1 + الزوار: 1 خدمات متنوعة star7sport star7-vps [إلغاء رسالة التسجيل] [أرشيف: الأدب و الشعر] أرشيف: الأدب و الشعر [أضف موضوع جديد] موضوع جديد إذهب الى منتدى: [هذا الموضوع مقفول ولا يمكنك الرد عليه.] الرؤية الحالمة.. والتصور البديل تأبط شراً "مثالاً" [إرسال الموضوع إلى Facebook] حاملة لواء العقيدة 16:30 - 2014/05/31 الرؤية الحالمة.. والتصور البديل تأبط شراً "مثالاً" د.عبد الرحمن عبد الرحيم(*) تحاول هذه المقالة قراءة نصٍ من الشعر القديم، للشاعر تأبط شّراً، ولا تزعم تقديم الكثير من الجديد، إلا بالقدر الذي يتيح لها الكشفَ عن وحدة الموضوع في النص، ووحدة المشاعر النفسية التي هيمنت عليه، لتصل إلى ومضات وإشارات دالَّة على وحدة القصيدة. وما يدعو إلى هذا التوجه ما طفا من فيض صفحات النقد العربي القديم(1)، وما والاه من تتابع صفحات النقد الحديث، تتهم القصيدة القديمة بالتفكك، فتوزعها إلى أغراض تارة، وإلى بنى لا رابط بينها تارة أخرى(2). وتأبط شّراً واحد من الشعراء الصعاليك في العصر الجاهلي، حفلت كتب الأدب بأخباره(3)، وأسهمت في كشف محطات مهمة في حياته، ومذهبه في الحياة، ورؤيته لسيرورتها. وتقدمُه المصادر صاحب قوة بدنية غير عادية، يُقيم مع مجموعة من الفُتّاك المتصعلكين من قبيلة فهم وغيرها، يعتمدون الإغارة على قبائل الجوار، وسلب عابري الطرق، سبيلاً إلى تامين معايشهم وموارد حيواتهم، مما يدعو إلى القول: إن تأبط شّراً كان على نحو ما متمرداً على سنن الحياة السائدة ونظمها التقليدية، رافضاً لها. ومما عمّق شعوره بالتمرد والرفض انكشاف غطاء الحماية القبلية عنه، وطرده من أفناء رعايتها. يقع النص الذي نحن بصدده في ستة وعشرين بيتاً، كما رواه المفضل الضبي في اختياراته(4)، وأحسب أن أهمية النص وقيمته الفنية والموضوعية، كانت سبباً في تصدُّره لهذه المجموعة الشعرية القيّمة. يبدأ الشاعر قصيدته ببيتين يشكلان مدخلاً عاماً لموضوعه، ويطلّ في مطلعهما حرف النداء وأسلوبه، وهو أسلوب احتفى به الشعر القديم، وتعاور الشعراء استخدامه. ويقدم شُرَّاح الدواوين تعليلات متنوعة لهذا الأسلوب(5) سواء أكان الخطاب موجهاً لمتوهم أم حقيقي، وعلى الرغم من أهمية تلك التعليلات ومنطقيتها، فإننا نحسب أن وظيفة الخطاب تقع في سياق الوظيفة الإبلاغية، ليعبر الشاعر فيها ما يجيش في صدره من مشاعر، وما يضطرم في خبيئته من انفعالات، ويكشف عما يدور في ذهنه، وما يشغل تفكيره من قضايا الحياة وهمومها. وخطاب تأبط شّراً كان متميزاً من غيره، مختلفاً عما درج عليه الشعراء، بتوجيه النداء إلى مخاطب أو مخاطبين، إذ يسلك طريقاً معدّلاً، فيوجه خطابه إلى الزمن المتكرر المعاود فيقول: يا عيدُ مالكَ من شوقٍ وإيراقِ ومَرِّ طيفٍ على الأهوال طَرَّاقِ(6) يَسْري على الأيْن ِوالحيّاتِ مُحْتفياً نفسي فداؤك ـ من سارٍ على ساقِ إن نداء العيد، يعني في الشرح اللغوي، الوقت الذي يعود فيه الذكر والوجع والشوق على حدِّ تعبير ابن الأنباري(7)، وفي ضوء المادة اللغوية، تنبجس من بين الألفاظ وحروفها مشاعر الحزن النبيل، والشوق اللامتناهي، والأرق القلق. إن نداءً هذه صفاته ومقوماته، يعادل حلماً يراود خيال الشاعر، يصبو إليه، ويتطلع إلى تحقيقه، وتطّرد العبارات الكاشفة عن الحلم، عبر أسلوب الدّعاء الذي تكرَّر في البيتين "مالك من شوق، نفسي فداؤك" مما يجعل فيض الحنين متعاظماً عبر طاقة تعبيرية قصوى. بيد أن حلم الشاعر بعيد المنال، تتناءى دونه المسافات، ويفصله عن أرض الواقع هُوىً غير ذات قرار، لذلك نشهده مكبّلاً بالأعباء، ينوء تحت ثِقَلِ القوّة القاهرة، وسلسلة الكوابح المانعة، وإذا ما أراد لـه أن ينتقل إلى الحقيقة كان على طيفه الحالم أن يمر من فوق الأهوال وما تختزنه من خشية ودخول في المجهول، وتكبد أخطار المفاجأة، عليه أن يجتاز ذلك كله في عتمة الليل وظلامه الدامس، عليه أن يركب المصاعب ويتجرع حتى السمّ الذي توحي به لفظة الحيات، وعلى هذا تبدو هذه السلسلة تراكماً كمياً لعوامل موضوعية