جواهر ستار التعليمية |
أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم ، في منتديات جواهر ستار التعليميه المرجو منك أن تقوم بتسجـيل الدخول لتقوم بالمشاركة معنا. إن لم يكن لـديك حساب بعـد ، نتشرف بدعوتك لإنشائه بالتسجيل لديـنا . سنكون سعـداء جدا بانضمامك الي اسرة المنتدى مع تحيات الإدارة |
جواهر ستار التعليمية |
أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم ، في منتديات جواهر ستار التعليميه المرجو منك أن تقوم بتسجـيل الدخول لتقوم بالمشاركة معنا. إن لم يكن لـديك حساب بعـد ، نتشرف بدعوتك لإنشائه بالتسجيل لديـنا . سنكون سعـداء جدا بانضمامك الي اسرة المنتدى مع تحيات الإدارة |
|
جواهر ستار التعليمية :: منتديات الجامعة و البحث العلمي :: منتدى البحوث العلمية والأدبية و الخطابات و السير الذاتيه الجاهزه |
الثلاثاء 18 نوفمبر - 17:22:27 | المشاركة رقم: | |||||||
Admin
| موضوع: العلاقة بين الدين والفلسفة العلاقة بين الدين والفلسفة هذا بحث ممتع، كتبه الدكتور مباهات تيركير أستاذ الفلسفة الإسلامية في جامعة أنقرة، ونظرا للقيمة التي يظهرها لكتاب تهافت الفلاسفة للغزالي خصوصا، والتي تبين بوضوح الخطأ الذي وقع فيه بعض الباحثين العرب عن تهافت الغزالي، ولاسيما الأستاذ سليمان دنيا في مقدمته للطبعة الأخيرة للكتاب الصادر عن دار المعارف، وحبا في إطلاع قراء (دعوة الحق) على أسلوب البحث الجديد عند مفكري الإسلام غير العرب، فقد ترجمته للعربية عن العدد الثاني من مجلة (الدراسات المتوسطية) التي تصدر بفرنسا. إذا نحن رجعنا إلى آداب ومكتبة القرن الأخير فيما يخص كتاب التهافت للغزالي (1111-1055) وتهافت التهافت لابن رشد (1198-1420) وكتاب التهافت أيضا لهواكازادة (1482-1420) وجدنا أن هذه الكتب لم تدرس من جهة الصلة القائمة بين الدين وبين الفلسفة، وإنما تحدث عنها بسرعة في تواريخ الفلسفة الإسلامية المنشورة في أوروبا منذ ما يقارب سنة (2) 1900. وقد درس بعض الفلاسفة مثل رينان ومهران، وجونيير، وهورتن، ودونكور، وأللار، موضوع علاقة الدين بالفلسفة عند ابن رشد فحسب. وأخيرا إذا نحن اعتبرنا الترجمة الإنجليزية المعتنى بها لتهافت التهافت مع تعاليق س، فإن بن برغ (3) لا تتأخر عن تقرير كون ابن رشد درس أكثر مما درس الغزالي وهو أكازاده، فإن تهافت الفلاسفة للغزالي لم يترجم كله بعد، بأية لغة من لغات أوروبا(4)، أما تهافت الفلاسفة لهواكازادة فلم يدرسوه قط في أوروبا (5) وأيضا فقد وقعت تحريفات كثيرة في الكتب العربية فيما يتعلق بهذا المؤلف، وكذلك في الفرنسية والإنجليزية وحتى في التركية. فمن جهة يمكن تدارك النقص الذي بيناه، إذا نحن درسنا الكتب الثلاثة من جهة علاقة الدين بالفلسفة، ومن جهة أخرى يجب إصلاح نظريات المؤلفين الذين حكموا على هذه العلاقة عند ابن رشد، وتصحيح الأغلاط الراجعة لكتاب تهافت الفلاسفة لهواكازادة. والفرق إلاهم بين الفلسفة والدين(6) راجع إلى منشأ القضايا هو العقل عند البعض والوحي عند الأخر، فأصل قضايا الدين من الدين، وأصل قضايا الفلسفة من الإنسان. فهل هناك إذن توافق بين بيانات الفلسفة وبين بيانات الدين لأن كيليهما يرمي إلى توضيح الحقيقة؟ هذه هي المسألة التي تعرض في وقت واحد مع وجود الدين والفلسفة، وقد كان أول من واجه المسألة مفكرون يهود، وحاولوا الجواب عنها (7) ثم وجد المسيحيون( والمسلمون(9) أنفسهم إزاء نفس القضية(10). والذين رموا في العالم الإسلامي إلى التوفيق بين الفلسفة وبين الدين فيما يرجع للمسائل القائمة من الوجهة التاريخية والاجتماعية (11) أو لمعارضة بعض آيات القرءان يدعون بالمتكلمين إذا كان أساس نظرهم الدين أو الفلاسفة إذا كان أساس مبدأهم الفلسفة (12). وقد أرادوا أن ينسقوا بين الفلسفة وبين الدين فيما يخص المسائل المشتركة، مثلا: هل العالم أبدي لا بداية له؟ هل للعالم خالق؟ هل يمكن لماهيته تحديد؟ هل السماء حية؟ ما هي أسباب حركاتها؟ هل تعرف نفوس السماوات الجزئي؟ ما هي طبيعة النفس؟ هل البعث وسائر الخوارق ممكنة؟ كل موضوعات التهافت راجعة لهذه المسائل. وللوصول إلى الحكم على العلاقة الموجودة بين الفلسفة والدين طبقا لما في كتب (التهافت) سنحاول أن نجيب في هذا المقال على الأسئلة الآتية: 1) ما هي حالة كل شرح ENONCES من كل كتاب تهافت بالنظر إلى النقطة الأولى عند مؤلفه. 2) ما هو موقف كل كتاب تهافت من الآخر؟. 3) ما هي قيمة كتب التهافت من جهة علاقة الفلسفة بالدين؟. وهكذا سنتمكن من دراسة أفكار المؤلفين المذكورين، ونصلح الأغلاط التي وقعت فيما يرجع لكتاب التهافت لهواكازادة. أ- لقد أوضح الغزالي غاية (التهافت) في الخطبة والمقدمات الأربع لكتابه، وهذه الغاية تعمل على إثبات بطلان أفكار الذين ينكرون الدين مدعين أن النظريات الفلسفية تهيمن على جميع البراهين الكلامية وبعض المسائل الطبيعية، وذلك عن طريق الاستدلال بمختلف الحجج المستمدة من المذاهب المتناقضة أحيانا، ويرى الغزالي من المحقق أن للفلاسفة براهين ضرورية في سائر العلوم الرياضية وبعض العلوم الطبيعية، ولكنهم لا يملكون براهين مماثلة في علوم الإلاهيات، وإذن فيجب التنبيه على التناقض الذي حصل في أفكار الفارابي وابن سينا فيما يخص المسائل المشتركة بين الفلسفة وبين الكلام حسب قواعد المنطق(13)، ولإدراك روح الغزالي يجب أن نهتم بهذه المقدمات وأن لا ننسى محتوياتها، وكذلك للحكم على (تهافت التهافت) لابن رشد، لأن الغزالي بين في هذه المقدمات المصادر المهمة لانتقاداته(14) ولم يزعم قط بأنه يعطي فيما يرجع للدين حججه البرهانية بعد أن أعطى الدليل على أن الفلاسفة لا يملكونها. وبناء عليه فلا موجب لكون (مهران) لا يعطي أهمية لهذا المقدمات (15) ويقبل موقف ابن رشد الذي يرى إبقاءها جانبا، على أننا سنرى أن ابن رشد كان بعيدا عن فهم مقدمات الغزالي حتى لا يعتبر محتوياتها، وليس في كتاب تهافت الفلاسفة مكان يسمح لمهران أن يفكر كما يلي: (لقد تخيل الغزالي أنه أوضح نظرياته السنية على أساس حجج فلسفية (16) بينما كان ابن رشد محقا حينما اعتبر بعض حجج الغزالي جدلية وصورية، وليست برهانية)، لأنه