جواهر ستار التعليمية |
أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم ، في منتديات جواهر ستار التعليميه المرجو منك أن تقوم بتسجـيل الدخول لتقوم بالمشاركة معنا. إن لم يكن لـديك حساب بعـد ، نتشرف بدعوتك لإنشائه بالتسجيل لديـنا . سنكون سعـداء جدا بانضمامك الي اسرة المنتدى مع تحيات الإدارة |
جواهر ستار التعليمية |
أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم ، في منتديات جواهر ستار التعليميه المرجو منك أن تقوم بتسجـيل الدخول لتقوم بالمشاركة معنا. إن لم يكن لـديك حساب بعـد ، نتشرف بدعوتك لإنشائه بالتسجيل لديـنا . سنكون سعـداء جدا بانضمامك الي اسرة المنتدى مع تحيات الإدارة |
|
جواهر ستار التعليمية :: قسم التاريخ و الحضارة الاسلامية :: شخصيات عالمية |
السبت 30 أغسطس - 21:12:22 | المشاركة رقم: | |||||||
Admin
| موضوع: عمر مكرم.. خلود الذكر بفضل عمر مكرم.. خلود الذكر بفضل عمر مكرم.. خلود الذكر بفضل ميكافيلي! (في ذكرى نفي عمر مكرم: 27 من جمادى الآخرة 1224هـ) عمر مكرم صعد محمد علي لحكم مصر بفضل السيد "عمر مكرم" نقيب الأشراف، حيث كان له حضور طاغ وكلمة مسموعة لدى الشعب الذي رأى فيه زعامة وطنية تهدف الصالح العام لا المصلحة الشخصية، وكان السيد ملجأ الشعب حينما يتعرض للمحن أو الظلم. ولم يكن صعود "عمر مكرم" إلى قمة الزعامة الشعبية في مصر في أواخر القرن الثامن عشر الميلادي صعودًا مفاجئًا، بل كان صعوده تدريجيًّا التصق فيه الرجل بالشعب مستمدًا منه قوته ومكانته. ولد "عمر مكرم" حوالي (1164هـ = 1750م) في أسيوط، ثم انتقل إلى "القاهرة" للدراسة في الأزهر الشريف، وعندما أنهى دراسته ولج غمار الحياة العامة، فعين نقيبًا للأشراف سنة (1208هـ = 1793م)، وهي نقابة تضم المنتسبين لآل البيت، ويطلق على نقيبها لقب "السيد"، ويتمتع بمكانة عالية عند العامة والخاصة، وله نصيب موفور من التقدير والاحترام. زعامة شعبية ظهر "عمر مكرم" كقائد شعبي عام (1210هـ = 1795م) عندما قاد حركة شعبية ضد ظلم الحاكمين المملوكيين "إبراهيم بك" و"مراد بك"، وكان مطلب هذه الحركة "العدل وإقامة الشرع"، واستطاع أن يخفف الضرائب عن المصريين. وعندما ابتليت مصر بالحملة الفرنسية في (1213هـ= 1798م) استنفر "عمر مكرم" الشعب للقتال والجهاد، وبث روح المقاومة في المصريين، وخرج بجموع غفيرة للقتال، لكن المماليك كانوا أبعد ما يكونون عن أسلوب ذلك العصر في القتال واستخدام الأسلحة الحديثة، فكانت هزيمتهم النكراء في "معركة إمبابة" التي تحمل الشعب أغلب تضحياتها. قرر "عمر مكرم" الرحيل عن القاهرة واتجه إلى "بلبيس"، وكان وجوده فيها عاملا رئيسيًّا في إثارة مديرية الشرقية ضد الفرنسيين. وبعد هزيمة الصالحية في (ربيع أول 1213هـ = أغسطس 1798م) ارتحل إلى "العريش"، ومنها إلى "غزة"، فصادر "نابليون بونابرت" أمواله، وعزله عن "نقابة الأشراف"، ثم ألقي القبض عليه في "يافا"، فالتقى به "نابليون"، ثم وُضع تحت الإقامة الجبرية في "دمياط"؛ فكان الشعب يتردد عليه، ثم انتقل إلى "القاهرة" واعتكف فترة عن الحياة السياسية. وكان من حنكته وذكائه السياسي أنه لم يشارك الفرنسيين في احتفالاتهم بالمولد النبوي حتى لا يضفي شرعية على وجودهم في مصر. شارك في "ثورة القاهرة الثانية"، وكان من زعمائها البارزين، وذكر "الجبرتي" في تاريخه "عجائب الآثار" أن "السيد عمر أفندي