مواضيع ذات صلة

**المهندس جورج فارس رباحية** · الأربعاء 22 أبريل - 5:11:44

إيليا أبو ماضي (3)

[size=32]إيليا أبو ماضي (3)[/size]

1889 ـ 1957

المهندس جورج فارس رباحية

تابع لما نشر في (2)

4 ـ ونقرأ هذا الوصف الجميل للغني الفقير :

يا عابد المال قل لي هل وجدت به

روحا تؤانسك أو روحا تؤاسيها

حتّى م ، يا صاح ، تخفيه و تطمره

كأنّما هو سوءات تواريها ؟

و تحرم النفس لذات لها خلقت

و لم تصاحبك ، يا هذا ، لتؤذيها

أنظر إلى الماء إنّ البذل شيمته

يأتي الحقول فيرويها و يحميها

فما تعكّر إلاّ و هوم منحبس

و النفس كالماء تحكيه و يحكيها

ألسجن للماء يؤذيه و يفسده

و السجن للنفس يؤذيها و يضنيها

و انظر إلى النار إنّ الفتك عادتها

لكنّ عادتها الشنعاء ترديها

تفني القرى و المغاني ضاحكة

لجهلها أنّ ما تفنيه يفنيها

أرسلت قولي تمثيلا و تشبيها

لعلّ في القول تذكيرا و تنبيها

[rtl] لا شيء يدرك في الدنيا بلا تعب [/rtl]

[rtl]5 ـ وقال في الغـــزل : [/rtl]

اسألوها ، أو فاسألوا مضناها

أيّ شيء قالت له عيناها ؟

فهو في نشوة و ما ذاق خمرا

نشوة الحبّ هذه إيّاها

ذاهل الطرف شارد الفكر ،

لا يلمح حسنا في الأرض إلاّ رآها

ألسواقي لكي تحدّث عنها

و الأقاحي لكي تذيع شذاها

و حفيف النسيم في مسمع

الأوراق نجوى تبثّها شفتاها

يحسب الفجر قبسه من سناها

و نجوم السماء بعض حلاها

و كذلك الهوى إذا حلّ في الأرواح

سارت في موكب من رؤاها

كان ينهى عن الهوى نفسه الظمأى

فأمسى يلوم من ينهاها

لمس الحبّ قلبه فهو نار

تتلظّى و يستلذّ لظاها !

كلّ نفس لم يشرق الحبّ فيها

هي نفس لم تدر ما معناها

[rtl]6 ـ وعلّمنا شعره الاندماج في الطبيعة حيث طهارة الجو تنتقل إلى الأرواح وبشاشة الأرض تقشع الكآبة عن الصدور فقال :[/rtl]

[rtl]فليكُ الليل راهبي وشموعي ***** الشهب . والأرض كلّها محرابي [/rtl]

[rtl]وكتابي الفضـــــــاء أقرا فيه ***** سوراً ما قرأتــــها في كتـــــاب [/rtl]

[rtl]وصلاتي التي تقول السواقي ***** وغنائي صوت الصبا في الغاب [/rtl]

[rtl]ولتكحل يد السمــــاء جفوني ***** ولتعـــــانق أحلامـــه أهدابــــي [/rtl]

[rtl]وليقبّل فم الصبـــــاح جبيني ***** وليعطّــــر أريجـــــه جلبــــابي [/rtl]

[rtl]7 ـ وقال في تحيته إلى الشام : [/rtl]

