جواهر ستار التعليمية |
أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم ، في منتديات جواهر ستار التعليميه المرجو منك أن تقوم بتسجـيل الدخول لتقوم بالمشاركة معنا. إن لم يكن لـديك حساب بعـد ، نتشرف بدعوتك لإنشائه بالتسجيل لديـنا . سنكون سعـداء جدا بانضمامك الي اسرة المنتدى مع تحيات الإدارة |
جواهر ستار التعليمية |
أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم ، في منتديات جواهر ستار التعليميه المرجو منك أن تقوم بتسجـيل الدخول لتقوم بالمشاركة معنا. إن لم يكن لـديك حساب بعـد ، نتشرف بدعوتك لإنشائه بالتسجيل لديـنا . سنكون سعـداء جدا بانضمامك الي اسرة المنتدى مع تحيات الإدارة |
|
جواهر ستار التعليمية :: قسم التاريخ و الحضارة الاسلامية :: قسم التاريخ و الحضارة الاسلامية |
الثلاثاء 8 سبتمبر - 20:23:06 | المشاركة رقم: | |||||||
عضو نشيط
| موضوع: مذكرة الدكتور لينارس عن رحلة جلالة الملك مولاي الحسن الأول إلى تافلالت مذكرة الدكتور لينارس عن رحلة جلالة الملك مولاي الحسن الأول إلى تافلالت كانت بعض أزقة وشوارع المدن المغربية، إلى عهد قريب، تحمل أسماء أطباء وعلماء، ومستشرقين وضباط فرنسيين، كانوا من طلائع الاستعمار ومن المسهمين في تركيز أركانه بما قاموا به من خدمات وأنجزوه من دراسات، وربطوه من اتصالات، ظاهرها الرغبة في الإصلاح، وباطنها العمل على توسيع الرتق وجعل " المخزن في أوعر المسالك وأضيق المآزق" والدكتور لينارس كان من أولئك الرواد، وقد عاش بالمغرب من سنة 1880 إلى 1902 ، مهمته الرسمية معالجة الأجسام وديدانه في الواقع خدمة ساسة دولته بما يبرر تدخلاتهم في الشؤون المغربية . ولما بايع أهل الحل والعقد المولى عبد العزيز، كان الدكتور لينارس في عطلة بفرنسا فأوفدته الحكومة الفرنسية للتهنئة، وعن هؤلاء الأجانب المهنئين قال صاحب كتاب الاستقصاء : " وقد تسرب جماعة من نواب الأجناس كعادتهم مع والده من قبله، فقدموا عليه حضرة فاس مظهرين أنهم يزعم أنه قدم للتهنئة وهو مقيم بالحضرة هذه مدة أربعة أشهر، تجسس الأخبار، ويتطلع العورات، ويترصد الغفلات، ويحصي الأنفاس لعله تظهر له خلة أو تمكنه فرصة." (ج 9 – ص 207 ). ولد الدكتور فرنارد جان لينارس في limeuil مقاطعة dordogne بتاريخ 3 يوليوز 1850 ، وحيث كان ينتمي إلى أسرة أنجبت عدة أطباء فإنه نهج نهج آبائه إذ التحق بكلية الطب بتولوز، فكلية الطب بباريس، ثم اضطر إلى مغادرتها ليؤدي واجبه العسكري في فرقة الممرضين التابعة لفيالق الجيش الفرنسي الرابضة بوهران، ولما أنجز أطروحته الطبية سنة 1874 أعيد، سنة 1876 برتبة طبيب، إلى وهران ثم عين بجريفيل (البيض) حيث بدأ يتعلم اللغة العربية ويهتم بالشؤون الإسلامية. كان، في أوائل سنة 1878 ، طبيبا لدى البعثة العسكرية الفرنسية التي وجهت إلى مدينة وجدة، ثم إلى الرباط، بناء على اتفقات أبرمت اذذاك بين الدولتين المغربية والفرنسية، وهكذا تيسر له الاتصال بوجوه الدولة وأعيانها وتأتى له أن يصاحب المحلة المخزنية في عدة رحلات من تلك الرحلات التي كان يقوم بها المولى الحسن الأولى، رحمه