الجرائم و الافات الاجتماعية و كثرة الانتحار فكيف يحدث ذلك وكيف السبيل الى معالجتها ان ما يحدث للأمة الإسلامية اليوم من تراكم للظلمات فيها، وهذا الاضطراب والفراغ الى اكثر من سبيعن فرقة، نجد له اسبابا كثيرة وعوامل مختلفة، منها اسباب فكرية واجتماعية واقتصادية وسياسية، واسباب داخلية واخرى خارجية، ونقتصرها على سبب واحد من الاسباب الفكرية، وهو جرأة العقل على تأويل الوحي واستعمال الرأي المجرد في امور الدين دون احتراز من الرواسب العالقة بذلك الرأي والاهواء الغالبة عليه دون اخضاعه لمنهج علمي مستقيم. وقد توفرت عوامل كثيرة دعت المسلمين الى الاقدام على تأويل الوحي واستعمال الرأي بشكل ادى الى قدر كبير من تحريف وخلط وظهور فرق ومذاهب متضاربة ونشوب معارك فكرية وفتن طائفية شوهت تاريخ الاسلام والمسلمين».
و من بين هذه العوامل، توسع المسلمون في الفتوحات، وهذا التوسع تسبب في دخول أناس من ديانات اخرى كانوا في حاجة لمناقشة عقائدهم السابقة على ضوء دينهم الجديد مما ادى الى دخول اناس من ديانات اخرى يضمرون ديانتهم ويظهرون الاسلام. فأدى هذا الى اختلاط كبير في الفكر، وان هذه الفتنة الدينية او الفكرية خلقت رد فعل قوي في صفوف جمهور عريض من المسلمين تكونت لديهم قناعة راسخة بان النجاة تكمن في الرجوع بقوة الى ما كان عليه السلف الصالح في عصر الصحافة والتابعين. واتخذ هذا الرجوع مظاهر مختلفة، منها الابتعاد عن الخلق والزهد في الدنيا، وهو تيار الصوفية، وتيار قام بالتصدي للتأويل، والرأي والفلسفة ونادى بالتمسك بظواهر النصوص، والرجوع الحرفي الى عمل السلف الصالح ومحاربة البدع، وهو تيار السلفية. وهذان التياران معا نعتبرهما رافدين من روافد التيار الاصلاحي العام، فكل من الصوفية والسلفية حركة اصلاحية في نشأتها ومقاصدها وكل منها ابلى البلاء الحسن في اصلاح شؤون الامة والخروج بها من التمزق الذي اوقعها به الاختلاف في الدين.