الأحاجي في الأدب العربي
مثنى كاظم صادق
يحظى كل تراث مدون أو شفاهي بالأحاجي والألغاز الحزورة الفزورة والمعمى والمغطى وكلها تدل على معنى الشيء المبهم الملغز ولكن لكل من هذه الأسماء معان عدة فالأحجية لغة, مخالفة المعنى للفظ وهي لعبة شفاهية يتعاطاها الناس بينهم أما اللغز فهو الكلام الملبس, ألغزت في كلامي أي جعلته ملتبسا على السامع أما كلمة حزورة فيكثر استخدامها في العراق وهي كلمة فصيحة أيضا معناها التلة الصغيرة التي لا يعرف ما وراءها والحزر التقدير والتخمين وفي مصر فزورة وهي كلمة تعني انشقاق الثوب وتمزقه وربما تعني تلطفا واصطلاحا شق الثوب من عدم حل اللغز أو ربما جاءت لتوافق السجع في الكلمات لأنهم يقولون حزر فزر ) أما المعمى والمغطى فتدلان على الإخفاء والتضليل والإيهام ولذلك يطلق التونسيون عليها ( مخبو وطلاعة ). تضرب جذور الألغاز العربية منذ القدم حيث كان الإنسان البدائي في بداية التحرك الذهني ولذلك كانت الألغاز تلقى في المجالس والتجمعات على شكل أدبي عن طريق الشعر أو الحكاية القصيرة المسجوعة. يروى أن عبيدا بن الأبرص لقي امرأ القيس فقال له: ( ما القاطعات لأرض لا أنيس بها / تأتي سراعا وما يرجعن أنكاسا ) فقال له أمرؤ القيس تلك الرياح إذا هبت عواصفها / كفى بأذيالها للترب كناسا ) ويستطرد الشاعران في الأحاجي ونجد في مثل هذه الأحاجي الكثير في بطون الكتب مما يدل أن هذا الفن قديم وليس وليد الحداثة بل نجد أن الخليل بن أحمد الفراهيدي هو أول من نظر في الألغاز أو المعمى كما كانوا يسمونها وخطا خطوه من بعده العلماء. تقسم الألغاز إلى الغاز شعرية و الغاز نثرية يراعى فيها السجع أو التلفيق أي أيراد كلمة فيها تغيير طفيف لكي يشتبه السامع ويفكر في حلها لفترة من الزمن أما اللغز ففوائده انه يجعل العقول تنبض بالفكر وهو وسيلة للتخاطب الاجتماعي ومد جسور المعرفة بين الناس فضلا عن التسلية وأحيانا يكون حل اللغز عبارة عن طرفة ( نكتة ) يضحك لها المتلقي ونلاحظ أن الغاز الأطفال تتسم بسمة إيقاعية وبساطة في الحل فضلا عن حب الطفل للإيقاعات الموسيقية وهذه باقة من الأحاجي العربية مع حلها ( أنا الحي أنا الميت / ولي في بيتكم بيت ), ( ولي لحم ولي عظم / ولا ريش ولا دم), ( ترى الطباخ يقلبني / ويسلقني ويشويني ), (إذا شق أمرؤ بطني / رآني في لونين ), ( فنصف فضة عجب / ونصف لونه ذهب ).الحل هو ( البيضة )أما الأحجية الأخرى فهي ( صفراء من غير علل / مركوزة مثل الأسل ), ( كأنها عمر الفتى / والنار فيها كالأجل ) الحل هو ( الشمعة ) وهذه أخرى ( خبروني أي شيء / أوسع ما فيه فمه ) , ( وأبنه في بطنه / يرفسه ويلكمه ) , ( وقد علا صياحه / ولم يجد من يرحمه ) الحــــل هو(الهاون) أما في النار فقالوا: ( وآكلة بغير فم وبطن / لها الأشجار والحيوان قوت ), ( إذا أطعمتها انتعشت وعاشت / وان سقيتها ماء تموت ) أما الأحاجي النثرية فهذه باقة منها : ماذا يوجد وسط القاهرة , ( الهاء )/ يتعلق بكل شيء ولا يستطيع احد التعلق به ( الغبار ) / ما صلة القرابة بينك وبين ابنة والد والدك؟ (عمتك) / من الذي يعمل وهو يلعب؟ ( الرياضي ) أما في اللهجة العامية العراقية فيوجد الكثير من ألأحاجي الشعرية والنثرية من الفن الأول والثاني نختار هذه الأحجية والتي نترك حلها للقاريء الكريم ( شنهو البلا رجلين ولحمه استحلوه / أو شنهو الحلال أيصير وبس راسه ذبوه) / ( عمتك أخت أبوك خال ابنهه شيصير منك