ليست لهذا أهمية خصوصية بالنسبة للغزالي، لأن هذا الأخير لا يدعي أنه يعطي حججا برهانية. إن الغزالي يرى، معتمدا فقط على فكرة ضرورة قطع تسلسل لانهائي للعلل، أنه ليس ممكننا أن ننقص من اختصاصات (الفاعل) الذي يجب أن يقطع هذا التسلسل، وهكذا أثبت باعتماده على هذا الدليل أنه ليس للفلاسفة أدلة برهانية على مسائل: توحيد الله وعدم تركيبه ولاجسميته، وصفاته، ولا سيما صفة وجوده في كل مكان، بل إنه أثبت عدم ضرورة قطع تسلسل العلل بواسطة فاعل، كما سبق أن فعله الماديون، كما أثبت أنه ليس للفلاسفة حجة برهانية على قدم العالم وعلى رأيهم في الروح والسماوات (17) وقد عرف كيف يبرر الخوارق حينما ميز بين المستحيل العادي وبين المستحيل العقلي، كما نبه إلى أن علاقة العلة بالمعلول ليست لازمة، ولكنها عادية، فمن الحق أن نقول: إنه كان سلف (هيم)(18) . وبهذا كان له فضل في إقامة الحجة مع حرية كبيرة في البحث على أن القياس الذي عرضه ابن سينا لحل مسائل الديانة الإسلامية كثيرة إلاهمية ليس قياسا نافعا، نظرا إلى أنه من جهة يتنافى مع الدين حينما يدعي خلود العالم وينكر المعجزات وعلم الله بالجزئيات، ومن جهة أخرى يتهافت مع نفسه في مسائل القدرة على الإدراك والروح والعلوم الإلاهية، وبما أنه قد عالج هذه المسائل بناء على المبادئ الأعم من العقليات فقد كان جديرا أن يعتبر فيلسوفا حقيقيا، وحينما يقابل أيضا بديكارت يعتبر أحيانا من الثائرين على المدارس الرسمية، وبهذا الاعتبار يمكن القول بأن حكم أ. م. بوجتنوف على الغزالي بأنه (فيلسوف رجعي) ليس حكما علميا، فثورته تظهر لا في شكل بحثه القضايا فقط ولكن حتى في أسلوبه الذي يصل بالمسائل إلى مداها، ولو كانت النتيجة ضد الدين تماما، مثلا: حينما عالج مسألة وحدة الله وصفاته على شكل مشرك، أو مسألة خلود العالم على طريق ملحد، فقد عرف أن يتعدى بهذا البحث الحر معلومات المبادئ الأساسية الأرسطوطاليسية، ونقده (للطبع) الذي هو أساس علم الطبيعة الأرسطوطاليسية أدى إلى هذه النتيجة، وهي أن علاقة العلة بالمعلول ليست لازمة، ومن جهة أخرى فقد عرف كيف يقترب من المنطق العصري حينما اعتبر الممكن منفصلا عن المادة، كشرح عقلي لا يعني عكسه التناقض، كما عرف كيف يقترب من الهندسة العصرية حينما تحدث عن المجال خارج المادة، وأدق نظرياته العقلية رأيه عن إرادة الله التي عبر عنها بما يأتي: (لا يقدر الله على عمل إلا إذا لم يكن مستحيلا) (19) ولكن من الصعب توفيق هذه الجملة مع معقوليته (20) (يمكن أن يكون الشيء ممكنا في وقت مستحيلا في وقت آخر) وإن لم يقل هذا إلا مرة واحدة(21). ولكي يوجه انتقاداته، يدلي أحيانا ببعض الآراء، دون أن يبرهن عليها مثل: (إذا أراد الإلاه فَعل، وإن لم يرد لم يفعل) (والفاعل الحقيقي هو الذي يوجد الشيء من العدم)، فإرادة الله بهذا المعنى قادرة على أن تختار أيضا فعل أحد من الممكنين. واقع نجاحه في إثبات أنه ليس لابن سينا أدلة برهانية على عدم بعث الأجسام، وفي صفات الذات الإلاهية، لا يعطيه الحق لاستخراج نتائجه الضرورية