تتعدد تعريفات المسح الاجتماعي وتختلف باختلاف الفلسفات العلمية التي ترتبط بجمع البيانات وتحليلها والأهداف المرجوة منها، فهناك من يعرف المسح الاجتماعي " محاولة منظمة لتحليل وتأويل وتسجيل الوضع الراهن لنظام اجتماعي أو لجماعة أو لمنطقة، والمسح يركز على قطاع عرضي من الحاضر ولفترة من الزمن كافية للدراسة والهدف منه الحصول على مجموعات من البيانات المصنفة وتأويلها و التعميم انطلاقاً منها، كل ذلك بهدف ترشيد التطبيق العملي في المستقبل القريب".
تعريف كامبل: محاولة لجمع البيانات بطريقة منظمة سواء من جمهور معين أو عينة منه باستخدام المقابلات أو أي أداة أخرى من أدوات البحث.
أرمان كوفلييه: طريقة أكثر تعمقاً في البحث الاجتماعي.
محسن عبد الحميد أحمد: استقصاء في تكوين ونشاط وظروف ومعيشة جماعة من الناس في مكان و زمان معينين.

إن المسح الاجتماعي ما هو إلا تعداد إحصائي لقياس الواقع بلحظة زمنية معينة، والمقارنة ما بين المسوح وإدخال المتغيرات في طريقة البحث تعتمد طرائق أخرى في التحليل ورصد أبعاد التغير الاجتماعي.

الخصائص الأساسية لعملية المسح الاجتماعي:
• لا يعتبر المسح الاجتماعي منهجاً من مناهج العلوم بل إنه طريقة من طرق البحث الاجتماعي.
• توجه طريقة المسح الاجتماعي لدراسة الظواهر الاجتماعية بمجتمع ما في مكان وزمان معينين.
• تتميز طريقة المسح الاجتماعي بأنها تدرس الظاهرة الاجتماعية بأبعادها المختلفة أي بكل تشعباتها وتشابكها، في المجتمع مثل: دراسة أثر الكهرباء في عملية التغير وكل قطاع من قطاعات المجتمع التعليمية والزراعية والصناعية والترويحية وصولاً إلى الفكرية.

أهم المجالات التي يمكن للباحث أن يلجأ فيها للاستعانة بطريقة المسح الاجتماعي:
 نستخدم طريقة المسح الاجتماعي إذا كان موضوع البحث في الحاضر.
 نستخدم هذه الطريقة في البحث إذا أردنا أن نلقي صورة عرضية عن واقع المجتمع سواء أكان في مجتمع الريف أو المدينة.
 نستخدم طريقة المسح الاجتماعي إذا أردنا أن ندرس الاتجاهات والاعتقادات السائدة في مجتمع ما.
 نستخدم هذه الطريقة في المقارنة بين حال وحال في التغير الاجتماعي ، مثل نبين الآثار المترتبة على دخول الكهرباء في مقارنة نتائج المسحيين الاجتماعيين على جوانب قطاعات المجتمع كافة.
 عند دراسة المؤسسات والمشاكل الاجتماعية وقضايا المعوقين فندرس البيئة الاجتماعية والاقتصادية التي أحدثت وأوجدت الظروف المترتبة لحدوث العجز.

