السيمياءعند فردناند دي سوسير وبيرس


١/- السيمياء:
أفضل البدايات تدخلنا في هذا المجال عن طريق آيات ذكر الله ,يقول تعالى : « تَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ لَا يَسْأَلُوَن النَّاَس ِإْلحَافًا » ( ) . » وَعَلَى الأَعْرَافِ رِجَالٌ يَعرفون كلمة بسيماهم »( ).
ووردت في آيات أخرى حيث أنها ذكرت 6 مرات ,وذلك بمعنى العلامة سواء كانت هذه العلامة متصلة بالوجه أو الهيئة أو الأفعال والأخلاق.
» وجاء في لسان العرب السمة والسيمياء ,والسومة , والسيمياء العلامة بصفة عامة»( ) .
» السيمياء هي العلم الذي يدرس الدلائل ,ولقد نشأ كعلم مستقل مع بداية القرن العشرين ,ولقد كانت نشأتها في أحضان اللسانيات ونظرية المعرفة ,وقد عمد هذان المجالان المعرفيان إلى ربط هذا العلم بنظرية الأنساق »( ).
من خلال ما توصلنا إليه نستنتج أن السيمياء علم العلامات لا يمكن الاستغناء عنه باعتباره يؤدي إلى الاختصار والعلم لا يكاد يستغني عن العلامات المحيطة بنا ,التي تكاد تتكلم عن نفسها مشيرة إلى وظيفة ما.
» والسيمياء علم يعنى بدراسة العلامة أو بنية الإشارة وعلاقاتها في الكون ,ويدرس توزيعها ووظائفها الداخلية والخارجية ,وعلى هذا فهو يهتم بكل الإشارات الدالة مهما كان نوعها »( ).
ما يهمنا من السيمياء هو العلامات اللغوية أو اللسانية على اعتبار أن اللغة أهم هذه الأنظمة ,والسيمياء (SEMIOLOGY) هي علم يدرس حياة كل العلامات المستخدمة في المجتمع كاللغة والعادات والطقوس ....الخ. ويبين مكوناتها وقوانينها وتنظيمها( ) .
ولقد تعددت مصطلحات السيمياء من باحث لآخر ,ولا أحد يصعب عليه التمييز بين دلالة هذا الفيض من المصطلحات ,فهناك من يقول بعلم العلامة ,أو علم الإشارة ,أو السيميولوجيا (SEMIOLOGY) المشتقة من (SEMION) اليونانية حسب العالم اللغوي السويسري
فرديناند دي سوسيرFN.DE.SOUSSURE (1756-1913م) ,أو العالم الأمريكي شارل ساندرس برس CH.S.PERICE (1838-1914م)( ) .
وانطلاقا من هذين المصطلحين سيتبع البحث مراحل تبلور علم السيمياء بدءا بالسيميولوجيا .
أ‌- سيميولوجيا دي سوسير:
« لقد بشر دي سوسير بمولد السيميولوجيا وحدد موضعها بكل علامة دالة ,وجعل اللغة جزءا من هذه العلامة الدالة إذ علم اللغة جزءا من علم السيميولوجيا العام .يقول « اللغة نظام إشاري يعبر عن الأفكار وبذلك يمكن مقارنته بالنظام الكتابي وبالنظام الألف بائي للصم والبكم وبالنظام الاشاري النقشي ...إن العلم الذي يدرس حياة الإشارة في مجتمع من المجتمعات يمكن أن يكون جزءا من علم النفس الاجتماعي. والبعض دعوا هذا العلم سيميولوجيا "SEMIOLOGIE "( ) .
فاللغة نظام من العلامات تعبر عن الأفكار مثلها من أنظمة أخرى تشبهها كأبجدية الصم والإشارات العسكرية ,وتعد اللغة أهم الأنظمة العلاماتية .
« والسيمياء هو علم تمت ولادته الحقيقية بعد مخاض تراثي عبير وذلك على يد العالم اللغوي السويسري فاردنيال دي سوسير . من خلال تدريسه لعلم اللسانيات حيث يقول : بمقدورنا أن نتصور علم يدرس حياة الإشارة وسط الحياة الإجتماعية ,فيكون هذا العلم قسما من علم النفس الاجتماعي ,وبالتالي قسما من علم النفس العام سنطلق عليه اسم السيميولوجيا »( ) .
« إن السيميولوجيا تنطلق من ثمة من نظام جديد للوقائع بعد اللسان نسق دلائل معبرة عن أفكار لتكسب من ثمة وظيفة رمزية داخل المجتمعات المختلفة ,فالدلائل اللسانية لا تشكل سوى فرعا من الدلائل »( )