لمعرفة موضوعاته عن طريق النبوة (22) فقط لأن هذه الحقيقة ليست نتيجة ضرورية لنقده المصيب، ولكنها مبدأ على حدة. ب- وغاية ابن رشد في (تهافت التهافت) هي تحديد قيمة كلام الغزالي في كتابه (تهافت الفلاسفة) وإثبات أن معظم كلامه غير صحيح (23)، وقد أبلغه غرضه حتما إلى البحث عن معرفة هل من الممكن التوفيق بين الفلسفة الأرسطوطاليسية وبين الديانة الإسلامية والوصول إلى حقائق الوحي عن طريق القياس البرهاني؟ وأمر ابن رشد في المسائل الراجعة لله نفسه يظهر هكذا: (للتخلص من فكرة تعدد الإلاه، ومن نظرية الإلاه المركب الناشئة عن محاولة تعريفه، يجب قبول فكرة وجود نوعي، تختلف أفراده بدرجات الشرف والأسبقية الزمنية ) والحال أن هذه الفكرة ليست شرحا، لأنها محتاجة لأن تشرح هي نفسها، وإذن فلم يقم الحجة بصفة برهانية على ضرورة قطع التسلسل في العلل بعلة نهائية. لقد انتقد حقا وضع الغزالي حينما أخذ هذا الأخير كقاعدة لنقده فكرة إرادة قادرة على خلق المعدوم، ولكنه قبل في العمق نقطة بداية الغزالي حينما أكد عدم وجود دليل برهاني لمسألة إرادة الله لا للفلاسفة لا للمتكلمين وكذلك لمسألة الروح، أما عن مسألة المعجزة فقد زعم ابن رشد أن لكل موضوع (طبعا ضروريا) وهو يرى كما قاله للغزالي: (إذا كان للضدين إمكان الوقوع وجب أن يوجد الشيء وضده في آن واحد) على أن نظرية (الطبع) كما اعتقدها لا يظهر إمكان تبريرها بمبدأ الهوية، لان هذا المبدأ يعبر عن الشيء لا عن سبب وقوعه. ويمكن أن نجد في (تهافت التهافت) موقعين لابن رشد: (تارة يوافق الغزالي وتارة يخالفه، وقد انتقد ابن رشد مثل الغزالي ابن سينا، بل أحيانا كان أشد في نقده لابن سينا من الغزالي نفسه، خصوصا في المسائل المهمة كوجود إلاه واحد وخلود العالم، والروح، ولم يعط وسيلة لنقل أفكار أرسطو إلى معطيات الوحي دون الوقوع في تناقض، وحينما فر من مسألة التوفيق حاول أن يقول: (إن الحجج البرهانية توجد في كتب أرسطو فيجب الرجوع إليها) وحينما قال: (فيما يخص المسألة الدينية نقط لا يستطيع العقل إدراكها) فقد قبل رغما عنه أساس انتقادات الغزالي، وإذن فليس من الممكن قبول حكم جوتيير (لقد قدم ابن رشد كتاب تهافت التهافت كدفاع مسند، ضد الغزالي ولفائدة مذاهب الفارابي وابن سينا (24)، وهكذا لا يكون كتاب ابن رشد في الحقيقة كتاب (تهافت التهافت)، لقد انتقد ابن رشد الغزالي بحق، لأنه لم يعطنا معيار علوم Epistimologie لما يتعلق بإرادة الله وبإيجاد المعدوم ولكن من العدل أن نعترف بأن الغزالي لم يدع أبدا أنه أدلى بأدلة برهانية على هذا الموضوع. لم يستطيع ابن رشد في أثناء دراسته الخروج عن علوم أرسطو في نظرياته عن الطبيعة والمعجزة والمجال والأزمنة، ورغم انتقادات الغزالي فقد بقي متعلقا ببعض نظرية أرسطو وبإمامة أرسطو نفسه وقد جاء ببعض الآيات القرآنية لتوضيح بعض المسائل كتعدد الإلاه ومعنى الروح ومصدر نظرية (الطبع) (25) ولكنه نبه على أن بعض نظريات أرسطو أولت على غير معناها عند الغزالي أو حتى ابن سينا، وقد دافع عن نواميس الكون وكذلك عن