هل نشوء الدولة يعود إلى التعاقد الحر بين الأفراد؟ أم بوصفها تجسيدا لروح الأمة وللعقل الكوني أي بوصفها تحمل غايتها في ذاتها؟هل نشوء الدولة يعود إلى التعاقد الحر بين الأفراد؟ أم بوصفها تجسيدا لروح الأمة وللعقل الكوني أي بوصفها تحمل غايتها في ذاتها؟
الأطروحة :
يبين هيغل أن الدولة لا تقوم على أساس تعاقدي حر بين الأفراد ، فغاية الدولة هي تحقيق روح امة من الأمم وتجسيد العقل الكوني ، مما يجعل وجود الفرد داخل الدولة والانتماء إليها واجبا ساميا وتجسيدا للعقل وللإرادة الجوهرية. تعريف الدولة لدى هيغل: الدولة هي تحقيق للوجود الأخلاقي للفرد، لكونها تعبيرا عن الإرادة الجوهرية للأمة والعقل الكوني، وهذا ما يمنح للدولة طابعها الكوني والشمولي. وهذا ما يجعل غاية الدولة تكمن في ذاتها وليست تحقيقا لأغراض خارجية ناتجة عن التعاقد الحر بين الأفراد ، وبذلك تكون الدولة بالنسبة للفرد هي البداية والنهاية أي أن الفرد لن يكون له أي فردية أصيلة أو موضوعية أو حياة أخلاقية إلا من خلال انتمائه للدولة ،لأن الحرية المطلقة بشكلها الأسمى نتحقق في الدولة وبواسطتها ، و يكون إرضاء حاجات الأفراد وأنشطتهم وأنماط سلوكاتهم نتيجة لهذه الحياة الجماعية الكلية التي لا يمكن للفرد أن يحقق وجوده الموضوعي خارجها.ينتقد هيغل التصور التعاقدي للدولة والتصور الذي يخلط بين الدولة والمجتمع المدني ، لأن هذا التصور في نظره يجعل غاية الدولة غاية خارجية لا تنبع من داخلها بل بوصفها نتيجة لتعاقد مجموعة من الأفراد الأحرار على التنازل عن بعض حقوقهم أو كلها لسلطة مركزية( الدولة) ، من اجل حماية أمنهم وممتلكاتهم وحرياتهم الشخصية ، وهذا ما يجعل الانتماء إلى الدولة أو عدم الانتماء إليها اختياري( أي إمكانية عدم الانتماء للدولة في غياب الخوف أو حاجة الفرد إلى تلك الحماية) في حين أن غاية الدولة بالنسبة لهيغل غاية داخلية بوصفها تجسيدا للعقل الكوني والروح الموضوعية للأمة مما يجعل وجود الفرد مرتبطا ارتباطا كليا بالدولة.