مكرم نقيب الأشراف خرج وتبعه كثير من العامة" واستمرت هذه الثورة ثلاثة وثلاثين يومًا، إلا أنها فشلت؛ فرحل إلى الشام، ولم يعد إلا مع الجيش العثماني الذي دخل القاهرة في (4 ربيع أول 1216هـ = 1801م). ثورة مايو 1805 عمت الفوضى السياسية مصر بعد خروج الفرنسيين، وتسابق الجميع للسيطرة على حكم البلاد، وفي ظل هذا التسابق المحموم للسلطة تكون الشعوب هي الضحية، وعندما استقر الحكم للوالي العثماني "أحمد خورشيد" نزع إلى الظلم والشطط في فرض الضرائب حتى ضج الشعب؛ فنصحه "عمر مكرم" وعدد من المشايخ والعلماء بتحري العدل، ولكنه أبى ذلك، فقاد عمر ثورة شعبية مسلحة ضد هذا الحاكم المستبد، واستنفر الشعب لحمل السلاح، فلبى الشعب النداء، وحاصر الحاكم في قلعته، وبعد قتال عنيف انكسر خورشيد، واستطاع الشعب أن يعزله عن الحكم، ويولي حاكمًا جديدًا هو "محمد علي"، ذلك الضابط الألباني الذي أظهر تعاطفًا مع المصريين. وظهرت في هذه الثورة العارمة القدرات السياسية والقيادية لعمر مكرم؛ ففي حوار عاصف بينه وبين أحد أعوان خورشيد حول وجوب طاعة أولي الأمر، قال عمر مكرم عبارة مهمة هي: "إن أولي الأمر هم العلماء وحملة الشريعة والسلطان العادل، وجرت العادة من قديم الزمان أن أهل البلاد يعزلون الولاة حتى الخليفة، والسلطان إذا سار فيهم بالجور فإنهم يعزلونه ويخلعونه". يقول الدكتور "عبد العزيز الشناوي" في كتابه "عمر مكرم": "والحق أن الوجدان الديني والفكر السياسي كانا يتلاحمان، بعضهما من بعض في نفس الزعيم عمر مكرم؛ فهو يردد نظرية إسلامية سياسية مهمة هي حق الشعب في عزل حكامه إذا أساءوا الحكم، وهو يصر على نقل هذه النظرية إلى مجال التطبيق العملي، وكان ترديد هذه النظرية والإصرار على تطبيقها في ذلك الوقت المبكر من القرن التاسع عشر ظاهرتين مهمتين في تاريخ الفكر السياسي في مصر". كان "عمر مكرم" يصر على استمرار حمل الشعب للسلاح حتى إقرار النظام الجديد، وهو نظام "محمد علي" الذي اختاره الشعب ليكون حاكمًا للبلاد، إلا أن رأي غالبية المشايخ -وعلى رأسهم الشيخ "عبد الله الشرقاوي"- هو أن مسألة إنزال "خورشيد" من القلعة قضية تخص الوالي الجديد. استمرت هذه الثورة المسلحة بقيادة "عمر مكرم" 4 أشهر، وأعلنت حق الشعب في تقرير مصيره واختيار حكامه، وفق مبادئ أشبه بالدستور تضع العدل والرفق بالرعية في قمة أولوياتها. والسؤال الذي يطرح نفسه: لماذا لم يستول "عمر مكرم" على السلطة على اعتبار أنه قائد الثورة ومحركها، والأقدر على إقامة العدل والرفق بالشعب؟ والواقع أن إجابة هذا التساؤل لا بد أن تعتمد القراءة الثقافية السياسية من منظور ذلك العصر الذي لم ينظر إلى العثمانيين على أنهم غزاة مغتصبون، ولكن كان ينظر إليهم على أنهم حماة للإسلام، ومن ثم فالثورة على "خورشيد" كانت ثورة على الحاكم الظالم بصفته الشخصية وليست ثورة على النظام السياسي، لذلك فإن تولي "عمر مكرم" للحكم من خلال هذه الثورة قد يفسره العثمانيون على أنه ثورة ضد دولة الخلافة، أما اختيار "محمد علي" -وهو من جنس القوم- لتولي حكم مصر فلن يثير غضب الباب العالي بدرجة كبيرة، ومن هنا تتضح حصافة الرجل الذي قال للزعماء صراحة: "لا بد من تعيين شخص من جنس القوم للولاية". عدو الرياسة! محمد علي باشا صعد "محمد علي" لحكم مصر بتأييد الزعامة الشعبية التي قادها "عمر مكرم" وفق مبادئ معينة في إقامة العدل والرفق