مشروعية العقل والعلم إزاء إرادة مطلقة، معتمدا على فكرة (الطبع) ولو لم تكن لهذه الفكرة قاعدة منطقية، وقد جاء بانتقاد عادل لزعم الغزالي: (يمكن للمكن أن يصبح مستحيلا) ولتتويج الكل قال: (إن الفلاسفة جديرون بالاحترام لأنهم يبحثون عن الحقيقة وإن لم يملكوها بعد). ويتخلص مما ذكرناه أن ابن رشد أخذ في (تهافته) المواقف الثلاثة الآتية: 1) زعم أن النظرية الأرسطوطاليسية (قالب) مقبول لتبيين الدين. 2) رفض نظرية إرادة الله كما عرضها وحددها الغزالي. 3) عوضا أن يقدم لنا (قالبا) مقبولا للدفاع عن الدين، منع أن يبحث أمر الدين أمام الجمهور وأمر بقبول تعاليم الدين كما هي. ولا يمكننا أن نشرح هذه الجوانب غير المتماسكة من تفكيره بالنسبة لغايته إلا إذا راعينا نظريته في (ازدواج الحقيقة). يرى ابن رشد أن التفلسف واجب بمقتضى شريعة الإسلام، والفلسفة هي أخت الدين، والفلسفة حقيقة، والدين كذلك حقيقة، وفي الواقع هذه الحقيقة المزدوجة مكونة من جانبي حقيقة واحدة (لأن الحقيقة لا يمكن أن تكون ضد الحقيقة) فإذا كانت الآية القرءانية الصريحة تمس جوهر الدين فمن الممنوع قطعا تأويلها، فإذا كانت لا تمسه، فمن الواجب على ذوي الحجة البرهانية أن يتأولوها، بينما من الممنوع قطعا على ذوي (الحجة الجدلية) أن يفعلوا، كما أنه من الممنوع على البرهانيين أن يذيعوا تأويلهم على الجدليين)، ولا ينبغي أن يتحدث للجمهور لا على التأويل الحق ولا على التأويل الباطل (26) والحق أن ابن رشد في كتابه (فصل المقال) حل مسألة العلاقة بين الفلسفة وبين الدين بصفة واقعية كما سبق أن قاله جوتيير (27) وإن كان ابن رشد في هذا المؤلف يلح في التوفيق الضروري بين الفلسفة وبين الدين، ونستطيع أن نتساءل: هل وصل لذلك؟ ويجيب جوتيير بأن ابن رشد، حينما يكون مفوضا FIDEISTE أمام الجمهور وعقليا أمام الفلاسفة، يرى علاقة إيجابية بين الدين والفلسفة، ولكن جوتيير لم يضع مسألة ما إذا كان ابن رشد قد وفق من جهة النظر الفلسفية الأرسطوطاليسية مع الديانة الإسلامية؟ وإذن فقد كان من المنتظر أن يمس هذا الجانب من الموضوع. ويظهر من الكلام الثاني لجوتيير أن ابن رشد يميز الفلسفة من الدين عوض أن يوفق بينهما وها هي: (النصوص الجديدة لابن رشد تظهر بوضوح أن غاية الدين ليست من النوع النظري ولكن من النوع الاجتماعي ... وأحسن الديانات ليس الأحق... ولكن أحسن الديانات هي التي تكون رموزها أكثر تأثيرا على نفوس العوام)، ومن جهة أخرى فقد اتهم التمييز في خلاصة رأيه قائلا: (إن ابن رشد معقولي مطلقا حينما يتكلم مع الفلاسفة... وهو ضد المعقول مفوض، حينما يتجه إلى العوام)(28). وبناء على هذا فليس من الممكن أن نقبل هذا القول: (نظرية ابن رشد في توافق الدين والفلسفة أسست -على أساس عقلي- علم كلام فلسفي كامل) لا من جهة النظر ولا من جهة الواقع(29)، وكذلك لا يمكننا أن نقبل رأي دونكورDONCOEUR بينما يدعي أن ابن الطفيل وابن رشد حلا المسألة حينما قسما الجمهور إلى نخبة وإلى عوام، لأن تقسيم الجمهور إلى نخبة وإلى عوام (30) ليس حلا