الله، لتفقد أحوال الرعية ولتلافي ما يحدث في مختلف أطراف المملكة من ثغرات واضطربات. هذا ومن المعلوم أنه كان يسبق تلك الرحلات ترتيبات وإعدادات من جملتها المكاتيب الشريفة التي توجه للمسؤولين لتيسير المؤونة للمحلة، والأوامر التي كانت تصدر لمهندسي الدولة لمعاينة "الطرق الصالحة لمرور المحال المولوية، وتقسيم مراحلها بالساعات والدقائق، وتعيين الميادين الصالحة للمقام والكفيلة بالاستراحة... وتقييد القبائل التي يكون بها المرور بترابها، وعدة كل قبيلة في الحركة وما تقوم به من الخدمات". لقد قام مولاي الحسن بحوالي عشرين رحلة في مختلف أنحاء مملكته، وكان بطبيعة الحال يصحب معه بعض رؤساء البعثات العسكرية الأجنبية، إلا أنه، لما عزم على التوجه إلى تافيلالت، سنة 1310هـ، قصد "مشاهدة آثار أسلافه الكرام، ومعاينة معالمهم المثيرة، وقضاء المتعين من حقوقهم من حقوق المراحم الطيبة الجليلة. "كاتب نواب الدول التي لهل بالمغرب بعثات عسكرية (وهي فرنسا، واسبانيا، وانجلترا) ليأمروا أتباعهم العاملين بالتوجه إلى مراكش لانتظار عودة الرحلة الميمونة من تافيلالت اذ كان من المتعارف ألا يسمح لغير المسلمين بمرافقة جلالة الملك إلى مسقط رأسه الأمين وعرين أجداده المكرمين. وحيث أن الدكتور لينارس لم يكن معدودا من " الحرابة" وكان من جهة أخرى معروفا لدى وجوه الدولة وأعيانها، يأنسون بمكانه، ويستشيرونه في المعضلات الدبلوماسية، ويستفيدون من خبرته الطبية، ويستطيبون مكانه الطريفة ويستحسنون محادثته باللغة العربية، إذن له بمصاحبة الموكب الملكي مرتديا الزي المغربي الرسمي، واعد له كل ما قد يتوقف عليه من زاد وعتاد ومطايا وخدم، فكان المسيحي الوحيد الذي تسنى له أن يشاهد عن كتب ما وقع من مهم الأحداث في تلك الرحلة الصحراوية التي نظمها المولى حسن " ليجدد للاستقامة أساسا، ويرتب الأمور ترتيبا لا يبقى فيه انتكاسا" كما تسنى له أن يسجل ملاحظاته وانطباعاته حول مسيرة تلك القافلة التي كانت نظم أكثر من ثلاثين ألف نفر، وكانت سعة مخيمها لا تقل عن خمس كيلومترات مربعة". وفعلا فقد أتبت ملاحظاته في سجل سماه الكاتب لوبل "بمذكرة الرحلة" أو "كناش الطريق" وقال عنها "عن تلك المذكرة لا تتسم بصنعة أدبية أو صياغة بلاغية، فأسلوبها أسلوب بسيط واقعي ، إلا انها بمثابة لوحة زجاجية صافية وشفافة، ويستطيع الرائي أن يتتبع المشاهد التي تتولى خلفها، وهكذا تتجلى أمامه تفاصيل تلك الرحلة ذات الأهداف الروحية والمالية فيرى جميع الغمرات التي كانت تصحب عادة كل "حركة" مخزنية في المغرب القديم من مناوشات تأديبية وصعوبات التموين، ومن المكائد التي تحاك للتقرب من الملك، وكذا ما ينجم، في القبائل، من ألوان ردود الفعل. إنها عبارة عن شريط يعرضه شاهد عيان، بل ممثل من ممثلي تلك المسرحية السياسية ذات الفصول العديدة ليجلي أمامنا إطارها وأطوارها". ألقى الأستاذ رولان لوبل بالرباط، في أوائل العقد الرابع من القرن العشرين، سلسلة من المحاضرات حلل أثناءها المؤلفات التي كتبت باللغة الفرنسية عن المغرب ومقوماته، وتقاليد سكانه، وبالخصوص منذ القرن