لا تسمح للحلم بالتحقق والانبعاث، لذلك عادله الشاعر بعدد من الألفاظ الموحية، فجاء الحلم، عاري القدمين، وسط الصحراء المهولة المرعبة، وجاء أيضاً مثقلاً بالمتاعب التي تشده نحو الغوص في المجهول. وعلى الرغم من إدراك الشاعر لمصاعب تحقق الحلم، ظلّت رغبته العارمة قائمة في الصبوة إليه، واستجلابه واستحضاره، فكانت تلك الدعوة المشفقة "نفسي فداؤك"، وكان التشخيص الذي أجراه عندما نقل الحلم (الطيف) إلى عالم الحياة، فجعله يسري على ساقين، لعلّه ييسر له بعض مظاهر التوهج وسط دياجير الظلمات.. ولكن لا سبيل إلى ذلك.. إنها باختصار حالة التضّاد الأبدية والتي تعتمل في سريرة أي كائن بشري في النزوع نحو التمرد والرفض، والهروب إلى عالم الحلم، بعيداً عن الواقع الصعب المرّ ولظى الحياة القاهر الغلاب. لقد انفرط العقد الاجتماعي القبلي، وأمسى الشاعر خارج إساره بكل ما يمثله من مظاهر الحماية، والتكافل، والشعور بالاطمئنان، وانفتح على أفق الصحراء الواسع، حيث تتناهى مقومات الحياة إلى حدود دركها الأسفل، وتجعل سالكها فريسة الضياع والموت، إزاء ذلك تستنفر القوى الكامنة كلها لتبحث عن تحقيق ذات الفرد في إطار جديد. هنا يبدأ الشاعر الكشف عن مقومات الحلم، وعناصر بغيته فيه، محدداً دائرة الأولى، برفيق الدرب، وصديق العمر، الخلية الأولى في التنظيم البشري، إنه الصديق الذي صار خلاً، والخِلُّ عليه أن يتواصل متفاعلاً مع الآخر، تقوم وشائج العلاقة بين الطرفين على القوة المتمكنة، والترابط المفرط، لتذوب الذات في الآخر، عندها تثبت العلاقة لعوادي الدهر وقابل الأيام، لا تضعفها مواقف الشدّة والضنك، وإذا لم تتوافر مثل هذه المقومات، فهي غير جديرة بالقيام، ويعبر الشعر عن ذلك قائلاً: إنّي إذا خُلِّةٌ ضَنَّتْ بنائِلها وأَمْسكتْ بضعيفِ الوصْلِ أحذاقِ( نجوت منها نجائي من بَجيلة إذ ألقيتُ ليلةَ خَبْتِ الرَّهطِ أوراقي(9) لقد رفض الشاعر انطلاقاً من موقفه الثائر المتمرد، الصداقة التي تضن بموجباتها وأعرافها وتقاليدها، إنه يأبى الصديق الذي لا يكون لصديقه في السرَّاء والضراء، ولا يَنْشَدُّ إليها بحبال وثيقة متينة، ضارباً عرض الحائط بسمات الضعف والآنية والمنفعة الخاصة. ولم يستمد الشاعر رأيه من تجارب الحياة واستخلاصاتها التي أفرزت هذا العرف الأخلاقي فحسب، وإنما استمدّه أيضاً من طبيعة حياته، وحياة أقرانه الصعاليك، التي تتطلب التوحد مع الجماعة حتى حدود التماهي، استجابة لما تكتنفه طبيعة حيواتهم من مخاطر تتلبسها حافة الموت المطلة في كل آن. ويتخذ الرفض في لغة الشاعر الخاصة، وإبداعه الفردي المتميز طابعاً استثنائياً، إذ لم يقل إنني أصرم صداقة ضعيفة أو أقطعها، وإنما استعار لها صورة مشرقة، واسعة الأرجاء، مشتقة من طبيعة حياته، مستخدما ًفعل نجوت المؤكد بالمصدر، وتأتي جملة "ألقيت أوراقي" لتميط اللّثام عن الجهد المرّكز الذي أتى عليه الشاعر، فلم يدع أي نوع من أنواع العدو، إلا وجاء عليه، ليحقق البعد الذي يعادل الرفض بمنظور ضدي غير مباشر، وأحسبْ أن هذا الأسلوب أدى إلى إيضاح المعنى من الناحية الإبلاغية للتشديد على مسألة النفور والرفض بمساحاتها المتنائية. ويستطرد الشاعر في توسيع آفاق الفرار الرافض، وتكثيف الدلالات الموحية، فيسرد واحدة من الحوادث المهمة في حياته، عندما تمكن بالتعاون مع أقرانه من الصعاليك، من فكّ أسر نفسه من فرسان قبيلة بجيلة وشجعانها، فما الذي حصل في تلك الليلة؟ يكشف الشاعر عن ذلك قائلاً: ليلةَ صاحوا وأغروا بي سِراعَهُمُ بالعيْكَتيْنِ لدى مَعْدى ابن بَرّاقِ(10) كأنّما حَثْحَثوا حُصّاً قوادِمُهُ أو أمَّ خِشْفٍ بذي شثٍّ وطُباق(11) لا شيءَ أسرعُ مني ليسَ ذا عُذَرٍ وذا جناحٍ بجَنْبِ الرّيْدِ خَفّاقِ(12) حتى نَجوْتُ ولمّا يَنْزِعوا سَلَبي بِوَالهٍ من قَبيْضِ الشَدِّ غَيْداقِ(13) يفصح الانطباع المبدئي الذي تخلفه القراءة الأولى للأبيات، عن أن الشاعر جعل جلَّ همّه منصباً على تقديم مغامرة من مغامرات الإغارة والسلب، والمآل الذي انتهت إليه، وعلى الرغم مما تختزنه من تفاصيل وإيضاح لجانب من حياة الصعاليك وأثرها كوثيقة اجتماعية مهمة، إلا أن القراءة المعمقة تكشف أيضاً نقطتين أساسيتين. أولاهما: الكوّة التي فتحها الشاعر بذكره لابن براق، وثانيهما: الاستقصاء الذي أجراه حول قوته وسرعة عَدْوَه. فهل كان ابن براق مثالاً واعداً؟! وهل كانت قوة الشاعر وسرعته شرطين ضروريّين للإنسان البديل الذي يرتجيه؟! أحسب أن الأمر على هذا النحو، فصاحب الأغاني يسهب في سرد وقائع تلك الليلة وتفاصيل أحداثها(14). إذ كانت مغامرة خطرة بكل المقاييس، تقترب بأصحابها من حافة الهلاك الجماعي، وأن ابن براق والشنفرى كانا مرافقين للشاعر، وقدما مجهودات مضنية، وتعرضا لمخاطر جمّةٍ لدى فك أسر تأبط شراً. لقد استنفر الحصار المضروب على الشاعر القوى الكامنة في خبايا النفس الطامحة، والجسد الذي زادته الأيام صلابة، فلم يجعله الجوع المتطاول، وشظف العيش النكد، إنساناً ضعيفاً مقهور الإرادة، فاتخذ من صورة الظليم المتناثر ريشه سبيلاً إلى تسهيل العدو واطراده، ولمّا أحسّ أن تلك السرعة تقصر عما تريد نفسه الطموح، استعان بصورة الظبية المستجمعة لكوامن القوة والنشاط عبر ما تراكم لديها من مرعى وغذاء، لقد حرر العدو السريع إرادة الشاعر، وحرر مبادرته ليؤول إلى كل ما يستجمع الجواد الأصيل من خصال، وإلى كل ما يمثله النسر المحلق بين شماريخ الجبال وقممها من استعلاء وعنفوان. إن الجهد المكثف في بيان المقومات الجسدية، شكل قدرات استثنائية، ضرورية ولازمة لصورة البديل التي يراها، وهي مع الصديق الذي يمتلك القدرات نفسها، والإخلاص المشرق ذاته، يمكّنان من تشكيل قوة حاسمة، كان أحد أبرز نتائجها التغلب على فرسان بجيلة، وما يملكون من تفوق في العدد والعدة، فكان أمر الفكاك من الأسر سهلاً والاحتفاظ بالأسلاب التي استاقها الشاعر متيسراً. لقد فاحت من بين سلسلة الصور المتعددة، التي عبرت عن قدرات الشاعر، رائحة التأكيد على الذات في مواجهة الانسلاخ القبلي، وأخذت هذه الذات تتضخم رويداً رويداً حتى بلغت حدود الانتفاخ، لتعادل بذلك قوة العصبية القبلية، غير أن حبلاً سرياً ظلّ يُغذي الذات المتورمة ويمدها بأسباب النماء، يعتمد السرعة الفائقة التي تمكن صاحبها من السطو والفرار عدة الصعلوك وأساس عيشه. إننا نستطيع أن نسلم بشيء من الاطمئنان أن ذات الشاعر المتضخمة هي الصورة البديلة للإنسان المبتغى، الذي يكون فرداً فاعلاً في مجتمع جديد، له قيمه ومعارفه ومستلزماته البدنية والخُلقية. وإذا كان منطق رفض الواقع القائم والثورة عليه، نزوعاً إنسانياً مبكراً، فإن قلّةً من البشر هم الذين يرفضون الواقع وينتقدونه، ويطرحون الصورة البديلة، وتأبط شرّاً وحد منهم، إذ يتابع الكشف عن مقومات الحلم، ومستلزمات تحقيقه في الواقع كما يراه، فهو جملة من الأخلاق والقيم وقواعد السلوك أفصح عنها الشاعر مستكملاً: ولا أقولُ ـ إذا ما خلَّةٌ صَرَمَتْ ـ يا ويحَ نفسيَ من شوقٍ وإِشْفاقِ لكنما عِوَليَ ـ إن كنْتُ ذا عِوَلٍ ـ على بَصيرٍ بِكَسْب الحمد سبّاقِ أما وقد كشف الشاعر عن بعض من رؤاه لمقومات الصديق ليلة صدامه مع فرسان بجيلة، فإنه لا يلبث أن يواصل مسألة النأي والبعد التي ترسخت في أعماقه منذ انسلاخه، واتخذ البعد منحى أصدقاء لا يحملون المقومات التي يريدها، فلا يأسف على مفارقتهم، ولا يلوم نفسه للبعد عنهم، وعلى النقيض من ذلك فإنه يبكي بحرارة على صديق آخر يملك مجموعة من النظم القيمية، يأتي في مقدمتها، البصير السبّاق إلى كسب الحمد ورضا الجماعة، وتتجاوز الصفة المشبهة "بصير" معناها المستمد من الحاسة البصرية في الرؤية، لتصل إلى مرحلة وعي الحمد، وإدراك مراميه وأبعاده ومقوماته، وترتبط بالنتائج المتحققة ـ بكسب الحمد ـ بكل ما يحمله مصدر الكسب من إيحاءات، وإذا ما أضيف إلى أبعاد الصفة المشبهة مبالغة اسم الفاعل "سبَاق"، نستطيع أن ندرك حماسة الشاعر للإنسان البديل ورغبته العارمة في استقصاء ذلك الإنسان واستحضاره، ليكون متمثلاً على أرض الواقع، يعيش بين