الرحلة الكبرى
Great Trek


الرحلات



--------------------------------------------------------------------------------


فورتريكرز هم الفلاحون الرُّواد من الهولنديين الذين قاموا بالرِّحلة الكبرى، للمناطق الداخلية، في جنوب إفريقيا في الثلاثينيات من القرن التاسع عشر وهم المؤسسون لمنطقة الترانسفال، ولاية الأورانج الحرَّة
الرِّّحلة الكُبرى هي الرِّحلة التاريخية التي قام بها الفلاحون الهولنديون عبر أواسط جنوب إفريقيا هروبًا من الحكم البريطاني في مستعمرة الكاب. وقد قام نحو عشرة آلاف شخص بهذه الرحلة الطَّويلة الشَّاقة بين سنتي 1835 و1838م في عربات تجرها الثيران. وعُرفوا فيما بعد باسم فور تريكرز وهي كلمة تعني الرُّواد المتقدمين في اللغة الأفريكانية. انظر: الأفريكانية، اللغة.

وكانت أسباب الهجرة نحو الشمال تتمثل في قلة الأرض الزراعية والعمالة في مستعمرة الكاب. توقَّف زحف المستوطنين الهولنديين نحو الشمال بسبب الحرب مع قبائل الكوهسا الذين كانوا يعيشون في منطقة الجبهة الشرقية من مستعمرة الكاب. ولكن السبب المباشر للرحلة كان الاختلافات السياسية بين المستوطنين الهولنديين والحكام الإنجليز.

احتل الإنجليز مستعمرة الكاب منذ سنة 1806م. ومع حلول سنة 1828م، بدأوا السيطرة على جبهتها الشرقية المضطربة للفصل بين جماعات الهولنديين والكوهسا، وجد الفلاحون الهولنديون في منطقة الحدود أنفسهم تحت سيطرة النُّظم الاستعمارية باطّراد، بحيث لم يتمكنوا من عمل شيء، لقد كانت هناك نُظُم حتى فيما يتعلق بكيفية معاملة الخدم. استاء فلاحو الجبهة من القانون رقم 50 لسنة 1828م على وجه الخصوص، والذي أعطى العمال الملوَّنين حقوقًا تضمن لهم مبدأ المساواة أمام القانون بصرف النَّظر عن اللَّون.

وقد وصلت الأخبار لجبهة الحرب بين الزعماء الأفارقة المختلفين في الدَّاخل. انظر: الأمفيكاني. ثم عادت البعثات التنصيرية الإنجليزية، ورحلات الصيد الهولندية الاستكشافية إلى الدَّاخل بسبب الاعتقاد بوجود أراض شاسعة وعمالة يمكن استغلالها هناك. وفي سنة 1834م بدأ بعض زعماء الفلاحين الهولنديين يأخذون بفكرة التَّحرك إلى الداخل.



نصب الفورتريكرز التذكاري يسجل الرحلة الكُبرى وإنجازات الفلاحين الهولنديين الأوائل الذين استقروا في الأجزاء الداخلية من جنوب إفريقيا. أقيم النصب فوق تل خارج بريتوريا. وهو يرتفع لأكثر من 40 مترًا.
الرحلات. غادرت مجموعات من صائدي الفيلة بقيادة لويس تريتشاردت وهانز فان رينسبيرج سنة 1835م. ولكنَّ هؤلاء المسافرين لم يكونوا جزءًا من الهجرة التي عرفت فيما بعد باسم الرحلة الكبرى فقد كانت أول مجموعة من الناس تقوم بهذا النَّوع من الرحلة هم أعضاء المجموعة التي كان يقودها هندريك بوتجيتر. فقد عبروا نهر أورانج ورحلوا باتجاه الشَّمال في نهاية عام 1835م.

ارتحل المهاجرون في مجموعات عائلية بعربات تجرها الثِّيران. وقادوا معهم بعض الأغنام والأبقار والماعز. وصحب الخدم العائلات التي يخدمونها.

رحلت جماعة بوتجيتر تجاه نهر فال أساسًا، ولكن مزيليكازي هاجمهم على رأس قبيلته ندبيلي في أكتوبر عام 1836م، وكان يسيطر على المنطقة. وقد دافع الرَّحالة عن أنفسهم في فيجكوب بسحب عرباتهم في دائرة عرفت باسم لاجر. وفي يناير من عام 1837م هاجموا موسجا عاصمة مزيليكازي، وطردوا قبيلة ندبيلي خارج المنطقة. وعندئذ ادعى بوتجيتر بأنَّ المملكة القديمة لمزيليكازي صارت له ولأتباعه في الأراضي الواقعة عبر نهر الفال بحق الغزو.


الرحلة الكبرى داخل إفريقيا الجنوبية. ابتدأت من شرق مستعمرة الكاب. وقد سافر الرحالة الفورتريكرز في مجموعات منفصلة يرأس كل مجموعة منها قائد من داخل المجموعة.
واتجه قائد آخر هو بيت ريتيف نحو الشَّمال ثم الشرق، وأجرى ملك الزولو دينجان حوارًا معه من أجل التصريح له بتوطين الجزء الرئيسي من الرَّحالة في ناتال وبدا دينجان راغبًا في ذلك، ولكنَّه ربَّما كان يماطل لكسب الوقت، ومن جانبه فقد هدد ريتيف مملكة الزولو بطرائق عدة. تمَّ التَّوصل لاتفاق في السادس من فبراير عام 1838م يضمن للرَّحالة الإقامة في ناتال. ولكنَّ ريتيف وجماعته قتلوا جميعًا في الاحتفالات التي أعقبت ذلك. ثم أرسل دينجان محاربيه لقتل كل الرَّحالة الذين دخلوا ناتال. وتمَّ القضاء على قوة الإنقاذ بقيادة بوتجيتر وسحقها في إيتاليني. وفي نوفمبر سنة 1838م وصل إلى ناتال قائد جديد للرِّحلة هو أندريس بريتوريوس على رأس قوة. وفي موقعة نهر الدِّماء في 16 ديسمبر هُزمت الزُّولو وفُتح الطريق لإقامة المهاجرين في ناتال.

رفضت الحكومة البريطانية بإصرار الاعتراف بدولة المهاجرين دولة قانونية، واعتبرتهم خاضعين للقانون البريطاني. هدَّد هجوم المهاجرين في ناتال السلام في الجبهة الشرقية للمستعمرة البريطانية. وبعد حرب قصيرة، استولى الإنجليز على ناتال في 15 يوليو من عام 1842م. هاجرت غالبية المهاجرين في ناتال إلى ولاية الترانسفال وولاية الأورانج الحرة واستقروا بها. اعترفت بريطانيا أخيرًا بالترانسفال جمهورية مستقلة عام 1852م، وفي سنة 1854م اعترف الإنجليز أيضًا باستقلال ولاية الأورانج الحرة.