التاسع عشر، وقد ختم محاضرته عن الدكتور لينارس بقوله : " إننا كثيرا ما ننسى، ونحن منهمكون في البناء والإبداع، أولئك العمال النبغاء الذين كرسوا جهودهم بذكاء وتواضع ورباطة جأس، وغالبا في ظروف حرجة، لا الأمر إلا العمل على تمهيد الطريق للنفوذ الفرنسي بالمغرب. وإذا بعد طبع "رحلة الدكتور لينارس تكريما لعمله الإنساني الفرنسي وإعدادا مرجع مفيد للمهتمين بالتاريخ ... وحتى للأدباء". لقد نشرت تلك الرحلة على حدة بفرنسا تحت عنوان " رحلة إلى تافيلالت مع جلالة الملك مولاي الحسن سنة 1893" ثم أعيد طبعها بالمغرب سنة وفاته، في المجلة التي كانت يصدرها معهد الصحة Institut d’hygiéne)) وذلك سنة 1932. نعم يجوز للأستاذ لوبل أن ينوه بالدكتور لينارس وبمؤلفه لأنه أثبت فيه، بدون أدنى تحفظ أو تورية ما كان يقوم به من أعمال أو يوحي به من سلوك لجلب النفع لدولته أو لتحويل كل تصرف قد يلحق بها ضررا. حقا فإن الدكتور لينارس وصف وصفا مقتضبا ما كان يشاهده وهو يتجول ممتطيا فرسه أو راجلا وسط تلك الجموع من الجنود والمتطوعين والمرتزقة والأعوان والمغامرين في حلهم بين الإطناب والأوتاد وترحالهم بين قبائل مختلفة المشارب والمواقف وخلال سهول وطيئة فسيحة، أو جبال صعبة المرتقى أو واحات صحراوية يظللها نخيل نضير يريح القلوب والأبصار.. وهو أيضا أثبت في مذكرته المراحل وأسماء القبائل التي قدمت الخدمات أو تعرضت للعقوبات كما رسم بلمسات خفيفة، وفي غير ما هزات رومنسية أو إحساسات وجدانية، لوحات لما لفت انتباهه سواء كانت مناظر طبيعية أو مظاهر عمرانية من قصور وزوايا أو معاملات تجارية أو زيارات لمآثر تاريخية، أو حفلات دينية أو أفراح ترحيبية أو جلسات مخزنية أو اجراءات لتلافي المناوشات مع رعايا الدول الأجنبية كتلك التي وقعت"بين زناتة الريف وبين نصارى الاسبنيول من أهل مليلية وما والاها" إلا أنه كان يتهم كثيرا بسجيل الأخبار أو الأحداث التي لها صلة بالسياسة الفرنسية ويعمل كذلك، كما قلت أعلاه، على تلافي أضرارها أو التخفيف من حدتها. وإليكم نماذيج مما ورد ذكره في "مذكرته" من أخبار وأوصاف وانطباعات وتدخلات. أخبرنا أولا أنه كان يتوصل بين الفينة والأخرى بجرائد فرنسية كما كانت تصل جرائد مصرية للديوان الملكي وأنه كان على اتصال مستمر بنائب الدولة الفرنسية المقيم بطنجة. ففي العاشر من شهر غشت أرتاى جلالة الملك أن يكلف العلاف ( وزير الحرب) محمد الصغير الجامعي، الدكتور لينارس بمكاتبة نائب فرنسا بطنجة ليطلب منه العمل على اقتناء مجموعتين من المدافع الجبلية لتزويد المحلة الشريفة – فحرر الدكتور لينارس رسالة في الموضوع ووجهها إلى طنجة مع "رقاص" البريد الرسمي. إلا أنه لم يلبث أن أردف ذلك العمل الذي أنجزه لفائدة الجيش المغربي بأعمال لصالح وطنه وبني ملته : وفي ليلة 29 غشت، وبنزالة قرس، كان لينارس يسمر مع الوزير فضول غرنيط إذ اخبره هذا الأخير أن جلالة الملك توصل برسالة من السيد قدور بن حمزة الجزائري مؤرخه بفاتح صفر 1311 هـ(14 غشت 1893 ) يعبر له فيها عن تقديره واحترامه ويلتمس منه أن يأذن له بالهجرة إلى الأيالة