أنواع المسوح الاجتماعية
منهم من يعتمد على طبيعة الدراسة لتحديد أنواع المسح تبعاً لذلك نجد هناك مسحاً وصفياً ومسحاً تفسيرياً وآخر تحليلياً.
بالنسبة لشمولية الدراسة فهناك المسوح العامة أو الخاصة، أما تقسيم المسح الاجتماعي بالرجوع إلى الحدود الجغرافية للبحث فإنه يفرز أنواعاً ترتبط بمكان الدراسة سواء أكان في دولة أو إقليم أو عدة دول أو قرية أو مدينة.
إن تصنيف أنواع المسوح يمكن أن يعتمد على عدة محاور ترتبط في أحد جوانبها بتعريفنا للمسح الاجتماعي وتتشابك جوانبها الأخرى بأهداف الدراسة و موضوعها وتتلخص تلك المحاور بما يلي:
1) المكان: الذي تجري فيه أو المجال الذي تهتم به كالمسوح الريفية والمسوح المدينة.
2) الزمان: كأن يكون في أزمنة متباينة لقياس أبعاد التغير الاجتماعي، كبحث كهربة الريف، يشمل المسح الاجتماعي في مثل هذا البحث صورة للواقع الاجتماعي قبل إدخال الكهرباء إلى الريف، وصورة أخرى بعد إدخال الكهرباء إلى الريف.
3) حسب الشمول: كأن يكون المسح لظاهرة واحدة أو لعدة ظواهر اجتماعية في مجتمع واحد أو عدة مجتمعات.
4) حسب الأهداف المراد تحقيقها: فقد ترمي أهداف البحث إلى مزيد من الترابط بين المسح الاجتماعي والخطة الشاملة أو تتناول دراسة التعليم مثلاً مدى مواءمته لخطة التنمية أو دراسة الواقع الصناعي.

خطوات المسح الاجتماعي
رسم خطة المسح، تحديد الغرض من المسح، تنظيم فريق البحث وجامعي البيانات وتدريبهم، تحديد المنطقة التي سيجري عليها المسح، إعداد جداول العمل والميزانية، إعداد المجتمع لعملية المسح.

 رسم خطة المسح:
تتضمن هذه المرحلة في المسح الاجتماعي تحديد الغرض منه وتنظيم فريق البحث الذي سيقوم بتصميمه وتحليل البيانات، إضافة لتدريب جامعي البيانات، ثم تحديد المنطقة التي سيجري فيها المسح، وإعداد جداول العمل الزمنية، وتحديد ميزانية البحث والتوجه بعد ذلك لإعداد المجتمع المعني بالدراسة لتقبلها والتفاعل معها.
 تحديد الغرض من المسح:
تكمن أهمية تحديد الغرض من المسح تحديداً دقيقاً في توضيح مبررات القيام به كما أنه تساعد في تحديد مجال المسح ضمن حدود عملية تمكن من إجرائه وتوضح للباحث الطريق الذي سيسلكه في دراسته.
 تنظيم فريق البحث وجامعي البيانات وتدريبهم:
لتسهيل العمل الميداني، وتخطي الكثير من الصعوبات والمشاكل، كما أنه يضع الأساس لتعاون المجتمع بأفراده وهيئاته في تنفيذ المقترحات التي تستمد من النتائج العملية التي تقدمها الدراسة.
ويتألف فريق البحث من : ممثلي الجهات الرسمية والجماعات المتعاونة في المجتمع، الفنيين اللازمين، اللجان الفرعية التي تهتم بتنفيذه، فريق جامعي البيانات، هيئة تخطيط المسح، ويتم تحديد ذلك الفريق بالرجوع إلى مدى شمول البحث واتساع نطاقه وطبيعته والإمكانات المتوفرة لإجرائه.
 تحديد المنطقة التي سيجري عليها المسح:
يتوقف اختيار منطقة جغرافية محددة على نوع البينات المطلوبة وعلى مقدار العمل الميداني اللازم وعلى عامل الوقت والتكلفة، وقد يكون المسح شاملاً و عاماً لكل المجتمع المدروس وقد يكون مسحاً بالعينة حيث يكون محصوراً في دراسة عينة محددة.
 إعداد جداول العمل والميزانية:
يساعد تحديد مجال المسح جغرافياً وموضوعياً، ولتفادي أي تقدير خاطئ لوقت والعمل اللازمين لإتمام المسح، كما يجب تفادي تقدير الميزانية تقديراً خاطئاً، وتختلف تكاليف المسح تبعاً لاختلاف مساحة المنطقة المحددة ونوع المسح.
 اعداد المجتمع لعملية المسح:
بالإعلان عنه، عن طريق الصحف والإذاعة والتلفزيون أو السينما والمعارض، وتنبع أهمية هذه الخطوة في تهيئة الرأي العام لتقبل المسح ضماناً لتفاعله مع المسح وتعاونه معه.

