إذا ارتاح الطغاة إلى الهوانِ | فذكرهم بأن الموتَ دانِ |
ومن صُدَفٍ بقاءُ المرءِ حَيَّاً | على مرِّ الدَّقائقِ والثواني |
وجثةِ طِفْلَةٍ بممرِّ مَشْفَىً | لها في العمر سبعٌ أو ثمانِ |
أراها وهي في الأكفان تعلو | ملاكا في السماء على حصان |
على بَرْدِ البلاطِ بلا سريرٍ | وإلا تحتَ أنقاضِ المباني |
كأنَّكِ قُلْتِ لي يا بنتُ شيئاً | عزيزاً لا يُفَسَّر باللسانِ |
عن الدنيا وما فيها وعني | وعن معنى المخافةِ والأمانِ |
فَدَيْتُكِ آيةً نَزَلَتْ حَدِيثاًَ | بخيطِ دَمٍ عَلَى حَدَقٍ حِسَانِ |
فنادِ المانعينَ الخبزَ عنها | ومن سَمَحُوا بِهِ بَعْدَ الأوانِ |
وَهَنِّئْهُم بِفِرْعَوْنٍ سَمِينٍ | كَثَيرِ الجيشِ مَعمورِ المغاني |
له لا للبرايا النيلُ يجري | له البستانُ والثَمَرُ الدَّواني |
وَقُل لمفرِّقِ البَحرَيْنِ مهما | حَجَرْتَ عليهما فَسَيَرْجِعَانِ |
وإن راهنتَ أن الثَأر يُنسى | فإنَّكَ سوفَ تخسرُ في الرِّهانِ |
نحاصَرُ من أخٍ أو من عدوٍّ | سَنَغْلِبُ، وحدَنا، وَسَيَنْدَمَانِ |
سَنَغْلِبُ والذي جَعَلَ المنايا | بها أَنَفٌ مِنَ الرََّجُلِ الجبانِ |
بَقِيَّةُ كُلِّ سَيْفٍ، كَثَّرَتْنا | مَنَايانا على مَرِّ الزَّمَانِ |
كأن الموت قابلة عجوز | تزور القوم من آنٍ لآنِ |
نموتُ فيكثرُ الأشرافُ فينا | وتختلطُ التعازي بالتهاني |
كأنَّ الموتَ للأشرافِ أمٌّ | مُشَبَّهَةُ القَسَاوَةِ بالحنانِ |
لذلك ليس يُذكَرُ في المراثي | كثيراً وهو يُذكَرُ في الأغاني |
سَنَغْلِبُ والذي رَفَعَ الضحايا | مِنَ الأنقاضِ رأساً للجنانِ |
رماديِّونَ كالأنقاضِ شُعْثٌ | تحدَّدُهم خُيوطٌ الأرْجُوَانِ |
يَدٌ لِيَدٍ تُسَلِّمُهم فَتَبْدُو | سَماءُ اللهِ تَحمِلُها يدانِ |
يدٌ لِيَدٍ كَمِعراجٍ طَوِيلٍ | إلى بابِ الكريمِ المستعانِ |
يَدٌ لِيَدٍ، وَتَحتَ القَصْفِ، فَاْقْرَأْ | هنالكَ ما تشاءُ من المعاني |
صلاةُ جَمَاعَةٍ في شِبْرِ أَرضٍٍ | وطائرةٍ تُحَوِّم في المكانِ |
تنادي ذلك الجَمْعَ المصلِّي | لكَ الوَيْلاتُ ما لَكَ لا تراني |
فَيُمْعِنُ في تَجَاهُلِها فَتَرمِي | قَنَابِلَها فَتَغْرَقُ في الدُّخانِ |
وَتُقْلِعُ عَنْ تَشَهُّدِ مَنْ يُصَلِّي | وَعَنْ شَرَفٍ جَدِيدٍ في الأَذَانِ |
نقاتلهم على عَطَشٍ وجُوعٍ | وخذلان الأقاصي والأداني |
نقاتلهم وَظُلْمُ بني أبينا | نُعانِيه كَأَنَّا لا نُعاني |
نُقَاتِلُهم كَأَنَّ اليَوْمَ يَوْمٌ | وَحِيدٌ ما لَهُ في الدهر ثَانِ |
بِأَيْدِينا لهذا اللَّيْلِ صُبْحٌ | وشَمْسٌ لا تَفِرُّ مِنَ البَنَانِ |