المرتع المشبع في مواضع من الروض المربع
قوله: ((وفي الأرنب عَنَاق، رُوي عن عمر[1]
، والعَنَاق الأنثى من أولاد المعز أصغر من الجَفْرة))[2]
.وقال في ((الشرح الكبير)): ((وفي الأرنب عَنَاق؛ لحديث جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (في الظبي شاة، وفي الأرنب عَنَاق، وفي اليربوع جفرة). قال ابن الزبير: والجَفْرة التي قد فُطمت ورَعَت. رواه الدارقطني[3]، وبه قال الشافعي[4] يعني: في الأرنب عَنَاق.
وقال ابن عباس: فيه حَمَل[5].
وقال عطاء: فيه شاة. وقضاء عُمر أَولى. والعَنَاق الأنثى من أولاد المعز أصغر من الجَفْرة))[6].
وقال ابن رشد: ((فمن أصول هذا الباب ما روي عن عمر بن الخطاب أنه قضى في الضبُع بكبش، وفي الغزال بعنز، وفي الأرنب بعناق، وفي اليربوع بجفرة[7]. والجَفْرة والعَنَاق من المعز، فالجَفْرة ما أكل واستغنى عن الرضاع، والعَنَاق قيل: فوق الجَفْرة. وقيل: دونها.
وخالف مالك[8] هذا الحديث فقال في الأرنب واليربوع: لا يُقوَّمان إلا بما يجوز هديًا أو أضحية))[9].
وقال البخاري: ((باب: قول النبي صلى الله عليه وسلم لأبي بُرْدة: (ضحِّ بالجذع من المعز، ولن تجزئ عن أحد بعدك).
حدثنا مسدد، حدثنا خالد بن عبدالله، حدثنا مطرف، عن عامر، عن البراء بن عازب رضي الله عنهما قال: ضحَّى خالٌ لي - يقال له: أبو بُرْدة - قبل الصلاة، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: (شاتك شاة لحم). فقال: يا رسول الله، إن عندي داجنًا جذعة من المعز. قال: (اذبحها، ولا تصلح لغيرك). ثم قال: (من ذبح قبل الصلاة فإنما يذبح لنفسه، ومن ذبح بعد الصلاة فقد تَمَّ نُسُكه وأصاب سُنَّة المسلمين).
تابعه عبيدة، عن الشعبي وإبراهيم، وتابعه وكيع، عن حريث، عن الشعبي. وقال عاصم وداود عن الشعبي: عندي عَنَاق لبن.
وقال زبيد وفراس عن الشعبي: عندي جَذَعة.
وقال أبو الأحوص: حدثنا منصور: عَنَاق جَذَعة.
وقال ابن عون: عَنَاق جَذَع عَنَاق لَبَن[10].
قال الحافظ: ((قوله: (باب: قول النبي صلى الله عليه وسلم لأبي بُرْدة: ضحِّ بالجَذَع من المعز، ولن تجزئ عن أحدٍ بعدك) أشار بذلك إلى أن الضمير في قول النبي صلى الله عليه وسلم في الرواية التي ساقها (اذْبَحْها) للجَذَعة التي تقدمت في قول الصحابي: (إن عندي داجنًا جَذَعة من المعز).
قوله: (إن عندي داجنًا) الداجن التي تألف البيوت، وتستأنس وليس لها سن معين، ولما صار هذا الاسم علمًا على ما تألف البيوت اضمحل الوصف عنه فاستوى فيه المذكَّر والمؤنَّث. والجَذَعة تقدم بيانها، وقد بين في هذه الرواية أنها من المعز، ووقع في الرواية الأخرى: (فإن عندنا عناقًا)[11]، وفي رواية أخرى: (عَنَاق لبن)[12]، والعَنَاق: الأنثى من ولد المعز عند أهل اللغة. ولم يصب الداودي في زعمه أن العَنَاق هي التي استحقَّت أن تحمل، وأنها تطلق على الذَّكر والأنثى، وأنه بيَّن بقوله: (لَبَن) أنها أنثى. قال ابن التين: غلط في نقل اللغة، وفي تأويل الحديث، فإن معنى (عَنَاق لَبَن) أنها صغيرة سن ترضع أمها.
ووقع عند الطبراني من طريق سهل بن أبي حثمة أن أبا بُرْدة ذبح ذبيحته بسَحَر، فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: (إنما الأضحية ما ذبح بعد الصلاة، اذهب فضحِّ). فقال: ما عندي إلا جذعة من المعز... الحديث[13]...
إلى أن قال: وفي هذا الحديث: تخصيص أبي بُرْدة بإجزاء الجَذَع من المعز في الأضحية))[14].
[1] أخرجه مالك 1 /414، والشافعي في الأم 2 /193 و206، وعبدالرزاق 4 /403 (8224)، والبيهقي 5 /184.وصحَّح إسناده: ابنُ الملقن في خلاصة البدر المنير 2 /42، وابنُ حجر في التلخيص الحبير 2 /284.[2] الروض المربع ص205.[3] 2 /247. وأخرجه أيضًا أبو يعلى 1 /179 (203)، والبيهقي 5 /183.قال الهيثمي في المجمع 3 /231: فيه الأجلح الكندي، وفيه كلام، وقد وثق.ورجَّح الدارقطني في العلل 2 /96 الوقفَ على عمر، وقد تقدم تخريجه في الحاشية السابقة.[4] تحفة المحتاج 4 /186، ونهاية المحتاج 3 /351.[5] لم أقف عليه بهذا اللفظ، وأخرج الشافعي في الأم 2 /193، من طريق الضحاك، عن ابن عباس رضي الله عنهما: في الأرنب شاة.وأخرج البيهقي 5 /184، من طريق أسباط، عن سماك، عن عكرمة، عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قضى بالأرنب عناقًا.وقال ابن حجر في التلخيص الحبير 2 /284: ولإبراهيم الحربيّ في الغريب من طريق سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ رضي الله عنهما: في اليربوع حملٌ. قال: والحمل ولد الضّأن الذّكر.[6] الشرح الكبير 9 /13.[7] تقدم تخريجه 3 /311.[8] الشرح الصغير 1 /299، وحاشية الدسوقي 2 /82.[9] بداية المجتهد 1 /336.[10] البخاري (5556).[11] البخاري (955).[12] البخاري (6673).[13] المعجم الأوسط 9 /69- 70 (9149)، وقال الذهبي - كما في مجمع الزوائد 4 /24 - حديث منكر.[14] فتح الباري 10 /13- 14، ملخَّصًا.