بالرعية، وكان من نتيجة ذلك أن تحملت الزعامة المسئوليات والأخطار التي واجهت نظام "محمد علي" الوليد، ومنها أزمة الفرمان السلطاني بنقله إلى "سالونيك"، والحملة الإنجليزية على مصر سنة (1222هـ = 1807م)، وإجهاض الحركة المملوكية للسيطرة على الحكم في مصر؛ ففي هذه الأزمات الثلاث الكبرى كانت زعامة "عمر مكرم" تترسخ في وجدان المصريين؛ إذ رفض مساندة المماليك في تأليب الشعب ضد "محمد علي"، ورفض فرمانات السلطان العثماني بنقل "الباشا" إلى "سالونيك" فاحتمى "محمد علي" به من سطوة العثمانيين، وفي حملة "فريزر" قام "عمر مكرم" بتحصين القاهرة، واستنفر الناس للجهاد، وكانت الكتب والرسائل تصدر منه وتأتي إليه، أما "محمد علي" فكان في الصعيد يتلكأ، وينتظر حتى تسفر الأحداث عن مسارها الحقيقي. أدرك "محمد علي" أن "عمر مكرم" خطر عليه أمام أحلامه في الاستفراد بحكم مصر؛ فمن استطاع أن يرفعه إلى مصافّ الحكام يستطيع أن يقصيه، ومن ثم أدرك أنه لكي يستطيع تثبيت دعائم ملكه وتجميع خيوط القوة في يده لا بد له أن يقوض الأسس التي يستند عليها "عمر مكرم" في زعامته الشعبية.. فعندما أعلن زعماء الشعب عن استعدادهم للخروج لقتال الإنجليز أجاب "محمد علي": "ليس على رعية البلد خروج، وإنما عليهم المساعدة بالمال لعلائف العسكر". كانت العبارة صدمة كبيرة لعمر مكرم؛ إذ حصر دور الزعامة الشعبية في توفير علائف الحيوانات، ولكن حصافة الرجل لم تجعله يعلن خصومة "محمد علي"، وأرجع مقولة "الباشا" إلى أنها زلة لسان، وآثر المصلحة العامة لمواجهة العدوان؛ فقام بجمع المال؛ وهو ما وضعه في موقف حرج مع بعض طوائف الشعب. وصف "الجبرتي" مكانة "عمر مكرم" بقوله: "وارتفع شأن السيد عمر، وزاد أمره بمباشرة الوقائع، وولاية محمد علي باشا، وصار بيده الحل والعقد، والأمر والنهي، والمرجع في الأمور الكلية والجزئية". فكان يجلس إلى جانب محمد علي في المناسبات والاجتماعات، ويحتل مركز الصدارة في المجتمع المصري، حتى إن الجماهير كانت تفرح لفرحه، وتحزن لحزنه. هدم وإقصاء التقت إرادة "محمد علي" في هدم الزعامة الشعبية مع أحقاد المشايخ وعدد من العلماء على "عمر مكرم"، وتنافسهم على الاقتراب من السلطة وتجميع ما تُلقي إليهم من فتات، في هدم هذه الزعامة الكبيرة؛ فقد دب التنافس والانقسام بين المشايخ حول المسائل المالية، والنظر في أوقاف الأزهر، وتولي المناصب. ولم تفلح محاولات رأب الصدع بين العلماء؛ فتدهورت قيمتهم ومكانتهم عند الشعب، واستشرى الفساد بينهم، واستطاع "محمد علي" أن يجد طريقه بين هذه النفوس المريضة للوصول إلى "عمر مكرم"، بل إن هؤلاء المشايخ سعوا إلى السلطة الممثلة في "محمد علي" للإيقاع بعمر مكرم، ووقف هذا السيد الكريم في مواجهة طغيان السلطة وطغيان الأحقاد بمفرده، ونقل الوشاة من العلماء إلى "الباشا" تهديد "عمر مكرم" برفع الأمر إلى "الباب العالي" ضد والي مصر، وتوعده بتحريك الشعب للثورة، وقوله: "كما أصعدته إلى الحكم فإنني قدير على إنزاله منه". ولم تفلح محاولات "محمد علي" في رشوة "عمر مكرم" في تطويع إرادته وإرغامه على الإقلاع عن تبني مطالب الشعب، ومن ثم لجأ إلى المكيدة التي عاونه فيها العلماء، وعزل "عمر مكرم" عن "نقابة الأشراف" ونفاه إلى دمياط في (27 من جمادى الثانية 1224هـ = 9 من أغسطس 1809م)، وقبض العلماء الثمن في الاستحواذ على مناصب هذا الزعيم الكبير؛ ومن هنا جاءت