نافذة على التراثنوف بنت محمد بن فهد بن عبدالعزيز آل سعود
طالبة دكتوراة
جامعة الدمام
1433/1/3
ربما تكون قضية تمويل مشاريع المحافظة على التراث العمراني أحد أهم القضايا التي تعاني منها مشاريع تطوير المناطق التاريخية المأهولة على وجه الخصوص على مستوى العالم، وذلك لأن "مشكلة التمويل" وتوفير المصادر المالية من أجل إنجاز برامج إحياء المناطق التراثية غالبا ما تواجه عجز في الموازنات ولا يوجد جهة واضحة مسؤولة عنها، فغالبا ما تكون المناطق التاريخية مملوكة من قبل الناس وهذا يجعل من صرف الحكومات عليها أمرا في غاية الصعوبة من الناحية النظامية والقانونية وفي الغالب يمثل ملاك هذه المناطق أكثر الناس فقرا في المدينة وبالتالي لا يوجد لديهم المقدرة على إعادة الحياة لممتلكاتهم التاريخية، كما أنه لا يوجد مؤسسات مجتمع مدني تهتم بالمناطق التاريخية بشكل مباشر، لكننا ربما نقف عند بعض المؤسسات الاقتصادية التي تقوم ببعض النشاطات التمويلية للمناطق التاريخية مثل البنوك كجزء من مسؤولياتها الاجتماعية على أن تأثير مثل هذه المؤسسات محدود مقانة بحجم ومساحة المناطق التاريخية والمبالغ الكبيرة التي تتطلبها عمليات الاحياء فيها. إذا نحن أمام معضلة حقيقية تواجهها المناطق التاريخية المأهولة على وجه الخصوص فصناعة مجالات اقتصادية تعتمد على تطوير هذه المناطق يعني بشكل أو بآخر تبني برامج تتكاتف فيها المؤسسات الأربع الفاعلة في الحياة المدنية المعاصرة وهي الحكومات والقطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني والناس (ملاك وعامة الناس) كما يتطلب الأمر تطوير برامج قروض وبرامج تبرع وتكثيف عمليات التبرع ضمن برامج المسؤولية الاجتماعية للمؤسسات الاقتصادية الخاصة وحث الملاك على المساهمة بشكل أو بآخر للعمل بشكل جماعي من أجل إنقاذ هذه المناطق المهمة. الأمثلة التي قمت بدراستها على مستوى العالم أكدت بما لايدع للشك، أنه لايمكن لجهة واحدة القيام بهذه المهمة الجسيمة، وكل ما كان تناغم هذه الجهات عميقا كلما كان نجاح العمل مؤكدا، لذلك لا نود أن نلقى باللوم على احد ولا نريد أن نحمل جهة واحدة المسؤولية، بل هي مسؤولية مشتركة وجماعية. الموضوع كما أتخيله يحتاج إلى تطوير برامج واضحة تتبناها الهيئة العامة للسياحة والآثار وتعمل من خلالها، مع باقي الشركاء، على تنفيذ خطط لها أهداف واضحة على المستوى المحلي وتشكل منظومات عمل من أجل التأكد من نجاح هذه البرامج وفاعليتها. نحن أمام عمل كبير يتطلب أن نتكاتف جميعا من أجل انجازه وإنجاحه.