ظهرانيه، لا حلماً بعيد المنال، ولكي ينفي الشاعر أي أثر يستقى من مصدر العول الذي يحمل البكاء والحرقة، فقد قدم الجملة على نحو اعتراضي لا تؤثر على مجمل المعنى، ولا تقلل من شأن الغاية القصوى التي يبتغيها.. لقد حدد الشاعر رؤيته الحالمة للإنسان بمدى قدرته على حصد الحمد والسبق إليه، بيد أن الحمد المراد، مجرد غاية عامة وعنوان كبير، وجد الشاعر أن من حق المتلقي أن يعرف تفاصيل ذلك العنوان الرحب ذي الآفاق الممتدة، فقرر المعايير التي تحدد كسب الحمد بقوله: سَبّاقِ غاياتِ مَجْدٍ في عشيرته مُرجَّعِ الصوت هَدّاً بين أرفاق(15) عاري الظنابيبِ مُمْتَّدٍ نواشرُه مِدْلاجِ أَدْهمَ واهي الماءِ غسَّاق(16) حمّالِ ألويةٍ شّهادِ أنْدَيَةٍ قَوّالِ مُحْكَمَةٍ جوّاب آفاقِ(17) ويتصدر معايير تأبط شرّاً، القدرة الفائقة على القيادة، والحزم الصارم إزاء ترؤسه لجماعته أياً كان عددها، لا يُستثنى من تلك القاعدة الدقيقة أحدٌ، ولا يقفز فوقها إلا من تمكنه إمكاناته الذاتية الخاصة من السبق إلى تنسم ذرى المجد وصولاً إليه. هنا يسقط الشاعر مفهوم المجد المتوارث، ليحلّ محله المجد المتأتي من الإرادة الغلابة والتصميم الثابت للإرادة البشرية وإمكاناته الثرة. وإذا كانت راية القوم في القتال لا تدفع إلا لمن اشتهر بصبره، ووثق بشجاعته، فالإنسان الذي يرجوه تأبط شراً ويأمله، هو من يقدر على حمل الراية والنهوض بموجباتها من ثبات في القتال واستبسال في ساحاته، وتصدر الصفوف في المواجهة، ويتوجب على المأمول أن يمتلك من سداد الرأي ما يمكنه من قطع كل قوم وصرم ما يعيا به غيره، وأن يكون كريماً بما يكفي لحضور منتديات القوم، حيث تقرر شؤون الجماعة وسبل حياتها، وإذا كان الغزو أحد السبل التي قبل بها المجتمع الجاهلي وأقر شرعيتها، فإن تأبط شراً قد ارتقى بها لتكون قاعدة ويصبح المأمول عند هذه النقطة جواب آفاق لا يميل إلى الدَّعة والإقامة في الحيّ، بل يجوب آفاق الصحراء المترامية الأطراف غازياً، ضارباً بين جنباتها، مقتحماً مجهولها، فيتناهى شعور الخوف إلى درجة الصفر، وتغدو الشجاعة ضرباً من الضروب اللازمة لحياة الإنسان. لقد كان الحلم الذي شغل بال الشاعر ومقومات الإنسان الذي يأمله ويأخذ بتلابيبه، هَمّاً أرقه إلى حدود السهد حيناً، وتماوج مع طيفه ليناً حيناً آخر، واتخذ في اللغة الشعرية الخاصة صفة المبالغة، وكأنه يريد أن يستنهضه ويستحضره عبر ركام المجتمع، في الوقت الذي عجزت وقائع الحياة ومصاعبها ونظمها وتقاليدها عن بنائه وإيجاده، فكانت الإرادة الذاتية للشاعر مأزومة مغلوبة، وفي ضوء ذلك نستطيع أن نلتمس تعليلاً لهذا الإصرار اللغوي في استخدام اسم الفاعل ومبالغاته المشددة، فصارت الصيغة تتردد في الألفاظ لا تبرحها إلا حين تقتضي ظروف النظم والقافية، وأضاف الشاعر إليها توازناً دقيقاً في عبارات متساوية لتبدو وكأنها مجموعة من البنى المتراكبة المتآلفة تخدم المعنى، وتتناغم معه، فتنساب محققة علاقة مثلى بين المبنى والمعنى. لقد استوفى الشاعر الشروط الموضوعية والذاتية لحلمه بإنسان جديد، ورسم ملامحه ومقومات بنائه، وكان من الطبيعي أن يقتضي السياق المنطقي لوحدة الموضوع، أن يحدد على نحو قصدي الغاية من وراء مراده فقال: فذاك همي وَغَزْوي أستغيثُ به إذا استغثْتُ بَضافي الرأسِ نَغّاقِ(18) إن خروج الشاعر على النظام القبلي الذي تواضع المجتمع على نظمه وأسلوب عيشه تركه وحيداً يعاني أزمة حادة، فالوعاء الاجتماعي البديل والنظام الذي يسيّره غير متوافر على أرض الواقع، فتحولت حياته إلى وحدة قاتلة تؤنسها في حالات قليلة ثلّة من المطاردين الذين تلاحقهم جرائر أعمالهم، وتحاصرهم متطلبات حياتهم الجديدة، ومقومات ديمومتها واستمرارها، لذلك وجب عليه أن يحلم بتشكيل الإنسان المتوافق مع هذه الحياة، وعلى الرغم من وجود مشترك كبير لمواصفات الإنسان في الحياة القبلية الاعتيادية، وبين ما يؤمله الشاعر ويرتئيه، بيد أننا نلحظ تركيزاً شديداً على المقومات البدنية والقوى الجسدية، وعلى الفطنة المستمدة