حيّ الشآم مهندا و كتابا

و الغوطة الخضراء و المحرابا

ليست قبابا ما رأيت و إنّما

عزم تمرّد فاستطال قبابا

فالثم بروحك أرضها تلثم عصورا

للعلى سكنت حصى و ترابا

و اهبط على بردى يصفّق ضاحكا

يستعطف التلعات و الأعشابا

روح أطلّ من السماء عشية

فرأى الجمال هنا .. فحنّ ، فذابا

و صفا و شفّ فأوشكت ضفاته

تنساب من وجد به منسابا

با أدمع حور الجنان ذرفنها

شوقا ، و لم تملك لهنّ إيابا

بردى ذكرتك للعطاشى فارتووا

و بنى النهى فترشّفوك رضابا
8 ـ إن الحيرة في أسرار الوجود بدأت تُخامر ذهنه منذ وصوله إلى مدينة سنسيناتي في ولاية أوهايو قبل أن يعرف نيويوك ويتصل بجبران وبأعضاء الرابطة القلمية فقال :
أفكّر كيف جئت وكيف أمضي ***** على رغمي فأعيا بالجواب
أتيت ولم أكـــــن أدري مجيئي ***** وأذهب غير دار بالإيــاب
إذا كان المصــير إلى التلاشي ***** فلمَ جئنا وكنا في حجاب ؟
وإن كان المصــــير إلى خلود ***** فما معني المنيّة والتبــاب
أمور لا يحيـــــط بهــــن فكر ***** ولو أمسى يحيط بكلّ باب
9 ـ ونقرأ في ديوان الخمائل قصيدة كن بلسماً :
كـن بـلـسماً إن صار دهرك أرقما $إيليا أبو ماضي (3) C:\Users\h\AppData\Local\Temp\msohtmlclip1\01\clip_image001$ وحـلاوة إن صـار غـيـرك عـلـقما
إن الـحـيـاة حـبـتـك كـلَّ كـنـوزهـا $إيليا أبو ماضي (3) C:\Users\h\AppData\Local\Temp\msohtmlclip1\01\clip_image001$ لا تـبخلنَّ على الحياة ببعض ما ..
أحـسـنْ وإن لـم تـجـزَ حـتى بالثنا $إيليا أبو ماضي (3) C:\Users\h\AppData\Local\Temp\msohtmlclip1\01\clip_image001$ أيَّ الجزاء الغيثُ يبغي إن همى؟
مَــنْ ذا يــكـافـئُ زهـرةً فـواحـةً؟ $إيليا أبو ماضي (3) C:\Users\h\AppData\Local\Temp\msohtmlclip1\01\clip_image001$ أو مـن يـثـيـبُ الـبـلـبل المترنما؟
يـا صـاحِ خُـذ عـلـم الـمـحبة عنهما $إيليا أبو ماضي (3) C:\Users\h\AppData\Local\Temp\msohtmlclip1\01\clip_image001$ إنـي وجـدتُ الـحـبَّ عـلـمـا قـيـمـا
لـو لـم تَـفُـحْ هذي ، وهذا ما شدا، $إيليا أبو ماضي (3) C:\Users\h\AppData\Local\Temp\msohtmlclip1\01\clip_image001$ عـاشـتْ مـذمـمـةً وعـاش مـذمـمـا
أيـقـظ شـعـورك بـالـمـحبة إن غفا $إيليا أبو ماضي (3) C:\Users\h\AppData\Local\Temp\msohtmlclip1\01\clip_image001$ لـولا الـشعور الناس كانوا كالدمى
أحبب فيغدو الكوخ كونا نيرا $إيليا أبو ماضي (3) C:\Users\h\AppData\Local\Temp\msohtmlclip1\01\clip_image001$ $إيليا أبو ماضي (3) C:\Users\h\AppData\Local\Temp\msohtmlclip1\01\clip_image001$ وابغض فيمسي الكون سجنا مظلما
10 ـ ونقرأ ما قال في قصيدة ( المســاء ) :