وعلى الرغم من الجل القائم حول علاقة اللغة الطبيعية بالأنظمة السيميولوجية إذ نجد من يرفع من قيمة اللغة ويضعها في قيمة الأنظمة السيميائية. على أساس أنها النظام السيميولوجي المفسر لجميع الأنظمة الأخرى.
« أي أننا لا نستطيع أن نتحدث عن أي علم من هذه الأنظمة إلا بواسطة اللغة ,كما نجد من يعدها من بين هذه الأنظمة السيميائية من غير تفضيل. وهؤلاء يعتبرون السيميولوجيا أعلم من علم اللغة »( ) .
وقد كانت أفكاره وتفسيراته حول هذا العلم محدودة ,لأنه تطرق إليه فقط أثناء كلامه عن الإشارة المتنوعة ,تدخل كلها فيما سماه بالسيميولوجيا التي تدرس حياة الإشارة في مجتمع من المجتمعات ,والتي يمكن أن تكون جزء من علم النفس العام.
« فهذا العلم يدرس بنية الإشارات و يوضح الأنظمة والقوانين التي تحكمها »( ).
« و يقول سوسير أن اللغة تقوم بنظام التواصل وتخضع مثلها لاتفاق الجماعة وتواضعها. وتعمل متضافرة تارة ومستقلة تارة أخرى من خلال السياق الثقافي لكل مجتمع.
ونلاحظ هذه الأنظمة تعمل من خلال حواس التواصل الخمس: السمع ,اللمس ,الذوق التي تحدد بدورها نظام العلامات ووظيفته( ).
ب‌- السيميوطيقا عند بيرس :
النظرية السيميوطيقية هي النظرية التي توظف علم العلامات في دراسة وتحليل أنواع الاتصال والدلالة والمعنى من خلال أنظمة العلامات.
يقولون أن الحياة غابة او إحراس من الرموز ,فإنها من باب أولى غابة أو إحراس من العلامات التي تتجاوز الرموز في انتشارها وتوغلها في كل مناحي الحياة.
« ولم يبتكر بيرس مصطلح السيميوطيقا من عنده ,بل استمده من المصطلح الذي أطلقه جون لوك على العلم الخاص بالعلامات والدلالات والمعاني المتفرع من المنطق والذي اعتبره جون لوك علم اللغة ,وكان أكبر إنجاز لبيرس أنه سعى لتصنيف كل المعطيات المدركة والمعاشة في الحياة نفسها ,فهي تكون شبكة من العلاقات لا مهرب للإنسان منها وقد قسمها بيرس إلى ثلاث مجموعات هي الأيقونات والمؤشرات والرموز »( ).
« والسيميوطيقا تبحث عن أسباب التعدد ولا نهاية الخطابات والنصوص ,وتسعى إلى اكتشاف البنيات العميقة الثابتة والأسس الجوهرية المتسببة في اختلاف النصوص ,وهي بهذا دراسة شكلانية للمضمون ,وتمر عبر الشكل لمساءلة الدوال ,من أجل تحقيق معرفة دقيقة بالمعنى »( ).
« ويرى عدد من الدارسين أن تاريخ السيميولوجيا بوصفه علما ,يبدأ مع بيرس الذي درس الرموز ودلالاتها وعلائقها ,وتقوم سيميوطيقا بيرس على المنطق والظاهرتية والرياضيات »( ).
« واللافت للانتباه أن بيرس قد عمل على الربط بين المنطق والسيميوطيقا " فليس المنطق بمفهومه العام إلا اسما آخر للسيميوطيقا ". والسيميوطيقا نظرية شبه ضرورية أو نظرية شكلية للعلامات ,وإن كان دي سوسير يوازي بين السيميوطيقا والمنطق »( ).
يقول بيرس ليس باستطاعتي أن أدرس كل شيء في هذا الكون كالرياضيات والأخلاق والبصريات ,والميتافيزياء والجاذبية الأرضية ,والكيمياء وعلم التشريح المقارن ,والديناميكية الحرارية ,والبصريات وعلم الفلك وعلم النفس وعلم الأصوات والموازين والنبيذ إلا على أساس أنه نظام سيميولوجي ,ومن هذا المنطق أصبحت الاشارة دالة مهما كان نوعها ضمن علم السيمياء( ).
والعلامة عند بيرس ممثل وموضوع ومؤول وهي تبنى على نظام رياضي
الممثل


الموضوع المؤول
« والعلامة عند بيرس قد تكون لغوية أو غير لغوية ,وهي ثلاثة أنواع:
إشارة: تكون العلامة بين الدال والمدلول سببية معللة.
رمز: تكون العلاقة بين الدال والمدلول اعتباطية.
أيقونة: تكون العلاقة بينهما علاقة تماثل وتشابه كالصور والخرائط( ).

جزاك الله الف خير