الدولة: هي الكيان السياسي والإطار التنظيمي الواسع لوحدة المجتمعالدولة: هي الكيان السياسي والإطار التنظيمي الواسع لوحدة المجتمع والناظم لحياته الجماعية وموضع السيادة فيه، بحيث تعلو إرادة الدولة شرعاً فوق إرادات الأفراد والجماعات الأخرى في المجتمع، وذلك من خلال امتلاك سلطة إصدار القوانين واحتكار حيازة وسائل الإكراه وحق استخدامها في سبيل تطبيق القوانين بهدف ضبط حركة المجتمع، وتأمين السلم والنظام وتحقيق التقدم في الداخل والأمن من العدوان في الخارج. وإلى جانب الاستخدام العام للمصطلح بمعنى الجسم السياسي للمجتمع. هناك استخدام أكثر تحديداً يقتصر فيه المعنى على مؤسسات الحكم. تتألف عناصر الدولة من الشعب والأرض والسلطة. ومن الناحية القانونية تعتبر الدولة شخصية قانونية موحدة، وكياناً جماعياً دائماً، يتمتع بسلطة الأمر والنهي على نحو فريد في المجتمع، يضم هيئة من الأشخاص الطبيعين، يديرون السلطة العليا للدولة والّتي تمارسها عنها وكالة الحكومة. تعود نشأة الدولة إلى ميل الإنسان نحو الحياة الاجتماعية الّتي تصبح صعبة في غياب عقد اجتماعي يضع قواعد التصرف والحقوق والواجبات الاجتماعية للأفراد، ويتضمن وجود سلطة عليا في المجتمع قادرة على التحكيم، والحفاظ على القانون، تقف فوق المصالح الضيقة، وتستخدم صلاحياتها لخدمة كل المصالح الدائمة والثابتة للمجتمع، ويحقّ لها في المقابل طلب الطاعة من الناس واستخدام القوة لضمان تقيد الأفراد والجماعات بالقوانين. ويلاحظ أن الدول القديمة قد قامت على أساس اجتماعي ـ ثقافي ـ ديني شمولي بما في ذلك دولة ـ المدينة عند الإغريق. وقد اعتبر كل من أفلاطون وأرسطو دولة ـ المدينة نموذجاً مثالياً للمجمتع لكونها قادرة على تحقيق الاكتفاء الذاتي اقتصادياً واجتماعياً وأخلاقياً. أما المعنى الغربي المعاصر لمفهوم الدولة، فقد ولد على يد ماكيافيلي في القرن السادس عشر. ينطلق المفهوم المعاصر في فهم سلطان الدولة من التأكيد على السيادة القانونية ممثلةً في إصدار القوانين وتفسيرها وتطبيقها، وعلى السيادة السياسية ممثلةً في احتكار وسائل العنف والإكراه لضمان طاعة المواطنين، وصيانة الاستقلال إزاء الدول الأخرى، وأخيراً حصر الحق في إقامة العلاقات مع الدول الأخرى والهيئات الدولية على الدولة. أما السمات الأخرى للدول فكانت الاستقرار والثبات بالنسبة للحدود مع الدول الخارجية بحيث ترافقت حدود الدولة مع تشكيل الأمة في كثير من الحالات، إلا أن التمييز بين الدولة والأمة والحكومة بقي ضرورياً لعدم التوافق والتطابق الكلي في جميع الحالات. وقد اقتضت ممارسة الدولة لوظائفها قيام مؤسسات وهيئات حكومية ثابتة، ومهمتها تكوين السياسات ووضع القوانين. أما النظريات المطلقة والتيوقراطية (الدينية) فقد استندت إلى نظرية الحق الإلهي الّتي منحت الشرعية للسلطة السياسية بواسطة قدرة سماوية لا طاقة للبشر لتحدّيها، بل يجعل التمرد على الحاكم خطيئة كما قال البابا ليون الثالث عشر (عام 1881) في معرض شرح نظرة الكاثوليك إلى حق القيادة. إلا أن المنظَّرين الدينيين جعلوا القانون الطبيعي والمفاهيم الأخلاقية العامة حدوداً لسلطان الحكم. أما النظم الإسلامية فلم تفصل بين الدين والدولة، فالخلافة عند ابن خلدون «هي رئاسة عامة في أمور الدين والدنيا نيابة عن الرسول» والخليفة هو أمير المؤمنين يقودهم في الجهاد المقدس، ويؤمّهم في الصلاة ومهمّته السهر على تطبيق أحكم القرآن والدفاع عن المسلمين والإسلام». وعلى الرغم من وجود بعض العلماء المسلمين الذين يقولون بأ، الخليفة يستمدّ سلطانه من الأمة، فهي مصدر قوته وهي الّتي تختاره لهذا المقام، فإن حق انتخاب الخليفة محصور بأهل العقد والحل، وهم فئة قليلة يشترط فيهم العلم والرأي والحكمة والعدالة. ومع ذلك فلا بد من القول بأن آراء المسلمين في طاعة الخليفة اختلفت من عصر إلى عصر. ففي عصور الشدة والخطر يكثر الاستشهاد بفكرة «والفتنة أشد من القتل». وفي أزمات الطغيان الذي لا يحتمل يقول الفقيه الإسلامي «إن قول الحق في وجه سلطان جائر يساوي صلاة ألف شهر»، كما أن تفسير القوانين والسهر على العدل تتطلب إيجاد السلطة التشريعية.