النّور من أوصافِه تعالى على نوعين:
- نورٌ حِسّيٌّ؛ وهو ما اتّصفَ به من النّورالعظيم الذي لو كَشَف الحِجابَ عن وجهِهِ لاحرقَت سُبُحاتُ وجهِهِ ونور جلالِه ما انتهى إليه بصَره من خلقِه، وهذا النُّور لا يُمكِنُ التّعبير عنه إلاّ بِمثل هذه العِبارة النّبويّة المُؤديّة للمعنَى العظيم، وأنَّهُ لا تُطِيقُ المخلوقات كلّها الثُّبوت لنُور وجهه لو تبدَّى لها، ولولا أنّ أهل دارِ القَرار يُعطِيهم الرَّبُّ حياةً كامِلة، ويُعينُهم على ذلك لمَا تمكّنُوا من رُؤيَة الرَّبِّ العظيم، وجمِيع الأنوار في السَّموات العُلوية كلّها من نُوره، بل نُور جنَّاتِ النَّعِيم التي عرضُها السَّموات والأرض وسَعَتُها لا يعلمُها إلاّ الله من نُوره، فنُور العَرشِ والكُرسِي والجنَّات من نُوره، فضلاَ عن نُور الشَّمسِ والقَمَر والكَواكِبِ.
- والنَّوعُ الثَّانِي: نُورهُ المعنَويّ؛ وهو النُّور الذي نوَّر قلُوبَ أنبيائِه وأصفِيائِه وأوليَائِه وملائِكتِه، من أنوار معرفتِه وأنوار محبّتِه، فإنَّ لِمعرفته في قُلُوبِ أوليائِه المُؤمنِين أنوارًا بِحَسبِ ما عرفُوه من نُعُوتِ جلالِه وما اعتقدُوه من صِفاتِ جمالِه، فكلّ وصفٍ من أوصافِه له تأثِيرٌ في قُلُوبِهم، فإنَّ معرفَة الموْلَى أعظم المَعَارِفِ كلِّهَا، والعِلمُ بِه أجلُّ العُلومِ، والعِلمُ النَّافِعُ كلُّه أنوارٌ في القُلُوبِ، فكيْفَ بِهَذا العِلمُ الذِّي هو أفضلُ العُلوم وأجلُّهَا وأصلُها وأسَاسُها). أهـ
----------------
فتحُ الرَّحِيم الملك العلام
[ص: 62-63]