السحب تركض في الفضاء الرّحب ركض الخائفين
و الشمس تبدو خلفها صفراء عاصبة الجبين
و البحر ساج صامت فيه خشوع الزاهدين
لكنّما عيناك باهتتان في الأفق البعيد
سلمى ... بماذا تفكّرين ؟
سلمى ... بماذا تحلمين ؟
* * *
أرأيت أحلام الطفوله تختفي خلف التّخوم ؟
أم أبصرت عيناك أشباح الكهوله في الغيوم ؟
أم خفت أن يأتي الدّجى الجاني و لا تأتي النجوم ؟
أنا لا أرى ما تلمحين من المشاهد إنّما
أظلالها في ناظريك
تنمّ ، يا سلمى ، عليك
إنّي أراك كسائح في القفر ضلّ عن الطّريق
يرجو صديقاً في الفلاة ، وأين في القفر الصديق
يهوى البروق وضوءها ، و يخاف تخدعه البروق
بل أنت أعظم حيرة من فارس تحت القتام
لا يستطيع الانتصار
و لا يطيق الانكسار
* * *
هذي الهواجس لم تكن مرسومه في مقلتيك
فلقد رأيتك في الضّحى و رأيته في وجنتيك
لكن وجدتك في المساء وضعت رأسك في يديك
و جلست في عينيك ألغاز ، و في النّفس اكتئاب
مثل اكتئاب العاشقين
سلمى ... بماذا تفكّرين ؟
* * *
بالأرض كيف هوت عروش النّور عن هضباتها ؟
أم بالمروج الخضر ساد الصّمت في جنباتها ؟
أم بالعصافير التي تعدو إلى و كناتها ؟
أم بالمسا ؟ إنّ المسا يخفي المدائن كالقرى
و الكوخ كالقصر المكين
و الشّوك مثل الياسمين
* * *
لا فرق عند اللّيل بين النهر و المستنقع
يخفي ابتسامات الطروب كأدمع المتوجّع
إنّ الجمال يغيب مثل القبح تحت البّرقع
لكن لماذا تجزعين على النهار و للدّجى
أحلامه و رغائبه
و سماؤه و كواكبه ؟
* * *
إن كان قد ستر البلاد سهولها ووعورها
لم يسلب الزهر الأريج و لا المياه خريرها
كلا ، و لا منع النّسائم في الفضاء مسيرها
ما زال في الورق الحفيف و في الصّبا أنفاسها
و العندليب صداحه
لا ظفره و جناحه
* * *
فاصغي إلى صوت الجداول جاريات في السّفوح
واستنشقي الأزهار في الجنّات ما دامت تفوح
و تمتّعي بالشّهب في الأفلاك ما دامت تلوح
من قبل أن يأتي زمان كالضّباب أو الدّخان
لا تبصرين به الغدير
و لا يلذّ لك الخرير
* * *
لتكن حياتك كلّها أملا جميلا طيّبا
و لتملإ الأحلام نفسك في الكهولة و الصّبى
مثل الكواكب في السماء و كالأزاهر في الرّبى
ليكن بأمر الحبّ قلبك عالما في ذاته
أزهاره لا تذبل
و نجومه لا تأفل
* * *
مات النهار ابن الصباح فلا تقولي كيف مات
إنّ التأمّل في الحياة يزيد أوجاع الحياة
فدعى الكآبة و الأسى و استرجعي مرح الفتاه
قد كان وجهك في الضّحى مثل الضّحى متهلّلا
فيه البشاشة و البهاء
ليكن كذلك في المساء

======================

1/10/2014                                                       المهندس جورج فارس رباجية
المفــــردات :
(1) ـ ورد في جريدة السائح عام 1927 أن تاريخ ولادته كان عام 1889 . وهجرته إلى أميركا عام 1911 .
    ـ وفي مصدر آخر أنه ولد عام 1891
   ـ وفي كتاب أدبنا وأدباؤنا في المهاجر الأميركية لجورج صيدح : أن ولادته كانت عام 1891 .
المصـــــادر والمراجـــــع :
ــ أدبنا وأدباؤنا في المهاجر الأميركية : جورج صيدح ، الطبعة 2 ـ 1957 بيروت
ــ المنجد في اللغة والأعلام : بيروت 1973
ــ شعراؤنا ( إيليا أبو ماضي ) : دار صادر ـ بيروت
ــ مواقع على الإنترنت :

الموضوعالأصلي : إيليا أبو ماضي (3) // المصدر : ممنتديات جواهر ستار التعليمية //الكاتب: المهندس جورج فارس رباحية

إعــــــــــلان	إعــــــــــلان	إعــــــــــلان	إعــــــــــلان
إعــــــــــلان	إعــــــــــلان	إعــــــــــلان	إعــــــــــلان
إعــــــــــلان	إعــــــــــلان	إعــــــــــلان	إعــــــــــلان
إعــــــــــلان	إعــــــــــلان	إعــــــــــلان	إعــــــــــلان

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 20 ( الأعضاء 3 والزوار 17)

الــرد الســـريـع