حصار مكة: حصار مكة:
وثالثة الحوادث التي يقع معظم تبعتها على عبد اللَّه بن الزبير حصار مكة فإن مسلماً لما انتهى من أمر المدينة سار قاصداً مكة لحرب ابن الزبير واستخلف على مكة روح بن زنباع الجذامي، وقد أدركت المنية مسلماً بالشلل فاستخلف على الجند الحصين بن نهير كما أمر يزيد فسار بالجند إلى مكة فقدمها لأربع بقين من المحرم سنة 64 وقد بايع أهلها وأهل الحجاز لعبد اللَّه بن الزبير وقدم عليه نجدة بن عامر الحنفي الخارجي لمنع البيت، فخرج ابن الزبير للقاء أهل الشام فحاربهم حرباً انكشف فيها أصحابه فسار راجعاً إلى مكة فأقاموا عليه يقتلونه بقية المحرم وصفر كله حتى إذا مضت ثلاثة أيام من ربيع الأول رموا البلد بالمنجنيق ولم يزل الحصار حتى بلغهم نعي يزيد بن معاوية فوقف القتال.
هذه ثلاث فتن كبرى داخلية حصلت في أيام يزيد جعلت اسمه عند عامة المسلمين مكروهاً حتى استحل بعضهم لعنه ونحن بعد أن بسطنا أمامكم هذه الحوادث وآثارها لا نرى من العدل أن يتحمل يزيد كل تبعتها بل إن الذي يتحمله جزء صغير منها لأنه بايعه معظم المسلمين وخالف عليه قليل منهم من المعقول أن يتركهم وما يشتهون لتفرق الكلمة وليس من السهل أن ينزل لهم عما تقلده فيما ترى على فعل ما فعل وإنما الذي عليه تلك الشدة التي أجرتها جنوده بعد أن تم لها النصر.