 جمع البيانات:
1) تحديد وسائل جمع البيانات:
لابد من الاتفاق على الوسائل التي سيعتمد عليها المسح وتحديدها بدقة حتى يمكن أخذها بعين الاعتبار عند القيام باختيار جامعي البيانات لتدريبهم عليها قبل إجراء المسح و في هذه الحالة يمكن الرجوع إلى ذوي الخبرة في وسائل جمع البيانات، أو الرجوع إلى الوسائل التي استخدمت في مسوح أخرى مشابهة.
وليس من الضروري أن يعتمد على وسيلة واحدة، فقد يضطر إلى استخدام أكثر من وسيلة، كما يمكن أن يعتمد عليها جميعاً وذلك راجع إلى طبيعة المسح والغرض منه، ومن أكثر وسائل جمع البيانات: الملاحظة والمقابلة والاستمارة وكشف الاستبيان.

2) تدقيق البيانات ومراجعتها:
وهذا يستدعي وجود بعض الأشخاص الذين يقومون بمراجعة كل بيان للتأكد من صحة الحقائق والبيانات المسجلة، ولتدقيق البيانات ومراجعتها نوعان: التدقيق الميداني الذي يتم أثناء جمع المعلومات في الواقع والتدقيق المكتبي الذي يتم بعد الرجوع من جمع المعلومات من الميدان.

3) تصنيف البيانات:
يقصد بالتصنيف مراعاة التبويب بيانات بشكل دقيق و تسجيلها بطريقة منتظمة وكاملة وقابلة للتبويب والترميز والجدولة، إضافة إلى مراعاة تكاملها وعدم تناقض المعلومات مع بعضها، كما يجب تنبيه مالئي الاستمارات إلى الالتزام بمستوى محدد عند تسجيل البيانات وإعدادها للترميز والجدولة.

4) الترميز والجدولة:
إن ترميز البيانات هو تعيين أو تحديد رقم أو رمز لكل نوع من الاستجابات، ويتم الترميز إما بواسطة مالئي الاستمارة أو بواسطة المستبرين.
ولابد أن يراعى عند اختيار الرموز أسلوب التفريغ والجدولة الذي يمكن أن يكون يدوياً أو أن يتم بواسطة الآلات الحاسبة الإحصائية، والترميز كعملية فنية تستلزم معرفة ومهارة أخصائي في الترميز.
أما الجدولة فهي عبارة عن تلخيص البيانات في شكل جداول إحصائية ومن أهم مميزات جدولة هو الدقة التي تصاحب عرض البيانات الكمية، حيث يساعد التحليل الكمي على الإقناع بالعرض الكيفي للبيانات ويجعل من الممكن مقارنة بيانات المسح مع بيناتا الدراسات الأخرى.
وتساعد الجداول الإحصائية في عرض البيانات بشكل ملخص ومبسط، وللجداول الإحصائية نوعين: الأول: ذات الأغراض العامة وتعرف بالجداول الأساسية أو المرجعية، الثاني: ذات الأغراض الخاصة والتي تعرف بالجداول التحليلية أو الثانوية.

5) التحليل والعرض:
لا يعتبر المسح الاجتماعي منتهياً إلا بواسطة التحليل الاجتماعي واستخلاص النتائج العملية والعلمية من هذا التحليل، إذ أن كثيراً من المسوح الاجتماعية ترتبط بدقة النتائج التي توصل إليها الباحث وكيفية عرضها ونوع الأشخاص الذي ستعرض عليهم وإمكانية تنفيذ المقترحات المستقاة منها بالشكل الذي يكفل تحقيق أغراض المسح وأهدافه.

م.ن