القدس هي متحف الكون ودُرة الله في الأرض بجذورها القدس هي متحف الكون ودُرة الله في الأرض بجذورها التي تضرب بعمق الحضارة الانسانية والتاريخ وحضورها الذي يشهد علي منعتها وتجذرها، فالزائر للقدس يعتريه شعور غريب ورهبة أمام أسوارها وأبوابها العتيقة التي تتحدث عن تاريخ المدينة منذ 5000 سنة وعبر العصور وتحكي مسيرة الانسانية ككتاب مفتوح.. القدس التي احتل شطرها الغربي عام 1948 تمثل المشهد المتكامل للقدس التاريخية فقلب القدس الغربية كما الشرقية ينبض بالعروبة بنمطه العمراني والاسواق القديمة وعبق التاريخ.
منذ عام 67 وسقوط ما تبقي من المدينة تتعرض القدس الشرقية لأبشع هجمة تطال التاريخ والانسان والحضارة. ولم يسلم باطن المدينة كما ظاهرها. فالحفريات أسفل المسجد الأقصي وقبة الصخرة لا تكاد تتوقف حتي تبدأ من جديد بحثا عن الهيكل اليهودي المزعوم استنادا لأفكار تلمودية تهدف الي اختزال تاريخ البشرية. حارات القدس وبيوتها والاملاك الوقفية تتعرض للمصادرة واعادة التوثيق التي تطال 3000 بيت ومكان وقفي، رغم ثبوت تسجيلها منذ العهد العثماني، ليس بهدف اعادة التوثيق بل لتكريس ما تم الاستيلاء عليه من بيوت وحارات القدس.
الانسان المقدسي سر عروبة القدس، هو الاكثر عرضة للمطاردة وتضييق الخناق بالضرائب الباهظة وحصار المدينة الذي يمنع الفلسطينيين من دخولها للعبادة والتسوق بعد أن كانت قبلة الفلسطينيين مدار العام مما خلق كسادا غير مسبوق وفراغ الأسواق التي كانت تعج بالزوار للعبادة والتسوق. فالمقدسي الذي اشتهر بحرفيته النادرة بالطرق علي النحاس وصناعة الزجاج والتحف، أصبحت يداه مكبلتين عن العمل ويعاني من ضيق العيش وسلب قوت أبنائه وحجز ممتلكاته من جباة الضرائب لاجباره علي البيع وترك المدينة.
القدس تتعرض للتهويد والاستيطان واصرار اسرائيلي علي شطب القدس من معادلة الصراع، فالاستيطان أصبح يطوق المدينة كالسوار حول المعصم لتغيير معالمها وسلبها هويتها والتضييق علي أبنائها. وداخل اسوارها التي استعصت علي الغزاة تجد أحياء كاملة تمت مصادرتها مثل حي المغاربة المحاذي للمسجد الاقصي من جهة البراق.
القدس التي خضعت عبر تاريخها لعمليات الغزو منذ العصر اليوناني والفرعوني والفارسي والروماني والبيزنطي والصليبي وغيرهم من العابرين بالتاريخ، بقيت محافظة علي عراقتها وعروبتها وتقاوم بصمود أبنائها وبقيت واندحر كافة الغزاة. منذ سقوط القدس بيد الاحتلال الاسرائيلي سقط التضامن العربي وتهاوت القلاع العربية وانتهكت العواصم وسلبت الثروات، فالقلب النابض للوطن العربي مسلوب ولا يمكن اعادة الكرامة والحرية لكل الوطن العربي وحتي الاسلامي ما دامت القدس تخضع للاحتلال وأهل القدس يتعرضون للتهجير.