تسمية الجبرتي لهم بـ"مشايخ الوقت". استمر "عمر مكرم" في منفاه ما يقرب من 10 سنوات، وعندما حضر إلى القاهرة في (12 من ربيع الأول 1234هـ = 9 من يناير 1819م) ابتهج الشعب به ولم ينس زعامته له، وتقاطرت الوفود عليه. أما الرجل فكانت السنون قد نالت منه؛ فآثر الابتعاد عن الحياة العامة، ورغم ذلك كان وجوده مؤرقًا لمحمد علي؛ فعندما انتفض القاهريون في (جمادى الآخرة 1237هـ = مارس 1822م) ضد الضرائب الباهظة نفاه محمد علي ثانية إلى خارج القاهرة؛ خوفًا من أن تكون روحه الأبية وراء هذه الانتفاضة، لكن الموت كان في انتظار الزعيم الكبير حيث توفي في ذلك العام بعد أن عاش آلام الشعب، وسعى لتحقيق آماله، وتحمل العنت من أجل مبادئه. بين الزعامة والميكافيلية وتطرح قصة إقصاء محمد علي لـ"عمر مكرم" ونفيه إلى دمياط في (27 من جمادى الثانية 1224هـ = 9 من أغسطس 1809م) تساؤلات كثيرة، أهمها: لماذا تتعرض الزعامات الشعبية -غالبا- لمثل هذه الحالة المتكررة من التنكر لمجهوداتها من قبل السلطة السياسية، حيث تصبح في مقدمة ضحاياها رغم ما قدمته من مساندة لها في الوصول إلى الحكم؟ وهل هذا صراع تقليدي بين سلطة الدولة وسلطة الأمة؟ وهل يرتبط عدم تمكن الزعامات الشعبية من الوصول إلى السلطة أو الاحتفاظ بها إلى غياب الرؤية السياسية لهذه الزعامات، أم أنها تتحرك وفق منظومة من القيم والرؤى التي تحدد مسارات حركتها، وبالتالي يقل هامش مناورتها السياسية، في مقابل اعتماد الواثب للسلطة على "الميكافيلية" السياسية في أن "الغاية تبرر الوسيلة" في تصفيته للمناوئين له، وبالتالي تصبح جميع الاحتمالات مفتوحة أمامه لتحقيق غايته؟ والواقع أن ما تعرض له الزعيم الكبير "عمر مكرم" يتجاوز مسألة الحادث التاريخي؛ لأنه يطرح قضية الصراع القديم المتكرر بين المبادئ والقيم والانتهازية السياسية. فما تعرض له "عمر مكرم" هو حلقة في سلسلة تجارب مماثلة عانت منها الزعامات والقوى الوطنية والشعبية في المشرق الإسلامي، ذهبت فيه ضحية على مذبح السلطة، بعدما تحركت وشحنت الشعب خلفها لتطبيق برنامج سياسي اجتماعي اقتصادي كان العدل أهم أركانه، والحرية أسمى تطلعاته. فهذه الزعامات عندما ساهمت بكل قوتها وعنفوانها في هدم النظام السياسي السابق وإزاحة من يجلس على قمته وجدت نفسها وجهًا لوجه أمام السلطة، فأحجمت في تجارب، وتلكأت وتراجعت في أخرى. والوثوب للسلطة في مثل هذا الوقت يحتاج إلى سرعة خاطفة، وإرادة لا تعرف التردد، وتحديدًا دقيقًا للهدف وكيفية الوصول إليه. ويضيف آخرون إلى العناصر السابقة "الميكافيلية"، وإزاحة من يعترض طريق الوصول للسلطة من زعامات ومؤسسات ومبادئ وقوى مناوئة. أهداف فارقة والميكافيلية السياسية من الأمور التي تأباها الزعامة الشعبية لاعتبارات متعددة، منها: أولا: الزعامة الشعبية انطلقت من منظومة مبادئ وقيم خلقية ودينية ووطنية لتحقيق قيم سامية، أهمها العدل والحرية والمساواة؛ فقد خرجت من معاناة شعب لتحقيق آماله، وإزاحة الظلم والاضطهاد عن كاهله، كما أنها انطلقت من هذه المعاناة لتحقيق مثالية سياسية وعدالة اجتماعية؛ فالعدل حلم الضعفاء، والعدل والحرية هما المداعبان لخيالها. وإذا تمكنت الميكافيلية من الزعامات أصابتها بالتقاعس عن تبني مطالب الضعفاء وآمالهم، ويدفع إلى فتح قنوات مع النظام السياسي القائم ولعب "دور الإسفنجة" في امتصاص الخيرات والمكاسب بشراهة لتحقيق