اللغة العربية - التي نستعملها اليوم في حياتنا هي اللغة التي رسم بها الانسان رسومات الكهوف التي تعود الى ما قبل التاريخ .

ان الانسان القديم ( انسان ماقبل التاريخ ) لم يترك لنا نصوصا تشرح كل ماكان يرسمه على المساكن والاماكن التي عاش فيها منذ فجر التاريخ بل ترك لنا رسوما وتصاوير ، يمكننا اعتبارعا ان اردنا نتاج فنان يرسم واقعه ومحيطه كما ، يمكن اعتبارها لغة تصويرية اولى كتبها لكي يعلم ويتعلم ، , فاذا استطعنا فك رموزها ننطلق عند ذلك لمحاولة نطقها وتصويتها من جديد ولفظها ، حتى يتم لنا معرفة اللغة التي نطق بها هذا الانسان , اخذين في عتبارنا ان هذه الرسوم كانت بالنسبة له رموزا ( للغته المنطوقة ) وعليه نكون قد ادركنا رموزها ايضا ..
ان اللغة هي عمل وجداني مصدره السمع والبصر ومركزه الفؤاد واداته اللسان , فاننا عندما نقول شجرة , لابد لهذه اللفظة من شكل مرادف في الذهن - وهو صورة الشجرة بشكلها المعروف فطريا بالطبيعة او بشكل مرسوم تقليدا لها من قبل انسان يعبر به عن لفظ ( شجرة ) او بحروف مجمعة بعضها مع بعض ينتج عن تصويتها ( اي نطقها متتالية ) بشكل صحيح اصواتا تحرك في ذهن المستمع صورة الشجرة التي كان قد عرفها اصلا ( بعد النظر اليها ) وربطها مع هذه الصورة .
اذا لايمكن للانسان ان يدرك لفظ شجرة بكل معناها الا بعد النظر اليها وربط حروفها ( او صور حروفها ) بصورة الشجرة .
من هنا ندرك ان الانسان الاول رسم ( ماينطقه وما كن قد راه وما يراه ) لكي يقوم بتعليم عيره وينقل اليه كيف ينطق وماذا ينطق ولكي يعاد نطقها من قبل غيره من جديد ولمرات عديدة حتى في غيابه .
كما يدلنا هذا ان الانسان الاول لم يرسم الغيب لابشكل ولا بصورة , فكل ماكان يرسمه هو رموز من اشكال المخلوقات التى يراها وصورا لاسماء ( تعلمها اولا ) ثم عاد فعلمها .
ان النطق هو الاساس في تحديد لغة ما , اما الكتابة فهي الاداة التصويرية لاعادة نطق هذه اللغة أو هذا اللسان باصوات تدخل الاذن ولبيان ذلك ناخذ اللغة التركية .فان اللغة التركية في القرن العشرين هي نفسها اللغة التركية في القرن التاسع عشروالثامن عشر وقبله بقرون والشعب واحد لم يغير نطقه للغته بل غير رسمها ( فانتقل من رسمها بحروف عربية عثمانية وهي حروف التي رسمت في عهد عثمان ابن عفان و قبله ) الى رسمها بحروف لاتينية ( وهي الحروف التي رسمها خطاطوا اوروبة في القرون الوسطى والعصر الحديث ) , اما لغته ( اي نطقها ) فقد ظل كما كان ولم يتغير , وبذلك تكون لغة واحدة رسمت بحروف عثمانية مرة ثم بحروف لاتينية مرة اخرى , كما يمكننا ان نستخلص ان شكل الكلمة ( ورسمها ) يكون معدوم القيمة اللغوية حتى يلفظ فيتحدد ماهيتها بلفظها .

فعندما يرسم الانسان ( حية ) او عندما يكتب بالحروف ( حية ) ويقوم بعد ذلك بلفظ كل منها بلفظ واحد متشابه فيكون ذلك ( لغة واحدة ) رسمت بحروف مختلفة , وعلينا أن نعلم ان الانسان لايدرك الرموز الا بعد ان يتعلمها - فتصبح جملة مفيدة ( و رمزا واحدا) كما في المصرية القديمة و الصينية وفي اللغة التصويرية للانسان الاول .

لقد كان للانسان الاول رموزا وتصاوير لاشكال مرسومة موجودة على كثير من الاماكن التي التي سكنها في فترات ما قبل التاريخ منها رسم للصليب يتوسط دائرة وهناك رسم لصليب معكوف يتوسط دائرة فاذا استطعنا ان نربط هذا الرسم باشكال وحروف منطوقة ومعروفة لدينا , نستطيع بذلك اعادة صياغة هذه الجمل المرسومة ونطقها من جديد

فالصليب هو حرف التاء الفينيقي X T t - حيث ان هذا الحرف مشتق من كلمة ( تابوت- ثابت ) الفينيقية والتي تعني الثبات ، كما أن جميع الحروف الفينيقية تعود الى رسومات تفيد معناها باللغة العربية ، مثل اليف - التي هي رسم لحيوان اليف ، و باء التي هي رسم لبيت ، و ميم التي هي رسم للماء ، و نون التي هي رسم لنار ، و عين التي هي رسم لعين .. الخ .
فالدائرة هي شكل معروف منذ فجر التاريخ واسمه تماما ( دورة او دائرة) – وصلت الينا في الانكليزية بلفظ تورن-دورن و في الفرنسية بلفظ تور – دور .
وبذلك يكون الرسم هو جملة ( دائرة الثبات ) ( دورة تابوت) -ومعناه دورة الموت او دائرة الموت .