للمسألة، ولكنه أولى بأن يعتبر حذفا لها، لأنه سيبقى لهذه النخبة نفسها صعوبات لمعرفة استحالة التوفيق بين النظريات الأرسطوطالسيسة والإسلامية في شأن الله، ونظرية أرسطو في خلود العالم وفي إيجاد المعدوم، خصوصا ونحن لا نجد في أفصله توفيقا حقيقيا، لأن ابن رشد يتهم بالإلحاد أولئك الذين يتأولون الآيات الصريحة ويقبل البواكير PREMISSES المشتركة والمتيقنة كحجة برهانية(31)، وهكذا يخلط بين اليقين العقلي وبين اليقين النفسلوجي، والتوفيق الحقيقي يجب أن نأتي باقناعات منطقية لا نفسلوجية. ويمكن أن نزيد على هذا التعارض ما يؤدي إليه هذا الكلام: (في مسألتي المعجزة والروح ليس للمتكلمين ولا للفلاسفة حجج برهانية) و(لا أحد يعرف اختصاصات العلم الإلاهي إلا إذا كان الإلاه نفسه)(32). انتقد جوتيير في مقال متمم لنظريته فكرة روجيير(33) التي تقول باستحالة التوفيق بين الفلسفة وبين الدين، والواقع أن نقده صحيح حينما يريد توضيح الفوارق الموجودة بين تعاليم الإسلام وتعاليم المسيحية، ولكنه لا أثر له على استنتاج روجيير الذي عبر عنه بهذه الجملة: (الحقائق الموحى بها لا يمكن أن تتفق مع الفلسفة الأرسطوطاليسية) (34)، والحاصل أن ابن رشد حينما عارض الغزالي في اعتقاده التوفيق لم يوفق بين الديانة الإسلامية وبين الفلسفة الأرسطوطاليسية، بصفة مقنعة، يعني بحجج برهانية، والقول بأن الحجج موجودة في كتب أرسطو يعتبر نكولا لا إظهارا. ج- أما هواكازادة فغايته في كتابه (تهافت الفلاسفة) هي في قوله: (إذا كان للفلاسفة نجاح كبير في الرياضيات والحساب، وفي المنطق، فإن لهم أغلاطا في الإلاهيات وفي قسم من الطبيعة، وأساتذة التوحيد حرروا مصنفات لإظهار هذه الأغلاط، ومنهم الغزالي، وقد أمرني الخليفة أن أؤلف كتابا آخر، وإذا أردت أن أشير لبعض نقط الضعف من كلام الغزالي فلكي أوضح ما أقبله ما لا أقبله، لا لأنني أريد التنقيص من قيمته، فإذا أتيت في هذا المصنف بما قاله الغزالي وبما تركه جانبا من عقائد الفلاسفة فيما يرجع للدين والطبيعة فإنما أريد صد هجمات بعض المتفلسفين متوجها إلى أهل الحقيقة، راد أشبه الضالين) (35). يرفض هواكازادة في مسألة الإلاه نفسه زعم الفلاسفة أن تعريفه يؤدي إلى القول بطبيعة مركبة، فهو يشاطر نظرية ابن سينا الذي يعتقد أن الصفة عين الموصوف (36)، ولكنه لم يجب باسم الفلاسفة عن نقد الغزالي، وهو يتردد في مسألة صفات الله، وفي أمر علم الله بالجزئيات، ويثبت بصفة مغايرة للغزالي أن الفلاسفة تنقصهم الحجج البرهانية، ولكنه لم يعبر بوضوح وتمييز عن اتجاهه الخاص، ولم يقبل اتهام الغزالي لابن سينا في مسألة علم الله بالجزئيات، ولم يأت في مسألة خلود العالم بجواب، بل ترك نظريتي الفلاسفة والمتكلمين دون توفيق، أما في المعجزة وعدم مادية الروح فقد ردد تقريبا ما قاله للغزالي، بينما نرى له اتجاها أرسطوطاليسيا في مسألة عدم بناء الروح وكذلك فيما يرجع لنظرية الممكن، وحينما انتقد رأي الفلاسفة في مسألة التمتع والعقاب الجسميين بعد الموت، بين استحالة الوصول إلى نتيجة بالاعتماد