الشريفة وأن يعتبره من رعاياه الأوفياء. وأضاف الوزير حسب قول لينارس "أن جلالة الملك كان مترددا في الإجابة بالقبول، لأنه لم ينس بعد المشاكل التي أثارها في الحدود الشرقية، ابن عم المذكور، سليمان بن حمزة بصفة خاصة وعشيرته، أولاد سيدي الشيخ بصفة عامة، ولأنه يرغب أيضا في أن تبقى العلاقات بين المغرب وفرنسا سليمة ودية. أشار إذ ذاك الدكتور لينارس على الوزير بتأجيل الجواب إلى أن يسأل عن الأسباب التي حملت قدور ابن حمزة على طلب السماح له بالهجرة إلى المغرب. فاستحسن الوزير رأيه ووعده بتقديم ذلك الاقتراح على جلالة الملك. ولم يلبث الدكتور أن قصد خيمته ليسجل ذلك الخبر في رسالة يوجهها لممثل فرنسا متيقنا حسب تعبيره "أن حاكم الجزائر العام سيستفيد بدون شك من تلك المعلومات". هذا ومن جملة ما شغل بال الدكتور لينارس في تلك الرحلة، وجود وفد من أهل توات، وعل رأسه قائد تيمي بوحسون الذين جاءوا بتاريخ 23 أكتوبر إلى تمليلت لتقديم مراسم الولاء للعاهل الكريم". يبدو أن مجيء ذلك القائد اقض مضجع الدكتور إذ قيل له أن ذلك القائد زعم بمحضر قائد الطبجية، مولاي احمد الصويري، بأنه كان له ضاع في إعداد الكمين الذي نصبه الطوارق للبعثة الصحراوية الفرنسية (سنة 1881 ) وقتلوا جميع أفرادها ومنهم الضابط فلاتير Flatters . فرغم طول الفترة الزمنية التي بين تاريخ هذه الحادثة وتاريخ الرحلة الشريفة لم يتمالك الدكتور من إبداء حنقه، وهو يسجل انطباعاته، حيث قال : "لو كنت حاضرا (أي في المجلس الذي ذكرت فيه تلك الحادثة) لما تأخرت عن مواجهة ذلك القتال بما يستحقه من لا استنكار لأمره، والاستبشاع لفعله.. إنها لفضيحة عظيمة ساعدني الحظ على طيها ! ". ومما سجله الدكتور لينارس عن موضوع توات ذكر الإستفبال الذي خصصه جلالة الملك ( في قصر أولاد حنابو بتاريخ 26 نوفمبر) لقائد تيمي أبي حسون، يوم وداعه، والذي علق عيه بقوله " غادر اليوم المحلة القائد أو حسون قاصدا توات، وقد وصله بهدية من جملنها جواد مطهم، وخباء، وثماني عشرة حلة، وزوده بطابعين جديدين لختم المكاتيب، وخمس عشرة رسالة (ظهائر) ربما تكون موجهة للخمسة عشر قائد، المزعوم أنهم من رجال المخزن الشريف والذين تعمدوا عدم المتول أمام الملك، لقد رأى أولئك الرؤساء، ورأيهم هو عين الصواب. أنه من الأصلح لهم أن يبقوا بمراكزهم، في أقصى جنوب عمالة وهران ! ". هذه نماذج من الأخبار في مواضيع لها علاقة بالسياسة الخارجية، فلنذكر الآن ملاحظات لينارس حول بعض التدابير الزجرية التي كانت تتخذ في المحلة، أو حول بعض الحفلات التي كانت تقام. في فاتح يليوز تجمعت الجيوش بمدو (قرب صفرو) فوزعت على مختلف الفرق الكساوي الجديدة وسلمت الصلات لأهلها حسب ما كان مسجلا في الدفاتر الملوكية، وحيث لوحظ، خلال الاستعراض أنه وقع شيء من "اللبس والتدليس" في التقاليد التي قدمها قادة الجيش، لم يبرح المدلون المكان إلا بعد أن نالوا حظهم من جلدات السياط" لتقصيرهم أو تهاونهم في تجنب سبيل الشيطان، ومما تجدر الإشارة إليه أن الدكتور لينارس طبع وصفه لتلك ( العملية التأديبية) بطابع من السخرية ناسبا ما يتبع