أوروبا الشماليةأوروبا الشمالية
تصور لوحة بيتر بروغل المسماة انتصار الموت (1562) حالة الذعر والهيجان التي سببها الطاعون الذي ضرب أوروبا في العصور الوسطى
اصطلح على تسمية النهضة التي حدثت في شمال أوروبا بالنهضة الشمالية. وبينما كان اتجاه انتشار أفكار النهضة إلى الشمال من إيطاليا، كان هناك أيضا انتشار متزامن باتجاه الجنوب في بعض مجالات الابتكار، بالذات في الموسيقى.[68] كانت موسيقى المدرسة البروغاندية في القرن الخامس عشر بداية النهضة في الفن والتأليف الموسيقي عند الهولنديين، ومع انتقالها مع الموسيقيين أنفسهم إلى إيطاليا، أسست جوهر أول أسلوب عالمي حقيقي في الموسيقى منذ توحيد الأنشودة الجورجية في القرن التاسع ميلادي.[68] ذروة المدرسة الهولندية كانت في موسيقى الملحِّن الإيطالي باليسترينا. في نهاية القرن السادس عشر عادت إيطاليا لتكون مركزا للإبداع الموسيقي، مع تطور الغناء الجوقي التابع لمدرسة البندقية، والذي انتشر حتى ألمانيا شمالا. لوحات عصر النهضة الإيطالية اختلفت عن تلك التي في عصر النهضة الشمالية. كان فنانو عصر النهضة الإيطاليون أول من رسم مشاهد دنيوية، منهين بذلك احتكار الفن على المشاهد الدينية البحتة كما كان الأمر عليه عند الرسامين في القرون الوسطى. في البداية، بقي فنانو عصر النهضة الشماليين مركزين على الموضوعات الدينية، كالاضطرابات الدينية المعاصرة في تلك الحقبة والتي تطرق لها آلبرخت دورر. بعدها أثرت أعمال بيتر بروغل على الفنانين الآخرين لرسم مشاهد من الحياة اليومية بدلا من المواضيع الدينية أو الكلاسيكية. كما تم خلال عصر النهضة الشمالية اتقان الأخوين الفلمنكيين هابرت ويان فان إيك لتقنية الرسم الزيتي، والتي مكنت الفنانين من إنتاج ألوان قوية على سطح صلب تحفظ اللوحات لعدة قرون.[69] واتَّسَمَ عصر النهضة الشمالي في استخدامه للغات المحلية بدلا من اللاتينية أو اليونانية، مما شجع على حرية التعبير. بدأت هذه الحركة في إيطاليا مع التأثير الطاغي لدانتي أليغييري في نمو اللغات المحلية، وفي الواقع أدى التركيز على الكتابة بالإيطالية إلى إهمال مصدر رئيسي للأفكار الفلورنسية المكتوبة باللاتينية.[70] وعزز انتشار الآلة الكاتبة المتنقلة (المخترعة في ألمانيا) من عصر النهضة، في أوروبا الشمالية كما في الأماكن الأخرى، كما أصبحت البندقية مركزاً عالمياً للطباعة.