على العقل وحده، وعلى الرغم من عدم وضوحه في بعض المسائل فقد أثبت بتعمق أنه ليس للفلاسفة حجج برهانية في مسائل الدين، ويتبين من أسلوب حله للمشاكل دهاؤه في تطبيق قواعد المنطق بدقة، وليس من السهولة المطلقة أن نجد لديه شعورا بضرورة نقد منطقي عميق يشبه ما نجده عند الغزالي، وعليه فقد بقيت أفكاره غامضة وموزعة، ولكن يجب أن لا نهمل القول بأنه انتقد الغزالي حينما حرف هذا الأخير كلام ابن سينا عن قصد أو غير قصد، وقد عارض رأي أرسطو في (الطبع) قائلا: (إن الحجارة المرمية في الهواء، حينما تسقط تظهر أنها فارقت المكان الذي امتدت إليه طبقا لوظيفة طبعها)، وهذا تناقض، لأنه ليس من الممكن أن تمتد إلى مكان فارقته بالطبع، وكذلك انتقد النظرية التي تقول بأن الكواكب ترتكز على محورها الإلاهي مقدما الاحتجاج الآتي: تشهد الملاحظة بحركة الكواكب فقط لا بارتكازها (37)، ولكن لتترك جانبا مناقشة رأيه المتعلق (بالطبع) أو بالارتكاز). أما حالة كتب التهافت المتبادلة فيمكن أن يقال فيها: (إن الغزالي انتقد ابن سينا وأرسطو معتمدا على آراء ابن سينا نفسه، أما ابن رشد فقد انتقد بدوره ابن سينا بناء على مبادئ أرسطو، فيؤول الأمر إلى أن كلا من الغزالي وابن رشد انتقد ابن سينا، وعليه فالادعاءات التي تزعم أن ابن رشد دافع عن الفلسفة في كتابه (تهافت التهافت) ضد الغزالي محتاجة إلى تدقيق، وللوصول إلى توفيق حقيقي معتمد على أدلة برهانية، فليس مهما أن يقال ما قاله ابن رشد: إن الأدلة البرهانية موجودة في كتب أرسطو، وعليه فلا يمكن أن يقال بناء على مجرد اسم (تهافت التهافت) أن ابن رشد هدم نظرية الغزالي. وقد دافع هواكازادة رغما عن تضامنه مع الغزالي عن ابن سينا في نقط كثيرة، ولكنه أيضا لم يصل إلى توفيق نهائي، وليس صحيحا ما قيل من أن تهافت الفلاسفة لهواكازادة يرمي إلى مقارنة بين كتابي التهافت للغزالي وابن رشد، كما زعمه كتاب إتحاف السادة للزبيدي شارح الأحياء، وكما ورد في الطبعة الأولى للتهافت المؤرخة سنة 1302 هجرية، إذ أحالت على كشف الظنون، وكاتب سلبي (حاجي خليفة) والسكايك لتسكويريزادة، فليس في نصوص هذه الكتب ما يدل على المدعى، فتعليق كاتب سلبي لا يقول أكثر من أن هواكازادة كتب بأمر محمد الفاتح كتابه تهافت الفلاسفة ليقارن تهافت الغزالي بآراء الفلاسفة (38)، وقد وقع نفس الغلط في فهرس سركيس وفي (مفكري الإسلام) لكارادوفو، وفي مدخل سارتون وفي بعض مؤلفات الأتراك، ولكن هنالك مؤلفات أخرى تظهر بإخلاص غاية هواكازادة وتقول: إن كتابه عبارة عن مقارناته بين مؤلف الغزالي وبين آراء الفلاسفة لا بينه وبين كتاب تهافت التهافت لابن رشد أو لابن رشد نفسه، ومن جهة أخرى فهواكازادة لم يقم بأية مقارنة في كتابه بين تهافت الغزالي وتهافت ابن رشد، بل إنه لم يذكر ولو مرة واحدة اسم ابن رشد ولا عنوان كتابه. أما موقف كتب التهافت من مسائل الدين والفلسفة فيمكن أن نقول: إنها لم تصل إلى درجة إحدث انسجام بين العقل وبين الإيمان كما فعله فيلون FHILON وترتولين والقديس TERTULIEN