التغاضي عن المفسدين من تماد في العصيان وترد في مهاوي الحسران " ومن أرسل نفسه مع الهوى فقد هوى في هوى". وفي 25 يليوز، كان الموكب المخزني مخيما بقرية أوطاط (ميدالت) إذ وفت وفود وجهها للملك القائد محمد أحمد الزياني لتزف له إحدى بناته قصد المصاهرة، وأرسل معها هدية جليلة قوامها خمسمائة رأس من الأغنام للركوب وللذبح معتذرا في رسالة عن عدم مثوله بالأعتاب الشريفة بكبر سنه وتوعك صحته إلا أن الدكتور لينارس علق على ذلك في بقوله : " إن ذلك القائد كان يقدر الخطر الذي ينتج عن تأدية مراسيم الطاعة والولاء من قريب" ويبدو أن الدكتور جاء بهذا الخاطر الطائش ليبرر ما كان يفعم قلبه من أمل في استغلال ما قد يكون بين العرب والبربر من نزعات و حزازات، ولكن لا يجوز لنا أن نساير الكاتب فنسيء الظن بذلك القائد الأبي الذي أظهر فيما بعد، شدة مقاومته للاحتلال الأجنبي، والذي وصف لقاؤه الأول بالملك مولاي الحسن سنة 1305 هـ. بالعبارات التالية : " .. ولما حل بجنوده بالحمل المعروف بسيدي بورمان، وجد في استقباله هنالك القائد محمد أحم الزياني قيما يزيد عل الألف فارس، ولما أشرفت الجلالة السلطانية عليهم، وأشرقت أنوار محياه بحيهم، ترجل القائد المذكور وأدى التحية المخزنية كما يجب، وقبل الركاب كبقية إخوانه أعلنوا بالسمع والطاعة، والتمسوا صالح الأدعية، وحامرهم من الفرح والارتياح ما لم يكن في الحسبان، وأحدقوا بالمركب الشريف يتمسحون ويتعلقون بالأذيال حتى حالوا بين السلطان وبين جل الخاصة من حاشيته، والسلطان يهش في وجوههم ويبش ويظهر من الانشراح و التنازل ما زادهم غراء وإغراقا في التهتك في حبه و الميل بالقلب والقالب إليه ...". ورد في مذكرة الدكتور لينارس وصف موجز ومرسوم بسمة التقدير، لزيارة الملك لقصر الهيني، قرب قرس قصد تأدية صلاة العصر بالمسجد الذي بناه مولاي علي الشريف فقال عنها : "وقف مولاي عي الشريف بقرس عندما كان متوجها من تافيلالت إلى فاس، فاستطاب المكان واشترى قطعة من الأرض وأسس بها قصرا من القصور المخزنية ومسجدا ومكث هناك ليشرف بنفسه على البناء ولما طال به المقام رجع إلى تافيلالت من غير أن يصل إلى فاس. وهكذا كانت صلاة مولاي الحسن لذلك المسجد بمثابة صلاة وتبرك بمآثره من مآثر أجداده، وتراحم على روحه". وأشار لينارس إلى الأفراح التي نظمت بقم تغانمين (تغورين؟)، في 23 شتنبر الاحتفال بعيد المولد النبوي فتلك المناسبة أحييت ليلة المولد، في الصوان الملكي، بترتيل القرءان الكريم وإنشاد الأمداح النبوية، واهتزت الآفاق بأصداء الطلقات المدفعية، كما باتت وظلت الدفوف ونغمات مزامير الطوائف العيسوية تتردد في رحاب المحلة، فعم الناس يومئذ، البشر مسرور، وشملتهم معالم الفرح والحبور. وكان لينارس وخدمه من جملة المستبشرين إذ توصل "هو كذلك بحق العيد، أي خمسين كيلو دقيقا، وخابيتين كعكا، وقربة سمنا، وخمسة قواليب سكر، وخمس علب أتاي". وعندما صلت الحركة الملكية إلى المعاضيد (بتاريخ نونبر، وهي المرحلة الثالثة والثلاثين). وحل الموكب بقصر الدارالبيضاء، وهي مئوى أسر كثيرة من سلالة التبعة العلوية