من سداد الرأي، وعلى القول الذي يعي الآخرين في صرامة القيادة، وكلّها عوامل تؤهل الإنسان المراد للوفاء بمتطلبات الحياة الجديدة، والتآلف مع مقتضياتها القائمة على الغزو والسلب والإغارة، أساس حياة الصعاليك وسبيل تدفقها. وانطلاقاً من تلك الرؤية جعل الإنسان البديل والبحث عنه، هماً ملازماً، واضطره إلى تقديمه مغيثاً يسند الآخرين ويفتديهم، ينصرف إلى الإغارة بحواسه كلها، وقدراته جميعها، لا يشغله عنها شيء، لأن الخطأ يعني الهلاك، والفوز يعني السيطرة على الأسلاب وجمعها، وتمكين الحياة من الاستمرار، وأشار ابن الأنباري(19) نقلاً عن أحمد بن عبيد إلى الرابط بين بغية الشاعر وما يعول عليه الإنسان المأمول بالقول "فهذا الذي ذكرت، على مثلهِ أعول، ومثله أطلب وأغزو لأصحبه ويصحبني". فيما سبق من أبيات، يكون الشاعر قد وفى بالشروط الموضوعية التي ارتضاها لإنسانه المأمول المستغاث به في الغزو والحياة، بيد أن "الأنا" المتورمة بفعل الواقع الاجتماعي الجديد، وما خلفته مأساته الخاصة من مشاعر الرفض بعد طرده من القبيلة، تعود مرة أخرى فتكشف عن نفسها قوة بدنية استثنائية مؤهلة، لا يقف عند إرادتها حدود، إلا حدود الغاية المرتجاة، والهدف الذي يحدده الشاعر لنفسه، ولا ينسى الشاعر في سياق الكشف عن ذلك أن يطلعنا مرة أخرى على بعض المظاهر العامة لحياة الصعاليك، وما فيها من نصب، وما تستلزمه من إرادة. يقول الشاعر: وقُلَّةٍ كَسِنان الرمح بارزةٍ ضَحْيَانَةٍ في شهور الصيف مِحْراق(20) بادرت قُنَّتَها ـ صحبي وما كَسِلوا ـ حتى نَميْتُ إليها قَبْل إشراق(21) لا شيءَ في ريْدِها إلاّ نعامتُها منها هزيمٌ ومنها قائمٌ باقِ(22) بشرثَةٍ خَلَقٍ يُوقى البَنان بها شَددت فيها سَريْحاً بعد إطراقِ(23) لم يكن الحديث عن القُلَّة مجرد افتتان وصفي، وأحسب أنه لم يكن غاية الشاعر القصدية على وجه التحديد، وإنما ارتبط بالوضوع العام وما ألمحنا إليه من حديث عن الذات النموذج والمثل، فالمخاطر المتأتية عن صعود القُلَّة، وتسنم ذروتها الخطرة، يعادل في شدته شدة سنان الرمح إذا طُعِن به، ولا يقدم على ذلك إلا كل موقن بالقتل. وإذا أضيف إلى ذلك نتوءُها غير الطبيعي، وأجواء الحرارة في شهور الصيف المحرقة، يمكن إدراك حجم المخاطر التي تحيط بتسلقها، ومع ذلك كله بادر الشاعر، فصعد إليها حتى بلغ ذروتها قبل شروق الشمس، بازّاً أقرانه، متفوقاً عليهم، على الرغم من شدة هؤلاء الأقران وقوتهم، وتقدم الجملة الاعتراضية "وما كسلوا" إيحاء دالاً على قدراته الاستثنائية بينهم، وتميزه منهم، ولتنبئ على نحو إضافي عن تضخم الذات، والتأكيد على الأنا الفردية حتى بعد خروجه من دوحة الحمى القبلية. ولكي يؤكد الشاعر حضوره في الوصول إلى الذروة، يقدم كشفاً حسياً بصرياً لما رآه في القمة، إذ ثمّة بضع خشبات منصوبة يستظل بها الربيئة، تقع عن حدود القمة وحافتها المشرفة على الهواء. إن هذه التفاصيل الدقيقة، تُعّد في واحدٍ من الوجوه تعبيراً عن صدقه في القول، وإثباتاً لقدراته الجسدية التي عرضها من قبل، وتقدم للمتلقي لمحات عن شظف حياة الصعلوك، وتفاعله مع سير تواترها اليومي. إن القوة التي تغالب الموت لتستقر في معترك حياة يموج بالمخاطر، وبرؤى الموت المفاجئ الذي قد يختفي عند كل منعطف، تأخذ تلاوينها الدالة على البؤس الشديد في صورة الشرثة الخَلَق الممزقة، وتعدُّ مثالاً حياً عن ضعف الإمكانات المادية التي تسيطر على حياة الصعلوك الضنكة. وفي ضوء ذلك يمكن تفسير ظاهرة التورم في الحديث عن عناصر القوة البدنية التي يراها الشاعر ويدعو إليها، وما تجيش به النفس الإنسانية الطامحة إلى الحياة، المتعلقة بها لتحقيق المعادلة الصعبة بين ضعف الإمكانات المادية والبؤس الاجتماعي من جهة، والتعويض عنهما بالقوة البدنية والرأي السديد والحزم في القيادة من جهة أخرى. وعلى الرغم مما يعتور الأبيات من ألفاظ صعبة وكزّة، تجعلها غريبة غير مأنوسة، فإننا نحسب أن وضعها وسياقها كانا منطقيين، لأنها تعدّ مسميات لمواقع مستخلصة من واقع