أوغستان، وطوماس، وليبنيز، وأيضا فإنه ليس في القرآن غيب لا يتصور العقل وجوده كغيب التثليث أو الحلول أو الفداء، لأن هذه من الغيب المسيحي، ولذلك لم يهتم فلاسفة الإسلام بمسألة تناقض العقل مع الدين، وكذلك يمكن التأكيد بان كتب التهافت الثلاثة لا ترمي إلى إثبات الديانة الإسلامية ولا سيما بالنسبة للغزالي، خلافا لما زعمه مهران MEHREN فليست الغاية إقامة البراهين أمام الفلاسفة على صحة الديانة الإسلامية للدفاع عنها ولا لقلب بعض الأنظمة الفلسفية على بعض كما فعل تيمون السيلوغرافي Le Syllographe THimon خلافا لما زعمه وبير WEBER (39)، بل الغاية المقصودة من هذه الكتب هي نقد ادعاء الذين يزعمون أنهم وضعوا (قالبا) نافعا مقنعا مشتملا على حجج برهانية لتبيين المسائل الأساسية للعقيدة الإسلامية، لأنه بالاعتماد على فكرة ضرورة قطع التسلسل اللانهائي للعلل، لا يمكن إثبات ضرورة قبول التوحيد وإنكار الازدواج أو الشرك بصفة مطلقة، فإن العقل يمكن أن يحكم على الروح كما لو كانت حاجة مادية، ولكنه لا يمكنه أن يؤكد بصفة قاطعة هل هي مادية أم لا، وكذلك بالنسبة للعالم، وللذات الإلاهية، فإذا فكر العقل في هذه المسائل استخرج بعض النتائج الممكنة، ولا يمكن أن يؤكد أية هذه الممكنات يتحقق! يمكن للعقل-كما قال الغزالي- أن يفكر في الحالات ولو كانت متناقضة، وبهذا فإن له الجدارة الكبرى أن يثري بمحتويات الفكر الذي يتصوره العقل، والكتب الإلاهية هي التي تستطيع أن تؤكد أية هذه الممكنات يتحقق، وحينما لا يستطيع العقل أن يتجاوز حدوده تظهر مواطن ضعفه. وهكذا يصل الغزالي إلى نقطة ينفصل فيها الدين عن الفلسفة، لا لأن الديانة الإسلامية متعارضة مع قانون العقل العام كما هو الحال بالنسبة للعقيدة النصرانية، ولكن لأنه لا يمكن للعقل وحده أن يؤكد أية الممكنات يتحقق، وقد وصل ابن رشد لنفس ما قاله الغزالي حينما أكد إمكان الاتفاق في المسائل الدينية على خصوص النتائج الجدلية لا على البرهانيات، وحينما قبل نقد الغزالي، وقد أدى فعل ابن رشد إلى فصل الديانة الإسلامية عن الفلسفة الأرسطوطاليسية بصفة لا تقبل التوفيق، حيث أنه لم يقبل أولا تحديد الغزالي لإرادة الله كجواب على مسألة ما وراء الطبيعة، لماذا الوجود واللاوجود؟ وثانيا لأنه فسر الخلق بتحويل الشكل لا بإيجاد المعدوم(40). الموضوعالأصلي : العلاقة بين الدين والفلسفة // المصدر : ممنتديات جواهر ستار التعليمية //الكاتب: berber
| |||||||
الإثنين 12 يناير - 22:19:12 | المشاركة رقم: | |||||||
عضو نشيط
| موضوع: رد: العلاقة بين الدين والفلسفة العلاقة بين الدين والفلسفة شكرااااااااااااااااااااااااااااااااااااا الموضوعالأصلي : العلاقة بين الدين والفلسفة // المصدر : ممنتديات جواهر ستار التعليمية //الكاتب: ommare
| |||||||
الإشارات المرجعية |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 20 ( الأعضاء 3 والزوار 17) | |
|
| |
أعلانات نصية | |
قوانين المنتدى | |
إعــــــــــلان | إعــــــــــلان | إعــــــــــلان | إعــــــــــلان |