والصليب المعكوف هو شكل من اشكال الحركة ( فهناك رسوم لهذا الشكل فيها اربع حيات ) فيكون الرسم الاخر هو ( دورة الحياة) , فلما كان لابد للانسان من تشكيل لغوي يفيد ( لفظ حياة ) ومن تشكيل رمزي ايضا يفيد معنى الحياة فكان هذا الشكل ( صليب معكوف مشكل من افاعي ضمن دائرة ) مماثل تماما للفظه بالعربية وكما كان شكل ( اي لوف يو ) مماثل للفظه بالنكليزية ايضا حتى يكون نطق هذه الجملة لكل من يتعلمها سهلا حيث يرتبط الشكل بالمعنى باللفظ في ذهن الانسان , ولما كان لفظ ( حية ) يفيد في الغة العربية معنى الحياة وكان رسم الافعى يلفظ ( حية ) فكان كل من يرى رسم الحيات يقول ( حيات) ثم يصحح لنفسه ويقول ( حياة) .
ان هذه الجملة المرسومة تعبر عن ذاتها في اللغة العربية ولا يمكن ان يعبر باية لغة اخرى ( كالانكليزية مثلا ) ويصبح غير ذات معنى كان نقول ( the circle of snakes ) وبذلك نرى ان الانسان الذي رسم هذه الجملة كان ينطق باللغة العربية فجاءت رسومه مطابقة للفظه مطابقة لمعنى رسومه .
ان هذه الرسوم والرموز التي تناقلتها الانسانية منذ فجر التاريخ من جيل الى جيل وصلتنا من مصادر مختلفة ومن عصور متتالية حيث نجدها في كل الحضارات تقريبا , وان اليونان والرومان نقلوها برسومها وانها وصلت الى اميركا ( في حضارة الهنود الحمر القديمة).
وهذه الرسوم على سبيل الثال - رسما لحية وقمح ( يفيد حياة القمح او قمح الحياة ) - رسما لشجرة وحية ( يفيد شجرة حية ) - رسما لكاس وحية ( يفيد كاس الحياة ) - هكذا كان رسم الحية دائما يعني لفظ الحية ومعنى الحية معا , باللغة العربية مثلما شكلها ولفظها الانسان الاول .
وهناك رسوم لهلال ( قمر عند بدايته) كان يلفظ ويرسم ( شهر) وهو المعنى الحقيقي للتوقيت باللغة العربية فهو ( اي الهلال ) يعني شهرا عند بداية ظهوره ولايعني شهرا مرة اخرى الا بعد تسعة وعشرون يوما عند ظهوره مرة اخرى . فكان رمزه ورسمه يعني لفظه ومعناه - فنرى رسما لقمح وهلال ( يفيد شهر القمح او شهر الحصاد ) - ورسما لحية وهلال ( يفيد معنى شهر الحياة ) ورسما لهلال وصليب ( يفيد شهر الموت ) وغيرها حتى ان الانسان قد رسم معنى ( السنة الكاملة المؤلفة من اثني عشر شهرا ) في رسوم الهلال ذو الدرجات الاثني عشر -ورسم الحياة الابدية بعد الموت من خلال رسمه ( لحية تلتف على الصليب ) لتفيدنا ان الحياة بعد الثبات اي بعد الموت هي صفة هذه الدنيا التي نعيش فيها .
كل هذه الرموز الرسوم الرموز المكتشفة في كل بقاع الارض من -وادي الرافدين الى مصر واوروبة الى اميركا والشرق الاقصى تدلنا على وحدة الرمز الذي استعمله الانسان الاول ليعبر به عن طريقته في نطق هذه الرمز , وان وحدة النطق لهذا الرمز تدلنا ان الذي رسم ولفظ وشكل هذه الجمل الرموز انما نطق باللغة العربية فكان ان جاء رسمه مطابقا للفظه بهذه اللغة بعد الاف السنين ( بهذا الشكل المذهل ).

هكذا يصبح التمييز بين الرموز الموجودة في كل الرسوم الاولى التي تركها لنا انسان ماقبل التاريخ سهلا وهو تماما كالتمييز بين الحروف التي تركها لنا انسان التاريخ ( بعد الكتابة بالحروف ) ويتاكد لنا بالتالي ان اللغة التي رسم ونطق بها الانسان الاول هي اوتكاد ان تكون ( العربية الفصحى).

مقطع من كتاب ( لغة آدم - عطاء ابدي لبني آدم ) محمد رشيد ذوق - منشورات جروس برس - طرابلس لبنان

شكرااااااااااااااااااااااااااااااااااااا

مشكووووووووووووووووووور