بعض الانتقادات لقانون حمورابيبعض الانتقادات لقانون حمورابي
1- القسوة في الأحكام : يرى البعض إن حمورابي لم يجار التطور العام في الأحكام حيث رجع إلى مبدأ القصاص في العقاب بعد ما كان مبدأ الدية سائدا قبله و خاصة في قانون اورنمو , كما انه اتسم بطابع القسوة في العقوبات الجنائية حيث جاءت عقوبة الإعدام في كثير من الحالات ( كشهادة الزور و سرقة المعابد و تخلف الجندي عن واجبه في أوقات الحرب ) كما كانت هناك عقوبات بتر الأعضاء ( كقطع يد الابن الذي يضرب أباه و قطع إذن العبد الذي ينكر سلطة سيده )
الرد على هذه النقطة : إن تأسيس دولة موحدة تزهو إلى التقدم و الازدهار و استتباب الأمن في دولة قامت على أنقاض مجموعة من دويلات المدن القائمة على النزاع و الفوضى لا بد أن يستند إلى أحكام قاسية تردع المخالف و توطد الأمن .
2- عدم ذكر بعض المسائل المهمة : فعلى سبيل المثال لم يتعرض قانون حمورابي لجريمة القتل العمد و لم يذكر عقد البيع المباشر .
الرد على هذه النقطة : لم يسن حمورابي كل الأعراف و القوانين التي كانت قبله بل عالج ما كان غامضا منها و محل شك أما مثل هذه الحالات فحكمها معروف و قبل قانون حمورابي .
3- ثنائية الحلول : وضع قانون حمورابي في بعض الحالات حكمين مختلفين لمسالة واحدة احدهما مستمد من أصل سومري و الآخر أكدي خاصة في مسائل شخصية كالزواج و الطلاق و هذا يعني اختيار الأفراد أي من الحكمين دون الآخر .
الرد على هذه النقطة : بعد قيام الدولة الموحدة في العراق أراد حمورابي أن يوحد القوانين أيضا لا سيما في الجزأين المهمين في إمبراطوريته سومر و أكد و مع رغبته في ترجيح الحضارة الاكدية على السومرية إلا انه لم يتمكن أن يلغي بعض الأنظمة السومرية التي كانت سائدة لذلك وضعها في قانونه الى جانب الأحكام الاكدية .
رغم إن قانون حمورابي لا يعد أول قانون وضعي في تاريخ البشرية إذ سبقه قانون اورنمو و اشنونا و لبث عشتار .. إلا انه يعتبر انضج قانون مدون مكتشف لحد الآن لذلك ظل المحور الرئيسي لأي دراسة قانونية في العالم و قد اتسم بعدة خصائص ميزته عن القوانين الغربية و الشرقية التي تزامنت معه و أهم هذه الخصائص :
1- تقدمية هذا القانون بالنسبة للقوانين التي سبقته : فقد أوكل الأمور الجنائية للملك و القضاة بدل الانتقام الفردي كأخذ الثار و هذا مؤشر على نمو فكر ة السلطة , كما أولى عناية بالأسرة و كان للمرأة مكانة جيدة بقانون حمورابي إذ حفظ حقوقها في حالات الطلاق بعكس بعض القوانين التي لم تعترف لها بأي حقوق .
2- أسلوبه العلمي : جاء قانون حمورابي بأسلوب علمي كما في القوانين الحديثة و تجنب الأسلوب الشعري كما جاء في قانون مانو الهندي كما تميز قانون حمورابي بوضوح عباراته و صيغه القانونية .
3- تلبية حاجات مجتمع متقدم : وصل قانون حمورابي إلى درجة من الرقي قياسا للقوانين القديمة ملبيا بذلك حاجات شعب ذو مدنية متقدمة فقد تضمن مبادئ للملكية الفردية و حرية التعاقد و توصل لمفاهيم قانونية كالعقود الباطلة و الحيل القانونية .
4- خلوه من الأحكام الدينية : لم يتضمن أي أحكاما دينية أو عقوبات أخروية بعكس القانون الهندي القديم .
5- معالجته بعض المسائل الاجتماعية : اتجه نحو تحقيق العدالة بشكل عام لكل الناس عن طريق تحديد أجور كثير من الأعمال و تحديد اجر رسمي للعامل .
6- حرصه على نزاهة المحاكم : ألزمت المادة الخامسة من القانون مراقبة القضاة و الحرص على نزاهتهم فالقاضي الذي يخالف القانون يقصى من منصبه إلى الأبد و يدفع غرامة اثني عشر ضعف ما حكم به .
7- تنظيم أحكام الميراث : أمر بتقسيم الأموال بين الأبناء بالتساوي بعكس القوانين التي كانت تعطي الحق بالإرث للابن الأكبر فقط .
8- حماية حقوق القاصرين : و نذكر انه يمنع الأرملة من الزواج إذا كان لها أطفال قاصرون إلا بأذن من القضاة و تعهد الزوج الجديد بالمحافظة على أموالهم و تربيتهم و عدم قدرة الزوجة على التصرف بأموال أولادها القاصرين .
9- إقرار بعض القوانين للرقيق : خاصة بما يتعلق بالزواج و الميراث و العمل , فلهم أن يتزوجوا من طبقتهم أو من طبقة الأحرار كما سمح لهم بتملك الأموال و التجارة بعكس قانون الألواح الروماني الذي لم يقر أي حقوق للرقيق .
في النهاية يمكننا لن نفخر ليس بقانون حمورابي بذاته و انما بعقول اجدادنا الذين سنوا هذا القانون في وقت كانت شعوب العالم تعيش به حياة بدائية