الطيبة، لم يتماسك الدكتور لينارس عن "تسجيل" إعجابه بما لقيه العاهل الهمام من حفاوة وإكرام، تلك الحفاوة التي ورد وصفها في كتاب الأتحاف كما يلي : "فاكبوا على ركابه الشريف، شرفاء وطلبة ورجالا ونسوانا، معلنين بضمائر المحبة والاشتياق، ومظهرين من كمال الفرح ملا يوصف حده ولا يطاق، وكذلك جميع أهل الزوايا وأصحاب الأحوال، فكل طائفة تلهج برنات السرور، وتضرب آلات الفرح، وتنشر أعلام الأجلال، وحتى أسفرت أيام المسرات هناكم عن أبهج المباسم، وغدت من أيام الأعياد والولائم والمواسم ..". وأثناء هذه الحفلات، بينما كان الدكتور لينارس يتعجب من تلك الأفواج المتماوجة من البشر، إذ أشار إليه فتى فيلالي بسبابة يمناه وصاح في وجهه مستنكرا : "أنت نصراني !! "فتجمهر الناس حولهما، واتجهت الأنظار الفاحصة نحو لينارس إلا أن هذا واجه الفتى بثبات ورباطة جأش وخاطبه قائلا : "الله يلعن الفضوليين الكذابين إلي كيفك !! " فتعالت ضحكات الحاضرين وأنب بعضهم الشاب على تدخله فينا لا يعنيه. فتراجع وهو يغمغم " يعرف العربية ولكن هو نصراني !". وهكذا نجا لينارس من القتل، ويعلم الله وحده ما قد كان ينتج عنه ذلك من مشاكل دبلوماسية ! ليس من اليسير تلخيص ما ورد في مذكرة لينارس وهي في الواقع " يوميات" قيد فيها بصورة جد موجزة انطباعاته عما كان يشاهده، وآراءه فيما كان يسمعه من أخبار. إن متصفحها لا بد أن بعثر فيها على تقييدات قد تعتبر تافهة، إلا أنها تلقي أضواء على بعض الأحداث التاريخية، كذكر "جنود الضيف الأجنبي الذين فروا من جنان بورزاق بالجزائر والتجاؤا إلى التراب المغربي، وذكر الحيل التي استخدمها الصحفي الانجليزي باريس للالتحاق بالموكب السلطاني بتافيلالت" ويجد معلومات لا تخلو من فائدة وان كان ينقصها التنسيق كتلك التي تتعلق بالأسواق – ومنها سوق عام بأيت حديدو – وما كان يقع أحيانا في بعضها من تواطؤ لرفع أثمان المواد الغذائية، أو تلك التي تتعلق بالحزازات بين آيت عطة وآيت افلمان، أو بالتدابير التي كان يتخذها الملك خلال الرحلة، لإخضاع القبائل المتمردة، وجبرها على تأدية ما عليها من وظائف وخدمات. ويجد فيها معلومات طريفة وإن كانت سطحية عن نفوذ رجال الزوايا الدرقاوية – ومنها زاوية رحمة الله – في المداشر الفيلالية، وعن لعب القمار في آيت حديدو – (لعبة بالفرد وبالزوج أو بسنك) – وما كان يقدم عليه السفهاء منهم عن المقامرة حتى على نسائهم. وخلاصة القول فإن مذكرة الدكتور لينارس تتضمن ملاحظات وتقييدات تشهد لمنشئها بالصبر والتيقظ، إن لم تكن تشهد له بسلامة الطوية، وهي على كل حال، ملاحظات وتقييدات مفيدة للمؤرخ السياسي وللباحث الاجتماعي. الموضوعالأصلي : مذكرة الدكتور لينارس عن رحلة جلالة الملك مولاي الحسن الأول إلى تافلالت // المصدر : ممنتديات جواهر ستار التعليمية //الكاتب: الجزائرية
| |||||||
الإشارات المرجعية |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 20 ( الأعضاء 3 والزوار 17) | |
|
| |
أعلانات نصية | |
قوانين المنتدى | |
إعــــــــــلان | إعــــــــــلان | إعــــــــــلان | إعــــــــــلان |