البادية والصحراء عبر تموجاتها (التضاريسية) وهي المواطن التي يلجأ إليها الشاعر وأمثاله في ظروف الحصار المضروب عليهم من كل صوب، لذلك تتلاشى أسماء الفاعلين ومبالغاتها، ليأتي التعبير اللغوي المعادي وصفياً منساباً، مشكلاً استكمالاً لوثيقة معبرة عن واقع الحياة كما شهده الشاعر وأقرانه من الصعاليك. تطلّب إبراز الجانب الجسدي وعناصر قوته تقديم الجانب الخَلْقي لذات الشاعر فيما سبق من أبيات، وكان من الطبيعي، وتأسيساً على وحدة الموضوع وسياقه المنطقي، أن يستدركه بعرض الجانب الخُلقي. وانطلاقاً من طبيعة حياة تأبط شراً، وحياة غيره من الصعاليك ومقتضياتها، يأتي الكرم سمة بارزة وعلامة مميزة. بيد أن طريقة العرض في الجانب الإبداعي لم تكن على نحو مباشر، فاتخذت طريقها رداً على اللائمين العاذلين الذين ألحوا على تأنيبه لتبذيره أمواله وإنفاقه بشكل غير مسوّغ، وتطلب ذلك إجراء مناقشة موضوعية، وقد عبر عن ذلك بالقول: بل مَنْ لِعَذَّالةٍ خذَّالةٍ أشِبٍ حرّقَ باللّوم جِلْدي أيَّ تَحراقِ(24) يقول أهلكْتَ مالاً لو قَنِعْتَ به من ثَوْبِ صِدْقٍ ومن بَرٍّ وأعْلاقِ(25) ينتقل الشاعر من الجانب الخَلْقي إلى الجانب الخُلقي بحرف العطف دلالة على تكامل الجانبين في ذهنه، ووحدة الموضع الذي يرمي إليه، فيعظم من شأن العذال مستخدماً أسلوب الاستفهام الاستنكاري، وكأنه يلمح إلى دقة الحجج ومنطقيتها، بحيث لا يتمكن من الرد عليها إلا صاحب رأي قاطع كان قد أفصح عنه بأنه يعي غيره، ويصرم آراءهم، لتعود مرة أخرى وتصب في كيان الذات المتورمة. ويبدو تأثير جماعة العاذلين المعترضين على سلوكه في إنفاق المال شديداً مما دفعه إلى معادلة وضعهم باستقدام أقصى غايات التعبير اللغوي، التي ارتسمت مبالغة مشددة، وتتعمق على نحو أوضح في الصورة التي قاربت فيها وضع المعترضين، ليجعلها في مصاف الحروق الشديدة التي تجعل الجلد متهتكاً. ويعرض تأبط شراً حجج العاذل ومنطقه المستنبطة من واقع الحياة الداعي إلى القناعة وإلى تسخير المال لتأمين سبل الحياة ومستلزماتها المادية من الثياب والحوائج، وفق الظروف الاعتيادية ومنطقها، وليس في ظروف الحياة الجديدة التي آل إليها الشاعر وما تفرزه من معطيات جديدة، ثم ينبري للرد عليها عبر مناقشة هادئة استمدّ مقوماتها من حقائق الحياة ورؤيته الخاصة لها فيقول: عاذلتي إنَّ بعضَ اللّوم منفعةٌ وهل متاعٌ وإن أَبْقَيتُه باقِ إني زعيمٌ لئن لم تتركوا عَذلي أنْ يسألَ الحيُّ عني أهلّ آفاقِ(26) أن يسألَ القومُ عني أَهْل معرفةٍ فلا يُخبرهمُ عن ثابتٍ لاقِ يستدرج الشاعر لائمه استدراجاً طفيفاً، فيقر بوجود وجوه المنفعة لبعض اللوم، لكنه سرعان ما يرتد عبر أسلوب الاستفهام الاستنكاري ناهضاً لرد الحجة، مردداً الحقيقة الأزلية التي تفرزها الحياة، إذْ أن كل الأمتعة والحوائج التي يحتويها الإنسان ويستخدمها، آيلة إلى الزوال، كما الإنسان نفسه، وتنتفض إرادة الحرية التي تأبى إخضاع النفس لمعارف المجتمع وقوانينه التي رفضها الشاعر قبلاً، مهدداً عذاله وخذاله بقطع ما تبقى معهم من صلات، والانطلاق إلى الآفاق الرحبة في مجاهل الأرض، التي لا يعرفها ويصل إليها أحد، حتى أهل الخبرة والدراية، لن يتمكنوا من استقصاء مكانه ومعرفة السبيل إليه، فهل احتكار معرفة المكان المختزن لدى الشاعر، يعد معادلاً للإدراك العام الذي يتنبأ به تأبط شراً انطلاقاً من موقع الشاعر الريادي بشكل عام، وما يمثله من وعي أكثر رقياً ومعرفة من الآخرين؟!.. وإذ يصرم الشاعر القول، ويُعيي الآخرين منذراً بالقطيعة، يضع ختاماً للمناقشة رافضاً قيود المجتمع، وبعضاً من مفاهيمه السائدة، مفصحاً عن رأيه: بأن على المرء أن يسدَّ ثلم الفقر وفروجه حتى يلاقي الموت، ويختتم القصيدة ببيان مكانته التي كان قد ألمح إليها عبر ما استقر من أبيات على نحو قصدي مباشر، وفي أحيان قليلة، ولمع بسيطة على نحو غير مباشر، يقول الشاعر: سدّد خِلالكَ من مالٍ تُجمِّعُه حتى تُلاقي الذي كلُّ امرئ لاقِ لتقرعَنَّ عليَّ السنَّ من نَدمٍ إذا تذكَّرْتَ يوماً بعضَ أخلاقي وتتخذ ظاهرة الرفض لمنطق اللائمين بعدها في لغة الشاعر الخاصة، مرتسمة في فعل الأمر الذي يملأ الساح "سدّد"، وما يوحي به من رأي حازم، وما يدل عليه من بعد تبشيري يعد بإنفاق المال المكتسب وفق الشروط التي يحددها الإنسان نفسه، كما تبدو جليّة في لام الأمر التي تتصدر فعل "تقرع" وما والاه من نون التوكيد الثقيلة، كل ذلك بقصد بيان حالة الفراغ الخلقي الكبير الذي سيخلفه الشاعر في حال ارتحاله، والقيمة المعنوية التي يؤملها على آرائه ورؤيته للحياة. كان الشاعر منذ البداية، يحلم بإنسان جديد، يحمل مواصفات تتطلبها طبيعة حياة الصعاليك الجديدة، والتي انتهى إليها طوعاً أو كرهاً، وظل العمود الفقري لمواصفات الإنسان المبتغى، يتردد صداه على نحو مستقل، أبدعه ذهن الشاعر وفكره وفهمه، غير أن العامل الموضوعي لم يستمر متصاعداً، مما دفع بالذات الشاعرة لأن تتخذ من نفسها مثالاً دالاً، محددة الغاية المرجوة والوظيفة الاجتماعية لها بالغزو والإغارة. مما أدى والحال هذه إلى وحدة الموضوع في القصيدة، بحيث آل إلى كُلٍّ واحد، ولن يؤخذ المتلقي بالانعطافات والفرج التي بدت واسعة بعض الأحيان، في أثناء الحديث عن ليلة صدامه مع فرسان بجيلة ومغامرته وأقرانه معهم، وكذا الأمر في ليلة تسنمه ذرى القلة ونعامتها المهجورة، فإن الانعطافين يقعان تحت سقف الذات المثال. وظلت مشاعر الرفض مهيمنة على أحاسيس الشاعر، تنبض متفجرة منبئة عن ذلك التعادل المحبب بين فراره من فرسان بجيلة، ومن الإنسان الذي لا يقوم بمقومات الصداقة، واستمرت المشاعر متأججة في فراره من العذال والخذال الذين يأخذون عليه طريقه في الإنفاق، إذ تنامى الرفض ليغدو انقلاباً على القيود. وأحسب أن رفض منطق العذّال ولومهم، يخفي تحت أعطافه رفضاً أوسع لقيود اجتماعية رأى فيها الشاعر تكبيلاً لحريته الفردية، وآثر الخلاص من إسارها، محاولاً استجماع قوة تعزز مفهومه وتبعثه واقعاً معيشاً.. لقد تمكن الشاعر من السيطرة التامة على موضوع النص الأساسي، وظلت مشاعر الرفض متأججة جامحة، مما يدعو إلى القول: إن قصيدة تأبط شراً حققت عنصرين لازمين لما سماه النقاد(27) وحدة القصيدة، وجعلتها أحد النماذج المهمة الدالة على ذلك.. خلاصة: تحاول هذه الدراسة عرض نصٍّ من الشعر العربي القديم، لتبرهن من خلاله على وحدة القصيدة، فتختار قصيدة الشاعر تأبط شراً، لا لتعمم القاعدة على الشعر القديم كلِّه، بل لتُشير إلى أن ثمة نصوصاً فيه حملت الكثير من المقومات الدالة على الوحدة. وتقدم دراسة النص وتحليله كشفاً بوحدة الموضوع، ترتكز على إبراز المشاعر الواحدة التي هيمنت عليه، ذلك أن العنصرين يعدان الأكثر تداولاً عند النقاد في حديثهم عن وحدة القصيدة وفي سياق العرض يبتدئ حلم الشاعر بإنسان جديد يمتلك مقومات القوة البدنية، والصبر على الشدائد، والذكاء اللمّاح، والحزم في القيادة، وتبرز على نحو واضح الذات الشاعرة، فتقدم نفسها مثالا ًدالاً على تضخم "الأنا" لتعادل الانسلاخ الاجتماعي بعد سقوط الحماية القبلية عنها، ويتخلل ذلك كلَّه استطرادات تدور في فلك الفكرة الرئيسية، وتعدّ الاستطرادات وثيقة تنبئ عن حياة الشاعر الخاصة، وتكشف طيفاً من حياة الصعاليك، وما يكتنفها من شظف وضنك. الحاشية: (*)ـ باحث سوري. (1)ـ انظر العمدة، ابن رشيق 22/26، وتقويم الدكتور يوسف بكار لآراء النقاد القدامى في كتابه: بناء القصيدة العربية، 419 وما بعدها. (2)ـ مقدمات القصيدة العربية، عطوان. (3)ـ الأغاني، أبو الفرج الأصفهاني 212/148 ـ 164، ولسان العرب، ابن منظور، 7/167 و 14/267 و2/138 ـ 139. (4)ـ ديوان المفضليات، بشرح القاسم الأنباري، ص 1 وما بعدها. (5)ـ شرح القصائد السبع، الأنباري، 53. (6)ـ العيد: من المعتاد وهو الوقت الذي يعود فيه الذكر والوجع والشوق ـ الأهوال: موضع البعد والمخافة ـ الطراق: القادم ليلاً ـ الأَيْن: ضرب من الحيات وقيل التعب والإعياء ـ محتفياً: حافي القدمين. (7)ـ ديوان المفضليات، الأنباري، 3. (ـ الخُلِّةُ: الصداقة ـ الأحذاق: جمع حذقة وهي القطعة. (9) ـ الخبت: اللين من الأرض. (10)ـ معدى بن براق: حيث عدا وابن براق صعلوك مثله ـ العيكتان: اسم موضع. (11)ـ حثحثوا: حثوا ـ والحص صفة الظليم المتناثر الريش ـ القوادم: ريش الجناح بعد الرأس ـ أم خشف: ظبية ـ الشث والطباق: نوعان من نبت السراة. (12)ـ ذو عذر: الفرس الذي شعر ناصيته مقبل على الوجه ـ الريد: الشمراخ الأعلى في الجبل. (13)ـ الواله: الذاهب العقل ـ القبيض: السريع ـ الغيداق: الكثير الواسع. (14)ـ الأغاني، الأصفهاني، 21/ 132 (15)ـ الغايات: جمع غاية: منتهى الشيء ـ مُرجع الصوت: يصيح بأصحابه آمراً ناهياً ـ الأرفاق: الرفاق الذين يصيح بهم ـ الهدّ: الصوت الغليط. (16)ـ الظنابيب: جمع ظنبلوب وهو حرف عظم الساق ـ النواشر: عروق ظاهر الذراع ـ الأدهم والغساق: الشديد الظلمة ـ المحكمة: الكلمة الفاصلة القاطعة للأمور. (17)ـ جَوْبُه للأرض: خرقه لها وسيره فيها. (18) ـ الضافي: الكثير السابغ ـ والنغّاق: ذو الصوت القبيح. (19) ـ ديوان المفضليات، ابن الأنباري، 15. (20) ـ القلة: أعلى الجبل دقيقة وطويلة يصعب صعودها ـ ضحيانة: بارزة. (21) ـ القنة: أعلى قمة في الجبل. (22) ـ الريد: حرف الجبل المشرف على الهواء ـ النعامة: خشبات في أعلى الجبل يستظل بها الربيئة ـ الهزيم: المتكسر المتقطع. (23) ـ الشرثة: النعل الخلق ـ السريح: القِّد والسير الذي يشد به النعل ـ الإطراق: أن يجعل تحت النعل مثلها. (24) ـ الأشب: المخلط عليه المعترض (25) ـ الأعلاق: جمع علق وهو ما كرم من سيف أو ثوب أو نحوه. (26) ـ الزعيم: الكفيل. (27)ـ قضايا النقد الأدبي والبلاغة، محمد زكي العشماوي، 51، والصورة البلاغية عند عبد القاهر الجرجاني، أحمد علي دهمان، 118، وتاريخ الشعر العربي حتى أواخر القرن الهجري الثالث، نجيب البهبيتي، 53. المصادر والمراجع: 1 ـ الأغاني: لأبي الفرج الأصفهاني ـ دار إحياء التراث العربي ـ بيروت (صورة عن طبعة دار الكتب) القاهرة ـ 1963 م. 2 ـ بناء القصيدة العربية: ليوسف بكار ـ دار الثقافة للطباعة والنشر ـ القاهرة ـ 1979م. 3 ـ تاريخ الشعر العربي حتى أواخر القرن الهجري الثالث: لنجيب محمد البهبيتي ـ دار الفكر ـ القاهرة ـ الطبعة الرابعة ـ 1950م. 4 ـ دراسات في الشعر الجاهلي: ليوسف خليف ـ دار غريب للطباعة والنشر ـ القاهرة دون تاريخ. 5 ـ ديوان المفضليات: بشرح القاسم بن محمد بن بشار الأنباري ـ عني بطبعه وتحقيقه كارلوس يعقوب لايل ـ مطبعة الآباء اليسوعيين ـ بيروت ـ 1930م. 6 ـ الصورة البلاغية عند عبد القاهر الجرجاني: لأحمد علي دهمان ـ منشورات وزارة الثقافة، دمشق ـ الطبعة الثانية ـ 2000م. 7 ـ العمدة في محاسن الشعر وآدابه ونقده: لابن رشيق القيرواني ـ تحقيق: محمد محيي الدين عبد الحميد ـ دار الجيل ـ بيروت ـ الطبعة الرابعة ـ 1972م. 8 ـ قضايا النقد الأدبي والبلاغة: لمحمد زكي العشماوي ـ دار الكاتب العربي للطباعة والنشر ـ دون تاريخ. 9 ـ لسان العرب: لمحمد بن مكرم بن منظور ـ دار صادر ـ بيروت ـ دون تاريخ. kadi30 10:02 - 2014/06/01 بارك الله فيك اخت جزاك الله خيرا أبو رغد السلفي 11:19 - 2014/06/01 جزاك الله خيرا وبارك الله فيك أختي الفاضلة وقد قرب الكاتب فعلا الوجهة ورسم المعلم لتوجيه هذه الأبيات المميزة ولا غرو فالشاعر تأبَّط [هذا الموضوع مقفول ولا يمكنك الرد عليه.] الرؤية الحالمة.. والتصور البديل تأبط شراً "مثالاً" [إرسال الموضوع إلى Facebook] [أرشيف: الأدب و الشعر] أرشيف: الأدب و الشعر [أضف موضوع جديد] موضوع جديد إذهب الى منتدى: الموضوعالأصلي : الرؤية الحالمة.. والتصور البديل تأبط شراً "مثالاً" // المصدر : ممنتديات جواهر ستار التعليمية //الكاتب: التونسية سوسة
| |||||||
الإشارات المرجعية |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 20 ( الأعضاء 3 والزوار 17) | |
|
| |
أعلانات نصية | |
قوانين المنتدى | |
إعــــــــــلان | إعــــــــــلان | إعــــــــــلان | إعــــــــــلان |