الثروة والنفوذ دون المخاطرة بمصيرها ومصالحها، وهو ما يرحب به النظام السياسي القائم؛ لأن الثمن الذي يقبضه هو البقاء المريح في السلطة. ثانيا: الزعامة الشعبية ليست نبتًا شيطانيًّا يصحو الناس من نومهم فيجدون شخصًا ما أصبح زعيمًا للشعب. فهناك فارق كبير بين الصعود للسلطة والصعود للزعامة الشعبية؛ فالصعود للسلطة في بعض التجارب في إفريقيا منذ عقود كان يتطلب الاستيقاظ مبكرًا وامتطاء صهوة دبابة والقيام بانقلاب عسكري. أما الزعامة الشعبية فشأن آخر؛ فمن يمسك بزمام السلطة يملك قوة وأدوات القهر التي تحتكرها الدولة، أما الزعيم الشعبي فيمسك بزمام قلوب الشعب دون سلطة، ويحرك الشعب بصدقيته اعتمادًا على قوة الإقناع وليس قوة الإكراه، وبذلك تصبح كلمته أقوى وأمضى من القانون النافذ على الشعب؛ فالإمام "الخميني" إبان الثورة الإسلامية في إيران كان يحرك الشعب من خلال "شريط كاسيت"؛ فتتدفق جموع الشعب الهادرة إلى الشارع للاحتجاج، وتعجز السلطة عن كبح جماحها. والشعوب لا تعطي قيادها إلا لزعامات تتسم بالصدقية والمبادئ والقيم، ومن ثم فإن بناء الزعامة الشعبية يأخذ السنوات الطوال، كما أن الشعوب في كل الدنيا لا تعطي قلوبها وإرادتها طواعية لزعيم ما إلا بعد أن يجتاز اختبارات متعددة في مراحل عمره المختلفة. فإذا اجتاز هذه الاختبارات أعطته الولاء، ورفعته إلى مصافّ "الكاريزما" أو "الزعامة الملهمة". ومن ناحية أخرى فإن الاختبارات والمحن التي تتعرض لها الزعامة تؤدي إلى صقلها وتعمق اعتصامها بالقيم والمبادئ والمثالية الواقعية فلا تعرف طعن الظهر، ولا تجيد الدسائس، وتأبى أن تكون هي الطرف الغادر، في حين أن الواثب للسلطة لا يقيم للقيم والمبادئ وزنًا، ولا يعرف للعهد وفاء، ويجيد سرقة الانتصارات، وامتطاء الموجة، ويبكي ضحاياه بينما سيفه في ظهورهم. ويكفي أن نشير إلى أن أغلب الواثبين للسلطة السارقين لانتصارات الشعوب اتخذوا كتاب "الأمير" لميكافيلي دستورا لهم؛ فهو منهجهم في التفكير، وأسلوبهم في التنفيذ، حتى إن بعضهم قرأ هذا الكتاب ثلاث عشرة مرة!! وامتلأت نفسه وتشبعت بهذه الروح الميكافيلية، فتخلص من جميع من ساندوه، وكانوا أكثر ضحاياه ألمًا ومعاناة. ثالثا: كثير من الزعامات الشعبية لا تعتبر الوصول إلى السلطة هدفها الذي تكافح من أجله، بل ترى أن دورها هو تحطيم الأغلال عن الشعب، وإيقاظ وعيه، وتحريك المياه الراكدة داخله حتى يستيقظ من ثباته العميق؛ على اعتبار أن الوعي الاجتماعي يجعل الشعب يدرك واقع الحياة حوله، ويسعى لتبديل حالة الحرمان والظلم التي يعاني منها، والتحرك للقضاء على مصدر الخطر والظلم. أي تقصر دورها على التأثير في "الخريطة الإدراكية" للشعب وتبديل أولوياتها، وعندما يتحقق للزعامة الشعبية ذلك تظن أنها أدت دورها، وأن لها أن تلتقط هي أنفاسها، وتتناسى أن إيقاظ الوعي الاجتماعي للشعب يفرض استمرار منبهات الإيقاظ؛ لأن وعي الشعوب قابل للاستنامة والنوم، وهذا المأزق وقعت فيه غالب الزعامات الشعبية. الموضوعالأصلي : عمر مكرم.. خلود الذكر بفضل // المصدر : ممنتديات جواهر ستار التعليمية //الكاتب: berber
| |||||||
الإشارات المرجعية |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 20 ( الأعضاء 3 والزوار 17) | |
|
| |
أعلانات نصية | |
قوانين المنتدى | |
إعــــــــــلان | إعــــــــــلان | إعــــــــــلان | إعــــــــــلان |